[ ص: 144 ] nindex.php?page=treesubj&link=30876_30872_30752سنة تسع من الهجرة ذكر غزوة تبوك في رجب منها .
قال الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=28يا أيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله إن شاء إن الله عليم حكيم قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون ( التوبة : 28 ، 29 ) روي عن
ابن عباس ومجاهد وعكرمة nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير وقتادة والضحاك وغيرهم ، أنه لما أمر الله تعالى أن يمنع المشركون من قربان المسجد الحرام في الحج وغيره قالت
قريش : لينقطعن عنا المتاجر والأسواق أيام الحج ، وليذهبن ما كنا نصيب منها . فعوضهم الله عن ذلك بالأمر بقتال أهل الكتاب حتى يسلموا أو يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون .
قلت : فعزم رسول الله صلى الله عليه وسلم على قتال
الروم; لأنهم أقرب الناس إليه وأولى الناس بالدعوة إلى الحق; لقربهم إلى الإسلام وأهله . وقد قال الله تعالى :
[ ص: 145 ] nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=123يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة واعلموا أن الله مع المتقين ( التوبة : 123 ) فلما
nindex.php?page=treesubj&link=30873عزم رسول الله صلى الله عليه وسلم على غزو الروم عام تبوك وكان ذلك في حر شديد وضيق من الحال ، جلى للناس أمرها ودعا من حوله من أحياء الأعراب للخروج معه ، فأوعب معه بشر كثير ، كما سيأتي ، قريبا من ثلاثين ألفا ، وتخلف آخرون ، فعاتب الله من تخلف منهم لغير عذر من المنافقين والمقصرين ، ولامهم ووبخهم وقرعهم أشد التقريع ، وفضحهم أشد الفضيحة ، وأنزل فيهم قرآنا يتلى وبين أمرهم في سورة " براءة " كما قد بينا ذلك مبسوطا في " التفسير " وأمر المؤمنين بالنفر على كل حال . فقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=41انفروا خفافا وثقالا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون لو كان عرضا قريبا وسفرا قاصدا لاتبعوك ولكن بعدت عليهم الشقة وسيحلفون بالله لو استطعنا لخرجنا معكم يهلكون أنفسهم والله يعلم إنهم لكاذبون ثم الآيات بعدها . ثم قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=122وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون فقيل : إن هذه ناسخة لتلك . وقيل : لا . فالله أعلم .
قال
ابن إسحاق : ثم أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم
بالمدينة ما بين ذي الحجة إلى
[ ص: 146 ] رجب - يعني من سنة تسع - ثم أمر الناس بالتهيؤ لغزو
الروم . فذكر
الزهري ويزيد بن رومان وعبد الله بن أبي بكر nindex.php?page=showalam&ids=16276وعاصم بن عمر بن قتادة وغيرهم من علمائنا ، كل يحدث عن غزوة
تبوك ما بلغه عنها ، وبعض القوم يحدث ما لم يحدث بعض ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه بالتهيؤ لغزو
الروم ، وذلك في زمان عسرة من الناس وشدة من الحر وجدب من البلاد ، وحين طابت الثمار ، فالناس يحبون المقام في ثمارهم وظلالهم ، ويكرهون الشخوص في الحال من الزمان الذي هم عليه ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قل ما يخرج في غزوة إلا كنى عنها إلا ما كان من غزوة
تبوك فإنه بينها للناس ، لبعد المشقة وشدة الزمان وكثرة العدو الذي يصمد إليه ليتأهب الناس لذلك أهبته ، فأمرهم بالجهاد وأخبرهم أنه يريد
الروم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم وهو في جهازه ذلك
للجد بن قيس أحد
بني سلمة : " يا
جد هل لك العام في جلاد
بني الأصفر ؟ " فقال :
nindex.php?page=treesubj&link=30881يا رسول الله ، أوتأذن لي ولا تفتني ، فوالله لقد عرف قومي أنه ما رجل بأشد عجبا بالنساء مني ، وإني أخشى إن رأيت نساء
بني الأصفر أن لا أصبر . فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : " قد أذنت لك " . ففي
الجد أنزل الله هذه الآية :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=49ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني ألا في الفتنة سقطوا وإن جهنم لمحيطة بالكافرين ( التوبة : 49 )
nindex.php?page=treesubj&link=30881وقال قوم من المنافقين بعضهم لبعض : لا تنفروا في الحر . زهادة في الجهاد وشكا في الحق وإرجافا بالرسول صلى الله عليه وسلم ، فأنزل الله تعالى فيهم
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=81 " وقالوا لا تنفروا في الحر قل نار جهنم أشد حرا لو كانوا يفقهون فليضحكوا قليلا وليبكوا كثيرا جزاء بما كانوا يكسبون " ( التوبة : 81 ، 82 ) .
