[ ص: 41 ] ثم دخلت سنة إحدى عشرة وستمائة
فيها أرسل الملك خوارزم شاه أميرا من أخصاء أمرائه عنده ، وكان قبل ذلك سيروانا ، فصار أميرا خاصا ، فبعثه في جيش ، ففتح له كرمان ومكران ، وإلى حدود بلاد السند ، وخطب لخوارزم شاه بتلك النواحي ، وكان خوارزم شاه لا يصيف إلا بنواحي سمرقند خوفا من التتار أصحاب كشلي خان أن يتوثبوا على أطراف بلاده التي تتاخمهم .
قال أبو شامة : وفيها شرع في تبليط داخل الجامع ، وبدأوا بناحية السبع الكبير ، وكانت أرض الجامع قبل ذلك حفرا وجورا . فاستراح الناس بتبليطه .
وفيها وسع الخندق مما يلي القيمازية ، فأخربت دور كثيرة هناك ، وحمام قايماز وفرن كان وقفا على دار الحديث النورية وغير ذلك .
وفيها بنى المعظم الفندق المنسوب إليه بناحية قبر عاتكة ظاهر باب الجابية .
[ ص: 42 ] وفيها صرخد من ابن قراجا ، وعوضه عنها ، وسلمها إلى مملوكه عز الدين أيبك المعظمي ، فثبتت في يده إلى أن انتزعها منه أخذ المعظم قلعة نجم الدين أيوب سنة أربع وأربعين .
وفيها حج الملك المعظم بن العادل ، ركب من الكرك على الهجن في حادي عشر ذي القعدة ، ومعه ابن موسك ، ومملوكه أيبك ، عز الدين أستاذ داره وخلق ، فسار على طريق تبوك والعلاء ، وبنى المعظم البركة المنسوبة إليه ، ومصانع أخر . فلما قدم المدينة النبوية تلقاه صاحبها سالم ، وسلم إليه مفاتيحها ، وخدمه خدمة تامة ، وأما صاحب مكة قتادة ، فلم يرفع به رأسا ، ولهذا لما قضى نسكه ، وكان قارنا ، وأنفق في المجاورين ما حمله إليهم من الصدقات ، وكر راجعا استصحب معه سالما صاحب المدينة ، وشكا إلى أبيه عند رأس الماء ما لقيه من صاحب مكة ، فأرسل العادل مع سالم جيشا يطردون صاحب مكة عنها ، فلما انتهوا إليها هرب منهم في الأودية والجبال والبراري ، وقد أثر المعظم في هذه السنة بطريق الحجاز آثارا حسنة ، أثابه الله وتقبل منه آمين .
وفيها تعامل أهل دمشق بالقراطيس السود العادلية ، ثم بطلت بعد ذلك وفنيت .
اليمن ابن سيف الإسلام ، فتولاها وفيها مات صاحب سليمان بن شاهنشاه بن تقي الدين عمر بن شاهنشاه بن أيوب باتفاق الأمراء عليه ، فأرسل العادل إلى [ ص: 43 ] ابنه الكامل أن يرسل إليها ولده أقسيس بن الكامل ، فأرسله فتملكها فظلم بها وفتك ، وقتل من الأشراف نحوا من ثمانمائة ، وأما ممن عداهم فكثير ، وكان من أفجر الملوك وأكثرهم فسقا ، وأقلهم حياء ودينا ، وقد ذكروا عنه ما تقشعر منه الأبدان ، وتنكره القلوب ، نسأل الله العافية .