[ ص: 347 ] حديث أبي رزين في البعث والنشور
أخبرنا شيخنا الحافظ أبو الحجاج يوسف بن عبد الرحمن المزي - تغمده الله برحمته - وغير واحد من المشايخ ، قراءة عليهم ، وأنا أسمع ، قالوا : أخبرنا فخر الدين علي بن عبد الواحد بن البخاري ، وغير واحد ، قالوا : أخبرنا حنبل بن عبد الله المكبر ، أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن الحصين الشيباني ، أخبرنا أبو علي الحسن بن علي؟ ابن المذهب التميمي ، أخبرنا أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر بن حمدان بن مالك القطيعي ، رحمه الله ، في " مسند أبيه " ، قال : كتب إلي عبد الله بن الإمام أحمد بن حنبل ، : كتبت إليك بهذا الحديث ، وقد عرضته ، وسمعته على ما كتبت به إليك ، فحدث بذلك عني . قال : حدثني إبراهيم بن حمزة بن محمد بن حمزة بن مصعب بن الزبير الزبيري عبد الرحمن بن المغيرة الحزامي ، قال : حدثني عبد الرحمن بن عياش السمعي الأنصاري القبائي - من بني عمرو بن عوف ، عن دلهم بن الأسود بن عبد الله بن حاجب بن عامر بن المنتفق العقيلي ، عن أبيه ، عن عمه لقيط بن عامر ، قال دلهم : وحدثنيه أبي الأسود ، عن عاصم بن لقيط - لقيطا خرج وافدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه صاحب له ، يقال له : نهيك بن عاصم بن مالك بن المنتفق ، قال لقيط : فخرجت أنا وصاحبي حتى قدمنا على رسول [ ص: 348 ] الله صلى الله عليه وسلم لانسلاخ رجب ، فأتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فوافيناه حين انصرف من صلاة الغداة ، فقام في الناس خطيبا فقال : " أيها الناس ، ألا إني قد خبأت لكم صوتي منذ أربعة أيام ، ألا لأسمعنكم ، ألا فهل من امرئ بعثه قومه ، فقالوا : اعلم لنا ما يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ألا ثم لعله أن يلهيه حديث نفسه ، أو حديث صاحبه ، أو يلهيه الضلال ، ألا إني مسئول : هل بلغت؟ ألا اسمعوا تعيشوا ، ألا اجلسوا ، ألا اجلسوا " . قال : فجلس الناس ، وقمت أنا وصاحبي ، حتى إذا فرغ لنا فؤاده وبصره ، قلت : يا رسول الله ، ما عندك من علم الغيب؟ فضحك لعمر الله ، وهز رأسه ، وعلم أني أبتغي لسقطه ، فقال : " " . وأشار بيده ، قلت : وما هن؟ قال : " علم المنية ، قد علم متى منية أحدكم ولا تعلمونه ، وعلم المني حين يكون في الرحم ، قد علمه ولا تعلمون ، وعلم ما في غد وما أنت طاعم غدا ولا تعلمه ، وعلم يوم الغيث يشرف عليكم آزلين مسنتين ، فيظل يضحك ، قد علم أن غيركم إلى قريب " . قال ضن ربك ، عز وجل ، بمفاتيح خمس من الغيب ، لا يعلمها إلا الله لقيط : قلت : لن نعدم من رب يضحك خيرا . " وعلم يوم الساعة " . قلت : يا رسول الله ، علمنا مما تعلم الناس ، وما تعلم ، فإنا من قبيل لا يصدقون تصديقنا أحد من مذحج التي تربو علينا ، [ ص: 349 ] وخثعم التي توالينا ، وعشيرتنا التي نحن منها . قال : " تلبثون ما لبثتم ، ثم يتوفى نبيكم ، ثم تلبثون ما لبثتم ، ثم تبعث الصائحة ، لعمر إلهك ما تدع على ظهرها من شيء إلا مات ، والملائكة الذين مع ربك عز وجل ، فأصبح ربك عز وجل يطوف في الأرض ، وخلت عليه البلاد ، فأرسل ربك عز وجل السماء تهضب من عند العرش فلعمر إلهك ما تدع على ظهرها من مصرع قتيل ، ولا مدفن ميت إلا شقت القبر عنه ، حتى تخلفه من عند رأسه ، فيستوي جالسا ، فيقول ربك : مهيم؟ لما كان فيه ، فيقول : يا رب ، أمس ، اليوم ، فلعهده بالحياة يحسبه حديثا بأهله " . فقلت : يا رسول الله ، كيف يجمعنا بعدما تمزقنا الرياح والبلى والسباع ؟ قال : " أنبئك بمثل ذلك في آلاء الله ، الأرض أشرفت عليها وهي مدرة بالية " ، فقلت : لا تحيا أبدا . " ثم أرسل ربك ، عز وجل ، عليها السماء ، فلم تلبث عليك إلا أياما حتى أشرفت عليها ، وهي شربة واحدة ، ولعمر إلهك لهو أقدر على أن يجمعكم من الماء ، على [ ص: 350 ] أن يجمع نبات الأرض ، فتخرجون من الأصواء ، ومن مصارعكم ، فتنظرون إليه ، وينظر إليكم " .
