[ ص: 16 ] nindex.php?page=treesubj&link=31975قصة يونس ، عليه الصلاة والسلام
قال الله تعالى في سورة " يونس "
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=98فلولا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها إلا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم إلى حين [ يونس : 98 ] . وقال تعالى في سورة " الأنبياء " :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=88فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين [ الأنبياء : 87 ، 88 ] . وقال تعالى في سورة " الصافات "
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=139وإن يونس لمن المرسلين nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=140إذ أبق إلى الفلك المشحون nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=141فساهم فكان من المدحضين nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=142فالتقمه الحوت وهو مليم nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=143فلولا أنه كان من المسبحين nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=144للبث في بطنه إلى يوم يبعثون nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=145فنبذناه بالعراء وهو سقيم nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=146وأنبتنا عليه شجرة من يقطين nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=147وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=148فآمنوا فمتعناهم إلى حين [ الصافات : 139 - 148 ] . وقال تعالى في سورة " نون " :
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=48فاصبر لحكم ربك ولا تكن كصاحب الحوت إذ نادى وهو مكظوم nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=49لولا أن تداركه نعمة من ربه لنبذ بالعراء وهو مذموم nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=50فاجتباه ربه فجعله من الصالحين [ القلم : 48 - 50 ] .
[ ص: 17 ] قال أهل التفسير : بعث الله
يونس ، عليه السلام ، إلى أهل
نينوى ; من أرض
الموصل فدعاهم إلى الله عز وجل ، فكذبوه وتمردوا على كفرهم وعنادهم ، فلما طال ذلك عليه من أمرهم ، خرج من بين أظهرهم ، ووعدهم حلول العذاب بهم بعد ثلاث . قال
ابن مسعود ،
ومجاهد ،
nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير ،
وقتادة ، وغير واحد من السلف والخلف : فلما خرج من بين ظهرانيهم وتحققوا نزول العذاب بهم ، قذف الله في قلوبهم التوبة والإنابة ، وندموا على ما كان منهم إلى نبيهم ، فلبسوا المسوح ، وفرقوا بين كل بهيمة وولدها ، ثم عجوا إلى الله عز وجل ، وصرخوا وتضرعوا إليه ، وتمسكنوا لديه ، وبكى الرجال والنساء ، والبنون والبنات ، والأمهات ، وجأرت الأنعام والدواب والمواشي ، ورغت الإبل وفصلانها ، وخارت البقر وأولادها ، وثغت الغنم وحملانها ، وكانت ساعة عظيمة هائلة ، فكشف الله العظيم ، بحوله وقوته ، ورأفته ورحمته ، عنهم العذاب الذي كان قد اتصل بهم بسببه ، ودار على رؤوسهم كقطع الليل المظلم ; ولهذا قال تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=98فلولا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها أي ; هلا وجدت فيما سلف من القرون قرية آمنت بكمالها . فدل على أنه لم يقع ذلك ، بل كما قال تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=34وما أرسلنا في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا بما أرسلتم به كافرون [ سبأ : 34 ] . وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=98إلا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم إلى حين أي ; آمنوا بكمالهم . وقد اختلف المفسرون ; هل ينفعهم
[ ص: 18 ] هذا الإيمان في الدار الآخرة ، فينقذهم من العذاب الأخروي ، كما أنقذهم من العذاب الدنيوي ؟ على قولين ، الأظهر من السياق : نعم إن شاء الله . والله أعلم . كما قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=98لما آمنوا وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=147وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=148فآمنوا فمتعناهم إلى حين وهذا المتاع إلى حين لا ينفي أن يكون معه غيره من رفع العذاب الأخروي . والله أعلم .
وقد كانوا مائة ألف لا محالة . واختلفوا في الزيادة ; فعن
مكحول : عشرة آلاف . وروى
الترمذي ،
nindex.php?page=showalam&ids=16935و ابن جرير nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم ، من حديث
زهير ، عمن سمع
أبا العالية ; حدثني
أبي بن كعب nindex.php?page=hadith&LINKID=3509802أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=147وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون قال : يزيدون عشرين ألفا . فلولا هذا الرجل المبهم لكان هذا الحديث فاصلا في هذا الباب . وعن
ابن عباس : كانوا مائة ألف وثلاثين ألفا . وعنه ، وبضعة وثلاثين ألفا . وعنه ، وبضعة وأربعين ألفا . وقال
سعيد بن جبير كانوا مائة ألف وسبعين ألفا . واختلفوا ; هل كان إرساله إليهم قبل الحوت أو بعده ، أو هما أمتان ؟ على ثلاثة أقوال ، هي مبسوطة في التفسير .