قال
ابن هشام حدثني الثقة ، عمن حدثه ، عن
محمد بن طلحة بن عبد الرحمن عن
إسحاق بن إبراهيم بن عبد الله بن حارثة عن أبيه ، عن جده قال :
بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ناسا من المنافقين يجتمعون في بيت سويلم اليهودي - وكان بيته عند جاسوم - يثبطون الناس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك فبعث إليهم nindex.php?page=showalam&ids=55طلحة بن عبيد الله في نفر من أصحابه ، وأمره أن يحرق عليهم بيت سويلم ففعل طلحة فاقتحم الضحاك بن خليفة من ظهر البيت ، فانكسرت رجله ، واقتحم أصحابه فأفلتوا ، فقال
الضحاك في ذلك :
كادت وبيت الله نار محمد يشيط بها الضحاك وابن أبيرق وظلت وقد طبقت كبس سويلم
أنوء على رجلي كسيرا ومرفقي سلام عليكم لا أعود لمثلها
أخاف ومن تشمل به النار يحرق
قال
ابن إسحاق : ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم جد في سفره وأمر الناس بالجهاز والانكماش ، وحض أهل الغنى على النفقة والحملان في سبيل الله ، فحمل رجال
[ ص: 148 ] من أهل الغنى واحتسبوا ، وأنفق
عثمان بن عفان نفقة عظيمة لم ينفق أحد مثلها .
قال
ابن هشام فحدثني من أثق به
nindex.php?page=treesubj&link=30877_31284_31291أن عثمان أنفق في جيش العسرة في غزوة تبوك ألف دينار ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" اللهم ارض عن عثمان فإني عنه راض " . .
وقد قال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد : حدثنا
هارون بن معروف ثنا
ضمرة ثنا
عبد الله بن شوذب عن
عبد الله بن القاسم عن
كثير مولى عبد الرحمن بن سمرة قال :
جاء عثمان بن عفان إلى النبي صلى الله عليه وسلم بألف دينار في ثوبه حين جهز النبي صلى الله عليه وسلم جيش العسرة . قال : فصبها في حجر النبي صلى الله عليه وسلم ، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يقلبها بيده ، ويقول : " ما ضر ابن عفان ما عمل بعد اليوم " ورواه
الترمذي عن
nindex.php?page=showalam&ids=12070محمد بن إسماعيل عن
الحسن بن واقع عن
ضمرة به . وقال : حسن غريب . وقاله
عبد الله بن أحمد في " مسند " أبيه : حدثني
أبو موسى العنزي . حدثنا
عبد الصمد بن عبد الوارث حدثني
سكن بن المغيرة حدثني
الوليد بن أبي هشام عن
فرقد أبي طلحة عن
عبد الرحمن بن خباب السلمي قال :
خطب النبي صلى الله عليه وسلم فحث على جيش العسرة ، فقال عثمان [ ص: 149 ] بن عفان : علي مائة بعير بأحلاسها وأقتابها . قال : ثم نزل مرقاة من المنبر ثم حث ، فقال عثمان : علي مائة أخرى بأحلاسها وأقتابها . قال : فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بيده هكذا يحركها ، وأخرج عبد الصمد يده ، كالمتعجب : " ما على عثمان ما عمل بعد هذا " وهكذا رواه
الترمذي عن
nindex.php?page=showalam&ids=15573محمد بن بشار عن
nindex.php?page=showalam&ids=14724أبي داود الطيالسي عن
سكن بن المغيرة أبي محمد مولى لآل عثمان به . وقال : غريب من هذا الوجه .
