[ ص: 708 ] ثم دخلت سنة ثمان وتسعين وستمائة
استهلت والخليفة الحاكم العباسي ، وسلطان البلاد المنصور لاجين ، ونائبه بمصر مملوكه سيف الدين منكوتمر ، وقاضي الشافعية الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد ، والحنفي حسام الدين الرازي ، والمالكي والحنبلي كما تقدم ، ونائب الشام سيف الدين قبجق المنصوري ، وقضاة الشام هم المذكورون في التي قبلها ، والوزير تقي الدين توبة ، والخطيب بدر الدين بن جماعة .
سيس بسبب المرض الذي أصاب بعضهم ، فجاء كتاب السلطان بالعتب الأكيد والوعيد الشديد لهم ، وأن الجيش يخرج جميعه صحبة نائب السلطنة ولما كان في أثناء المحرم رجعت طائفة من الجيش من بلاد قبجق إلى هناك ، ونصب مشانق لمن تأخر بعذر أو غيره ، فخرج نائب السلطنة الأمير سيف الدين قبجق ، وصحبته الجيوش ، وخرج أهل البلد للفرجة على الأطلاب على ما جرت به العادة ، فبرز نائب السلطنة في أبهة عظيمة وتجمل هائل ، فدعت له العامة ، وكانوا يحبونه ، واستمر الجيش سائرين قاصدين بلاد سيس ، فلما وصلوا إلى حمص بلغ الأمير سيف الدين قبجق وجماعة من الأمراء أن السلطان متقلب الخاطر عليهم بسبب سعي منكوتمر فيهم ، وعلموا أن السلطان لا يخالفه لمحبته [ ص: 709 ] له ، فاتفق جماعة منهم على الدخول إلى بلاد التتار والنجاة بأنفسهم ، فساقوا من حمص فيمن أطاعهم ، وهم قبجق وبزلى وبكتمر السلحدار ألبكي ، واستمروا ذاهبين ، فرجع كثير من الجيش إلى دمشق ، وتخبطت الأمور ، وتأسفت العوام على قبجق لحسن سيرته فيهم ، وذلك في ربيع الآخر من هذه السنة ، فإنا لله وإنا إليه راجعون .