والمقصود أنه ، عليه السلام ، لما ذهب مغاضبا بسبب قومه ، ركب سفينة في البحر ، فلجت بهم واضطربت ، وماجت بهم وثقلت بما فيها ، وكادوا
[ ص: 19 ] يغرقون ، على ما ذكره المفسرون ، قالوا : فاشتوروا فيما بينهم على أن يقترعوا ، فمن وقعت عليه القرعة ألقوه من السفينة ; ليتخففوا منه ، فلما اقترعوا وقعت القرعة على نبي الله
يونس ، فلم يسمحوا به ، فأعادوها ثانية فوقعت عليه أيضا ، فشمر ليخلع ثيابه ويلقي بنفسه ، فأبوا عليه ذلك ، ثم أعادوا القرعة ثالثة فوقعت عليه أيضا ; لما يريده الله به من الأمر العظيم ، قال الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=139وإن يونس لمن المرسلين nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=140إذ أبق إلى الفلك المشحون nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=141فساهم فكان من المدحضين nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=142فالتقمه الحوت وهو مليم وذلك أنه لما وقعت عليه القرعة ، ألقي في البحر ، وبعث الله ، عز وجل ، حوتا عظيما من البحر الأخضر فالتقمه ، وأمره الله تعالى : أن لا تأكل له لحما ، ولا تهشم له عظما ، فليس لك برزق ، فأخذه فطاف به البحار كلها . وقيل : إنه ابتلع ذلك الحوت حوت آخر أكبر منه . قالوا : ولما استقر في جوف الحوت ، حسب أنه قد مات ، فحرك جوارحه فتحركت ، فإذا هو حي ، فخر لله ساجدا ، وقال : يا رب ، اتخذت لك مسجدا لم يعبدك أحد في مثله .
وقد اختلفوا في مقدار لبثه في بطنه ; فقال
مجالد عن
الشعبي : التقمه ضحى ، ولفظه عشية . وقال
قتادة : مكث فيه ثلاثا . وقال
جعفر الصادق سبعة أيام . ويشهد له شعر
أمية بن أبي الصلت :
وأنت بفضل منك نجيت يونسا وقد بات في أضعاف حوت لياليا
[ ص: 20 ] وقال
سعيد بن أبي الحسن ،
وأبو مالك : مكث في جوفه أربعين يوما . والله أعلم كم مقدار ما لبث فيه .
والمقصود أنه لما جعل الحوت يطوف به في قرار البحار اللجية ، ويقتحم به لجج الموج الأجاجي ، فسمع تسبيح الحيتان للرحمن ، وحتى سمع تسبيح الحصى لفالق الحب والنوى ، ورب السماوات السبع ، والأرضين السبع ، وما بينها ، وما تحت الثرى ، فعند ذلك وهنالك قال ما قال بلسان الحال والمقال ، كما أخبر عنه ذو العزة والجلال ، الذي يعلم السر والنجوى ، ويكشف الضر والبلوى ، سامع الأصوات وإن ضعفت ، وعالم الخفيات وإن دقت ، ومجيب الدعوات وإن عظمت ، حيث قال في كتابه المبين ، المنزل على رسوله الأمين ، وهو أصدق القائلين ، ورب العالمين ، وإله المرسلين :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=88فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين .
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87فظن أن لن نقدر عليه أي ; نضيق . وقيل : معناه نقدر ، من التقدير . وهي لغة مشهورة : قدر ، وقدر . كما قال الشاعر
فلا عائد ذاك الزمان الذي مضى تباركت ما تقدر يكن فلك الأمر
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87فنادى في الظلمات قال
ابن مسعود ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ،
وعمرو بن [ ص: 21 ] ميمون ،
nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير ،
nindex.php?page=showalam&ids=14980ومحمد بن كعب ،
والحسن ،
وقتادة ،
والضحاك : ظلمة بطن الحوت ، وظلمة البحر ، وظلمة الليل . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15957سالم بن أبي الجعد : ابتلع الحوت حوت آخر ، فصار ظلمة الحوتين مع ظلمة البحر . وقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=143فلولا أنه كان من المسبحين nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=144للبث في بطنه إلى يوم يبعثون قيل : معناه ; لولا أنه سبح الله هنالك ، وقال ما قال من التهليل والتسبيح ، والاعتراف لله بالخضوع ، والتوبة إليه ، والرجوع إليه ، للبث هنالك إلى يوم القيامة ، ولبعث من جوف ذلك الحوت . هذا معنى ما روي عن
سعيد بن جبير في إحدى الروايتين عنه . وقيل : معناه : فلولا أنه كان من قبل أخذ الحوت له من المسبحين أي ; المطيعين المصلين الذاكرين الله كثيرا . قاله
الضحاك بن قيس ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=11873وأبو العالية ،
nindex.php?page=showalam&ids=17285ووهب بن منبه ،
nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير ،
والضحاك ،
nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي ،
nindex.php?page=showalam&ids=16571وعطاء بن السائب ،
والحسن البصري ،
وقتادة ، وغير واحد . واختاره
ابن جرير ويشهد لهذا ما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد وبعض أهل السنن ، عن
ابن عباس ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لي :
يا غلام ، إني معلمك كلمات ; احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده تجاهك ، تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة وروى
ابن جرير في " تفسيره " ،
[ ص: 22 ] nindex.php?page=showalam&ids=13863والبزار في " مسنده " ، من حديث
محمد بن إسحاق ، عمن حدثه ، عن
عبد الله بن رافع مولى أم سلمة ، سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3509803لما أراد الله حبس يونس في بطن الحوت ، أوحى الله إلى الحوت ، أن خذ ولا تخدش لحما ، ولا تكسر عظما . فلما انتهى به إلى أسفل البحر ، سمع يونس حسا ، فقال في نفسه : ما هذا ؟ فأوحى الله إليه ، وهو في بطن الحوت : إن هذا تسبيح دواب البحر قال فسبح وهو في بطن الحوت ، فسمعت الملائكة تسبيحه ، فقالوا يا ربنا ، إنا نسمع صوتا ضعيفا بأرض غريبة . قال ذلك عبدي يونس ، عصاني فحبسته في بطن الحوت في البحر . قالوا : العبد الصالح الذي كان يصعد إليك منه في كل يوم وليلة عمل صالح ؟ قال : نعم . قال : فشفعوا له عند ذلك ، فأمر الحوت فقذفه في الساحل ، كما قال الله تعالى nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=145وهو سقيم هذا لفظ
ابن جرير إسنادا ومتنا . ثم قال
البزار : لا نعلمه يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا بهذا الإسناد ، كذا قال .