قال : قلت : يا رسول الله ، وكيف ونحن ملء الأرض ، وهو شخص واحد ينظر إلينا ، وننظر إليه؟ قال : " أنبئك بمثل ذلك في آلاء الله عز وجل ، الشمس والقمر آية منه صغيرة ، ترونهما ويريانكم ساعة واحدة ، لا تضامون في رؤيتهما ، ولعمر إلهك لهو أقدر على أن يراكم وترونه منهما " . قال : قلت : يا رسول الله ، فما يفعل بنا ربنا ، عز وجل ، إذا لقيناه ؟ قال : " تعرضون عليه بادية له صفحاتكم ، لا يخفى عليه منكم خافية ، فيأخذ ربك عز وجل بيده غرفة من الماء ، فينضح قبيلكم بها ، فلعمر إلهك ما تخطئ وجه أحدكم منها قطرة ، فأما المؤمن فتدع وجهه مثل الريطة البيضاء ، وأما الكافر فتخطمه بمثل الحمم الأسود ، ألا ثم ينصرف نبيكم ، وينصرف الصالحون على أثره ، [ ص: 351 ] فتسلكون جسرا من النار ، فيطأ أحدكم الجمر فيقول : حس . فيقول ربك ، عز وجل : أو أنه . فتطلعون على على أظمإ - والله - ناهلة قط رأيتها ، فلعمر إلهك ما يبسط واحد منكم يده إلا وقع عليها قدح يطهره من الطوف ، والبول ، والأذى ، وتحبس الشمس ، والقمر ، ولا ترون منهما واحدا " . قال : قلت : يا رسول الله ، فبم نبصر ؟ قال : " بمثل بصرك ساعتك هذه ، وذلك مع طلوع الشمس في يوم أشرقت فيه الأرض وواجهته الجبال " . حوض الرسول
قال : قلت : يا رسول الله ، فبم نجزى من سيئاتنا وحسناتنا ؟ قال : " " . قال : قلت : يا رسول الله ، ما الجنة وما النار ؟ قال : " لعمر إلهك إن للنار لسبعة أبواب ، ما منهن بابان إلا يسير الراكب بينهما سبعين عاما ، وإن للجنة لثمانية أبواب ، ما منهن بابان إلا يسير الراكب بينهما سبعين عاما " . قال : قلت : يا رسول الله ، [ ص: 352 ] فعلام نطلع من الجنة؟ قال : " على الحسنة بعشر أمثالها ، والسيئة بمثلها إلا أن يعفو ، وأنهار من كأس ما بها من صداع ولا ندامة ، وأنهار من لبن لم يتغير طعمه ، وماء غير آسن ، وفاكهة لعمر إلهك ما تعلمون ، وخير من مثله معه ، وأزواج مطهرة " . قلت : يا رسول الله ، ولنا فيها أزواج؟ أو منهن مصلحات ؟ قال : " الصالحات للصالحين ، تلذونهن مثل لذاتكم في الدنيا ويلذذن بكم غير أن لا توالد " . أنهار من عسل مصفى
قال لقيط : فقلت : أقصى ما نحن بالغون ومنتهون إليه; فلم يجبه النبي صلى الله عليه وسلم ، قلت : يا رسول الله ، علام أبايعك ؟ قال : فبسط رسول الله صلى الله عليه وسلم يده ، وقال : " على إقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وزيال المشرك ، وأن لا تشرك بالله غيره " .
قال : قلت : وإن لنا ما بين المشرق والمغرب ؟ فقبض النبي صلى الله عليه وسلم يده ، وظن أني مشترط شيئا لا يعطينيه . قال : قلت : نحل منها حيث شئنا ، ولا يجني على امرئ إلا نفسه ، فبسط يده وقال : " ذلك لك ، تحل حيث شئت ولا يجني عليك إلا نفسك " . قال : فانصرفنا ، فقال : [ ص: 353 ] إن هذين - لعمر إلهك - من أتقى الناس في الأولى والآخرة " . فقال له كعب بن الخدارية ، أحد بني بكر بن كلاب : من هم يا رسول الله ؟ قال : " بنو المنتفق أهل ذلك " . قال : فانصرفنا ، وأقبلت عليه ، فقلت : يا رسول الله ، هل لأحد ممن مضى خير في جاهليتهم ؟ قال : فقال رجل من عرض قريش : والله إن أباك المنتفق لفي النار . قال : فلكأنه وقع حر بين جلدي ووجهي ولحمي; مما قال لأبي ، على رءوس الناس ، فهممت أن أقول : وأبوك يا رسول الله ؟ ثم إذا الأخرى أجمل ، فقلت : يا رسول الله ، وأهلك ؟ قال : " وأهلي ، لعمر الله ما أتيت عليه من قبر عامري أو قرشي من مشرك ، فقل : أرسلني إليك محمد ، فأبشرك بما يسوءك ; تجر على وجهك وبطنك في النار " .