ورواه
nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي من طريق
عمرو بن مرزوق عن
سكن بن المغيرة به . وقال : ثلاث مرات ، وإنه التزم بثلاثمائة بعير بأحلاسها وأقتابها . قال
عبد الرحمن :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3510891فأنا شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو على المنبر : " ما ضر عثمان بعدها " أو قال : " بعد اليوم " .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14724أبو داود الطيالسي : حدثنا
أبو عوانة عن
حصين بن عبد الرحمن عن
عمرو بن جاوان عن
nindex.php?page=showalam&ids=13669الأحنف بن قيس قال :
سمعت عثمان بن عفان يقول nindex.php?page=showalam&ids=37لسعد بن أبي وقاص وعلي والزبير وطلحة : أنشدكم بالله هل تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من جهز جيش العسرة غفر الله له " فجهزتهم حتى ما يفقدون [ ص: 150 ] خطاما ولا عقالا قالوا : اللهم نعم ورواه
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي من حديث
حصين به .
[ ص: 144 ] nindex.php?page=treesubj&link=30876_30872_30752سَنَةُ تِسْعٍ مِنَ الْهِجْرَةِ ذِكْرُ غَزْوَةِ تَبُوكَ فِي رَجَبٍ مِنْهَا .
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=28يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ ( التَّوْبَةِ : 28 ، 29 ) رُوِيَ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٍ وَعِكْرِمَةَ nindex.php?page=showalam&ids=15992وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَقَتَادَةَ وَالضَّحَّاكِ وَغَيْرِهِمْ ، أَنَّهُ لَمَّا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يُمْنَعَ الْمُشْرِكُونَ مِنْ قُرْبَانِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فِي الْحَجِّ وَغَيْرِهِ قَالَتْ
قُرَيْشٌ : لَيَنْقَطِعَنَّ عَنَّا الْمَتَاجِرُ وَالْأَسْوَاقُ أَيَّامَ الْحَجِّ ، وَلَيَذْهَبَنَّ مَا كُنَّا نُصِيبُ مِنْهَا . فَعَوَّضَهُمُ اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ بِالْأَمْرِ بِقِتَالِ أَهْلِ الْكِتَابِ حَتَّى يُسْلِمُوا أَوْ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ .
قُلْتُ : فَعَزَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى قِتَالِ
الرُّومِ; لَأَنَّهُمْ أَقْرَبُ النَّاسِ إِلَيْهِ وَأَوْلَى النَّاسِ بِالدَّعْوَةِ إِلَى الْحَقِّ; لِقُرْبِهِمْ إِلَى الْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ . وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :
[ ص: 145 ] nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=123يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ( التَّوْبَةِ : 123 ) فَلَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=30873عَزَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى غَزْوِ الرُّومِ عَامَ تَبُوكَ وَكَانَ ذَلِكَ فِي حَرٍّ شَدِيدٍ وَضِيقٍ مِنَ الْحَالِ ، جَلَّى لِلنَّاسِ أَمْرَهَا وَدَعَا مَنْ حَوْلَهُ مِنْ أَحْيَاءِ الْأَعْرَابِ لِلْخُرُوجِ مَعَهُ ، فَأَوْعَبَ مَعَهُ بَشَرٌ كَثِيرٌ ، كَمَا سَيَأْتِي ، قَرِيبًا مِنْ ثَلَاثِينَ أَلْفًا ، وَتَخَلَّفَ آخَرُونَ ، فَعَاتَبَ اللَّهُ مَنْ تَخَلَّفَ مِنْهُمْ لِغَيْرِ عُذْرٍ مِنَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُقَصِّرِينَ ، وَلَامَهُمْ وَوَبَّخَهُمْ وَقَرَّعَهُمْ أَشَدَّ التَّقْرِيعِ ، وَفَضَحَهُمْ أَشَدَّ الْفَضِيحَةِ ، وَأَنْزَلَ فِيهِمْ قُرْآنًا يُتْلَى وَبَيَّنَ أَمْرَهُمْ فِي سُورَةِ " بَرَاءَةَ " كَمَا قَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ مَبْسُوطًا فِي " التَّفْسِيرِ " وَأَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِالنَّفْرِ عَلَى كُلِّ حَالٍ . فَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=41انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لَاتَّبَعُوكَ وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ثُمَّ الْآيَاتِ بَعْدَهَا . ثُمَّ قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=122وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ فَقِيلَ : إِنَّ هَذِهِ نَاسِخَةٌ لِتِلْكَ . وَقِيلَ : لَا . فَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَالَ
ابْنُ إِسْحَاقَ : ثُمَّ أَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
بِالْمَدِينَةِ مَا بَيْنَ ذِي الْحِجَّةِ إِلَى
[ ص: 146 ] رَجَبٍ - يَعْنِي مِنْ سَنَةِ تِسْعٍ - ثُمَّ أَمَرَ النَّاسَ بِالتَّهَيُّؤِ لِغَزْوِ
الرُّومِ . فَذَكَرَ
الزُّهْرِيُّ وَيَزِيدُ بْنُ رُومَانَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ nindex.php?page=showalam&ids=16276وَعَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ وَغَيْرُهُمْ مِنْ عُلَمَائِنَا ، كَلٌّ يُحَدِّثُ عَنْ غَزْوَةِ
تَبُوكَ مَا بَلَغَهُ عَنْهَا ، وَبَعْضُ الْقَوْمِ يُحَدِّثُ مَا لَمْ يُحَدِّثْ بَعْضٌ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ أَصْحَابَهُ بِالتَّهَيُّؤِ لِغَزْوِ
الرُّومِ ، وَذَلِكَ فِي زَمَانِ عُسْرَةٍ مِنَ النَّاسِ وَشِدَّةٍ مِنَ الْحَرِّ وَجَدْبٍ مِنَ الْبِلَادِ ، وَحِينَ طَابَتِ الثِّمَارُ ، فَالنَّاسُ يُحِبُّونَ الْمُقَامَ فِي ثِمَارِهِمْ وَظِلَالِهِمْ ، وَيَكْرَهُونَ الشُّخُوصَ فِي الْحَالِ مِنَ الزَّمَانِ الَّذِي هُمْ عَلَيْهِ ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَلَّ مَا يَخْرُجُ فِي غَزْوَةٍ إِلَّا كَنَّى عَنْهَا إِلَّا مَا كَانَ مِنْ غَزْوَةِ
تَبُوكَ فَإِنَّهُ بَيَّنَهَا لِلنَّاسِ ، لِبُعْدِ الْمَشَقَّةِ وَشِدَّةِ الزَّمَانِ وَكَثْرَةِ الْعَدُوِّ الَّذِي يُصْمَدُ إِلَيْهِ لِيَتَأَهَّبَ النَّاسُ لِذَلِكَ أُهْبَتَهُ ، فَأَمَرَهُمْ بِالْجِهَادِ وَأَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ يُرِيدُ
الرُّومَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ وَهُوَ فِي جِهَازِهِ ذَلِكَ
لِلْجَدِّ بْنِ قَيْسٍ أَحَدِ
بَنِي سَلِمَةَ : " يَا
جَدُّ هَلْ لَكَ الْعَامَ فِي جِلَادِ
بَنِي الْأَصْفَرِ ؟ " فَقَالَ :
nindex.php?page=treesubj&link=30881يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَوَتَأْذَنُ لِي وَلَا تَفْتِنِّي ، فَوَاللَّهِ لَقَدْ عَرَفَ قَوْمِي أَنَّهُ مَا رَجُلٌ بِأَشَدَّ عَجَبًا بِالنِّسَاءِ مِنِّي ، وَإِنِّي أَخْشَى إِنْ رَأَيْتُ نِسَاءَ
بَنِي الْأَصْفَرِ أَنْ لَا أَصْبِرَ . فَأَعْرَضَ عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ : " قَدْ أَذِنْتُ لَكَ " . فَفِي
الْجَدِّ أَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=49وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلَا تَفْتِنِّي أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ ( التَّوْبَةِ : 49 )
nindex.php?page=treesubj&link=30881وَقَالَ قَوْمٌ مِنَ الْمُنَافِقِينَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ : لَا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ . زَهَادَةً فِي الْجِهَادِ وَشَكًّا فِي الْحَقِّ وَإِرْجَافًا بِالرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=81 " وَقَالُوا لَا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيرًا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ " ( التَّوْبَةِ : 81 ، 82 ) .
قَالَ
ابْنُ هِشَامٍ حَدَّثَنِي الثِّقَةُ ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ ، عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ
إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَارِثَةَ عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ :
بَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ نَاسًا مِنَ الْمُنَافِقِينَ يَجْتَمِعُونَ فِي بَيْتِ سُوَيْلِمٍ الْيَهُودِيِّ - وَكَانَ بَيْتُهُ عِنْدَ جَاسُومَ - يُثَبِّطُونَ النَّاسَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ nindex.php?page=showalam&ids=55طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ ، وَأَمَرَهُ أَنْ يُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بَيْتَ سُوَيْلِمٍ فَفَعَلَ طَلْحَةُ فَاقْتَحَمَ الضَّحَّاكُ بْنُ خَلِيفَةَ مِنْ ظَهْرِ الْبَيْتِ ، فَانْكَسَرَتْ رِجْلُهُ ، وَاقْتَحَمَ أَصْحَابُهُ فَأَفْلَتُوا ، فَقَالَ
الضَّحَّاكُ فِي ذَلِكَ :
كَادَتْ وَبَيْتِ اللَّهِ نَارُ مُحَمَّدٍ يَشِيطُ بِهَا الضَّحَّاكُ وَابْنُ أُبَيْرِقِ وَظَلْتُ وَقَدْ طَبَّقْتُ كَبْسَ سُوَيْلِمٍ
أَنُوءُ عَلَى رِجْلِي كَسِيرًا وَمِرْفَقِي سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا أَعُودُ لِمِثْلِهَا
أَخَافُ وَمَنْ تَشْمَلْ بِهِ النَّارُ يُحْرَقِ
قَالَ
ابْنُ إِسْحَاقَ : ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَدَّ فِي سَفَرِهِ وَأَمَرَ النَّاسَ بِالْجِهَازِ وَالِانْكِمَاشِ ، وَحَضَّ أَهْلَ الْغِنَى عَلَى النَّفَقَةِ وَالْحُمْلَانِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، فَحَمَلَ رِجَالٌ
[ ص: 148 ] مِنْ أَهْلِ الْغِنَى وَاحْتَسَبُوا ، وَأَنْفَقَ
عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ نَفَقَةً عَظِيمَةً لَمْ يُنْفِقْ أَحَدٌ مِثْلَهَا .
قَالَ
ابْنُ هِشَامٍ فَحَدَّثَنِي مَنْ أَثِقُ بِهِ
nindex.php?page=treesubj&link=30877_31284_31291أَنَّ عُثْمَانَ أَنْفَقَ فِي جَيْشِ الْعُسْرَةِ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ أَلْفَ دِينَارٍ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
" اللَّهُمَّ ارْضَ عَنْ عُثْمَانَ فَإِنِّي عَنْهُ رَاضٍ " . .