قال : قلت : يا رسول الله ، ما فعل بهم ذلك ، وقد كانوا على عمل لا يحسنون إلا إياه ، وقد كانوا يحسبون أنهم مصلحون ؟ قال : " ذلك بأن الله بعث في آخر كل سبع أمم - يعني نبيا - فمن عصى نبيه كان من الضالين ، ومن أطاع نبيه كان من المهتدين " . أن
وقد رواه أبو داود في رواية " عن أبي سعيد بن الأعرابي أبي داود ، " عن [ ص: 354 ] الحسن بن علي ، عن إبراهيم بن حمزة ، به ، قال شيخنا : لعله من زيادات ابن الأعرابي .
وقال وقد جمع أحاديث وآثارا في مجلد تشهد لحديث الصور في متفرقاته : أخبرنا الوليد بن مسلم ، عن سعيد بن بشير ، قتادة ، في قوله : واستمع يوم ينادي المنادي من مكان قريب [ ق : 141 ] قال : ملك قائم على صخرة بيت المقدس ، ينادي : أيتها العظام البالية ، والأوصال المتقطعة ، إن الله يأمركن أن تجتمعن لفصل القضاء . وبه عن قتادة قال : لا يفتر عن أهل القبور عذاب القبر إلا فيما بين نفخة الصعق ونفخة البعث ، فلذلك يقول الكافر حين يبعث : يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا [ يس : 152 ] يعني تلك الفترة ، فيقول له المؤمن : هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون [ يس : 52 ] .
وقال أبو بكر بن أبي الدنيا : حدثني علي بن الحسين بن أبي مريم ، عن محمد بن الحسين ، حدثني صدقة بن بكر السعدي ، حدثني معدي بن سليمان ، قال : كان أبو محلم الجسري يجتمع إليه إخوانه ، وكان [ ص: 355 ] حكيما ، وكان إذا تلا هذه الآية : ونفخ في الصور فإذا هم من الأجداث إلى ربهم ينسلون قالوا يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون [ 51 ، 52 ] ، بكى ، ثم قال : إن القيامة لمعاريض ، صفة ذهبت فظاعتها بأوهام العقول ، أما والله ، لئن كان القوم في رقدة مثل ظاهر قولهم لما دعوا بالويل عند أول وهلة من بعثهم ، ولم يوقفوا بعد موقف عرض ولا مساءلة ، إلا وقد عاينوا خطرا عظيما ، وحققت عليهم القيامة بالجلائل من أمرها ، ولئن كانوا في طول الإقامة في البرزخ; كانوا يألمون ويعذبون في قبورهم ، فما دعوا بالويل عند انقطاع ذلك عنهم إلا وقد نقلوا إلى طامة هي أعظم منه ، ولولا أن الأمر على ذلك لما استصغر القوم ما كانوا فيه فسموه رقادا بالنسبة إلى ما يستقبلون من أهوال يوم القيامة ، كما يقال هذا الشيء عند هذا الشيء رقادا ، وإن كان في الأول شدائد وأهوال ، ولكنه بالنسبة إلى ما هو أشد منه وأدهى وأمر كأنه رقاد ، وإن في القرآن لدليلا على ذلك ، حين يقول : فإذا جاءت الطامة الكبرى [ النازعات : 34 ] ، قال : ثم يبكي حتى يبل لحيته .
وقال : حدثني الوليد بن مسلم عبد الله بن العلاء ، حدثني بسر بن عبيد الله الحضرمي ، سمعت أبا إدريس الخولاني يقول : اجتمع الناس إلى سائح بين [ ص: 356 ] العراق والشام في الجاهلية ، فقام فيهم فقال : أيها الناس ، إنكم ميتون ، ثم مبعوثون إلى الإدانة والحساب . فقام رجل فقال : والله لقد رأيت رجلا لا يبعثه الله أبدا ، رأيته وقع عن راحلته في موسم من مواسم العرب ، فوطئته الإبل بأخفافها ، والدواب بحوافرها ، والرجالة بأرجلها ، حتى رم فلم يبق منه أنملة . فقال السائح : بيد أنك من قوم سخيفة أحلامهم ، ضعيف يقينهم ، قليل علمهم ، لو أن الضبع بيتت تلك الرمة فأكلتها ، ثم ثلطتها ، ثم غدت عليه الناب فأكلته وبعرته ، ثم غدت عليه الجلالة فالتقطته ، ثم أوقدته تحت قدر أهلها ، ثم نسفت الرياح رماده - لأمر الله يوم القيامة كل شيء أخذ منه شيئا أن يرده ، فرده ، ثم بعثه الله للإدانة والثواب .