وَقَدْ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12251الْإِمَامُ أَحْمَدُ : حَدَّثَنَا
هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ ثنا
ضَمْرَةُ ثنا
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَوْذَبٍ عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ
كَثِيرٍ مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ :
جَاءَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَلْفِ دِينَارٍ فِي ثَوْبِهِ حِينَ جَهَّزَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَيْشَ الْعُسْرَةِ . قَالَ : فَصَبَّهَا فِي حِجْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَلِّبُهَا بِيَدِهِ ، وَيَقُولُ : " مَا ضَرَّ ابْنُ عَفَّانَ مَا عَمِلَ بَعْدَ الْيَوْمِ " وَرَوَاهُ
التِّرْمِذِيُّ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12070مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنِ
الْحَسَنِ بْنِ وَاقِعٍ عَنْ
ضَمْرَةَ بِهِ . وَقَالَ : حَسَنٌ غَرِيبٌ . وَقَالَهُ
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ فِي " مُسْنَدِ " أَبِيهِ : حَدَّثَنِي
أَبُو مُوسَى الْعَنَزِيُّ . حَدَّثَنَا
عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ حَدَّثَنِي
سَكَنُ بْنُ الْمُغِيرَةِ حَدَّثَنِي
الْوَلِيدُ بْنُ أَبِي هِشَامٍ عَنْ
فَرْقَدٍ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ خَبَّابٍ السُّلَمِيِّ قَالَ :
خَطَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَثَّ عَلَى جَيْشِ الْعُسْرَةِ ، فَقَالَ عُثْمَانُ [ ص: 149 ] بْنُ عَفَّانَ : عَلَيَّ مِائَةُ بَعِيرٍ بِأَحْلَاسِهَا وَأَقْتَابِهَا . قَالَ : ثُمَّ نَزَلَ مِرْقَاةً مِنَ الْمِنْبَرِ ثُمَّ حَثَّ ، فَقَالَ عُثْمَانُ : عَلَيَّ مِائَةٌ أُخْرَى بِأَحْلَاسِهَا وَأَقْتَابِهَا . قَالَ : فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ بِيَدِهِ هَكَذَا يُحَرِّكُهَا ، وَأَخْرَجَ عَبْدُ الصَّمَدِ يَدَهُ ، كَالْمُتَعَجِّبِ : " مَا عَلَى عُثْمَانَ مَا عَمِلَ بَعْدَ هَذَا " وَهَكَذَا رَوَاهُ
التِّرْمِذِيُّ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15573مُحَمَّدِ بْنِ بَشَّارٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=14724أَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ عَنْ
سَكَنِ بْنِ الْمُغِيرَةِ أَبِي مُحَمَّدٍ مَوْلًى لِآلِ عُثْمَانَ بِهِ . وَقَالَ : غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ .
وَرَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13933الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ
عَمْرِو بْنِ مَرْزُوقٍ عَنْ
سَكَنِ بْنِ الْمُغِيرَةِ بِهِ . وَقَالَ : ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ، وَإِنَّهُ الْتَزَمَ بِثَلَاثِمِائَةِ بَعِيرٍ بِأَحْلَاسِهَا وَأَقْتَابِهَا . قَالَ
عَبْدُ الرَّحْمَنِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3510891فَأَنَا شَهِدْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ : " مَا ضَرَّ عُثْمَانُ بَعْدَهَا " أَوْ قَالَ : " بَعْدَ الْيَوْمِ " .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14724أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ : حَدَّثَنَا
أَبُو عَوَانَةَ عَنْ
حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ
عَمْرِو بْنِ جَاوَانَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13669الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ :
سَمِعْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ يَقُولُ nindex.php?page=showalam&ids=37لِسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَعَلِيٍّ وَالزُّبَيْرِ وَطَلْحَةَ : أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " مَنْ جَهَّزَ جَيْشَ الْعُسْرَةِ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ " فَجَهَّزْتُهُمْ حَتَّى مَا يَفْقِدُونَ [ ص: 150 ] خِطَامًا وَلَا عِقَالًا قَالُوا : اللَّهُمَّ نَعَمْ وَرَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=15397النَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ
حُصَيْنٍ بِهِ .