وقال : حدثني الوليد بن مسلم عبد الرحمن بن يزيد بن جابر ; أن شيخا من شيوخ الجاهلية القساة قال : يا محمد ، ثلاث بلغني أنك تقولهن ، لا ينبغي لذي عقل أن يصدقك فيهن ، بلغني أنك تقول : إن العرب تاركة ما كانت تعبد هي وآباؤها ، وإنا سنظهر على كنوز كسرى وقيصر ، وإنا سنبعث بعد أن نرم .
[ ص: 357 ] فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أجل ، والذي نفسي بيده ، لتتركن العرب ما كانت تعبد هي وآباؤها ، ولتظهرن على كنوز كسرى وقيصر ، ولتموتن ثم لتبعثن ، ثم لآخذن بيدك يوم القيامة فلأذكرنك مقالتك هذه " . قال : ولا تضلني في الموتى ولا تنساني؟ قال : " ولا أضلك في الموتى ولا أنساك " . قال : فبقي ذلك الشيخ حتى قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ورأى ظهور المسلمين على كنوز كسرى ، وقيصر ، فأسلم ، وحسن إسلامه ، وكان كثيرا ما يسمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه نحيبه وبكاءه ، في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم لإعظامه ما كان واجه به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان عمر يأتيه ويسكن منه ، ويقول : قد أسلمت ووعدك رسول الله صلى الله عليه وسلم الود أن يأخذ بيدك ، ولا يأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيد أحد إلا أفلح وسعد ، إن شاء الله .
وقال أبو بكر بن أبي الدنيا : حدثنا فضيل بن عبد الوهاب ، أخبرنا هشيم ، عن أبي بشر ، عن سعيد بن جبير ، قال : العاص بن وائل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعظم حائل ففته ، وقال : يا محمد ، أيبعث الله هذا؟ قال : " نعم ، يميتك الله ، ثم يحييك ، ثم يدخلك نار جهنم " . فنزلت وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم [ يس : 78 ، 79 ] . جاء
وقال الضحاك في قوله تعالى : ولقد علمتم النشأة الأولى [ ص: 358 ] [ الواقعة : 62 ] ، . قال : خلق آدم وخلقكم ، فلولا تصدقون [ الواقعة : 57 ] ، قال : فهلا تصدقون .
وعن قال : كان يقال : عجبا لمن يكذب بالنشأة الآخرة ، وهو يرى النشأة الأولى ، يا عجبا كل العجب لمن يكذب بالنشر بعد الموت ، وهو ينشر في كل يوم وليلة . رواه أبي جعفر الباقر ابن أبي الدنيا .
وقال أبو العالية في قوله تعالى وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه [ الروم : 27 ] ، قال : إعادته أهون عليه من ابتدائه ، وكل عليه يسير . رواه ابن أبي الدنيا .
وقال : حدثنا الإمام أحمد عبد الرزاق ، حدثنا معمر ، عن ، عن همام بن منبه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أبي هريرة ، وهو ثابت في " الصحيحين " " قال الله تعالى : كذبني عبدي ولم يكن له ذلك ، وشتمني ولم يكن له ذلك ، أما تكذيبه إياي فقوله : لن يعيدني كما بدأني . وأما شتمه إياي فقوله : اتخذ الله ولدا . وأنا الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد " .
[ ص: 359 ] وفيهما قصة الذي عهد إلى بنيه إذا مات أن يحرقوه ، ثم يذروا - يوم ريح - نصف رماده في البر ونصفه في البحر ، وقال : والله لئن قدر الله علي ليعذبني عذابا لا يعذبه أحدا من العالمين . وذلك أنه لم يدخر له عند الله حسنة واحدة . فلما مات فعل به بنوه ما أمرهم به . فأمر الله البر فجمع ما فيه ، وأمر البحر فجمع ما فيه ، فإذا هو رجل قائم بين يدي ربه ، فقال له : ما حملك على هذا؟ قال : خشيتك ، وأنت أعلم . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فما تلافاه أن غفر له .
وعن صالح المري قال : دخلت المقابر نصف النهار ، فنظرت إلى القبور كأنهم قوم صموت ، فقلت : سبحان من يحييكم وينشركم من بعد طول البلى . فهتف بي هاتف من بعض تلك الحفر : يا صالح ، ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره ثم إذا دعاكم دعوة من الأرض إذا أنتم تخرجون [ الروم : 25 ] . قال : فخررت والله مغشيا علي .