وقد قال
ابن أبي حاتم في " تفسيره " : حدثنا
أبو عبيد الله أحمد بن عبد الرحمن ابن أخي وهب ، حدثنا عمي ، حدثني
أبو صخر ، أن
يزيد الرقاشي حدثه قال : سمعت
أنس بن مالك ولا أعلم إلا أن
أنسا يرفع الحديث
[ ص: 23 ] إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم :
أن يونس النبي عليه السلام ، حين بدا له أن يدعو بهذه الكلمات ، وهو في بطن الحوت قال : اللهم لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين . فأقبلت الدعوة تحن بالعرش ، فقالت الملائكة : يا رب ، صوت ضعيف معروف من بلاد غريبة . فقال : أما تعرفون ذاك ؟ قالوا : يا رب ، ومن هو ؟ قال : عبدي يونس . قالوا : عبدك يونس الذي لم يزل يرفع له عمل متقبل ودعوة مجابة ؟ قال : نعم . قالوا : يا رب ، أولا ترحم ما كان يصنعه في الرخاء ، فتنجيه من البلاء ؟ قال : بلى . فأمر الحوت فطرحه في العراء . ورواه
ابن جرير عن
يونس ، عن
ابن وهب به . زاد
ابن أبي حاتم : قال
أبو صخر حميد بن زياد : فأخبرني
ابن قسيط وأنا أحدثه هذا الحديث ، أنه سمع
nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة يقول : طرح بالعراء ، وأنبت الله عليه اليقطينة . قلنا : يا
nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة ، وما اليقطينة ؟ قال : شجرة الدباء . قال
nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة : وهيأ الله له أروية وحشية تأكل من خشاش الأرض - أو قال : هشاش الأرض - قال : فتنفشخ عليه فترويه من لبنها ، كل عشية وبكرة ، حتى نبت . وقال
أمية بن أبي الصلت في ذلك بيتا من شعره
فأنبت يقطينا عليه برحمة من الله لولا الله ألفي ضاحيا
وهذا غريب أيضا من هذا الوجه ،
ويزيد الرقاشي ضعيف ، ولكن يتقوى
[ ص: 24 ] بحديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة المتقدم ، كما يتقوى ذاك بهذا . والله أعلم .
وقد قال الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=145فنبذناه أي ; ألقيناه بالعراء وهو المكان القفر الذي ليس فيه شيء من الأشجار ، بل هو عار منها
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=145وهو سقيم أي ; ضعيف البدن . قال
ابن مسعود : كهيئة الفرخ ، ليس عليه ريش . وقال
ابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي ،
وابن زيد : كهيئة الصبي حين يولد ، وهو المنفوس ، ليس عليه شيء
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=146وأنبتنا عليه شجرة من يقطين قال
ابن مسعود ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ،
وعكرمة ،
ومجاهد ،
nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير ،
nindex.php?page=showalam&ids=17285ووهب بن منبه ،
وهلال بن يساف ،
nindex.php?page=showalam&ids=16446وعبد الله بن طاوس ،
nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي ،
وقتادة ،
والضحاك ،
nindex.php?page=showalam&ids=16566وعطاء الخراساني ، وغير واحد : هو القرع .
قال بعض العلماء : في إنبات القرع عليه حكم جمة ; منها أن ورقه في غاية النعومة ، وكثير وظليل ، ولا يقربه ذباب ، ويؤكل ثمره من أول طلوعه إلى آخره ، نيئا ومطبوخا ، وبقشره وببزره أيضا ، وفيه نفع كثير ، وتقوية للدماغ ، وغير ذلك . وتقدم كلام
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة في تسخير الله تعالى له تلك الأروية التي كانت ترضعه لبنها ، وترعى في البرية ، وتأتيه بكرة وعشية . وهذا من رحمة الله به ، ونعمته عليه ، وإحسانه إليه ، ولهذا قال تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=88فاستجبنا له ونجيناه من الغم أي ; الكرب والضيق الذي كان فيه
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=88وكذلك ننجي المؤمنين [ ص: 25 ] أي ; وهذا صنيعنا بكل مؤمن دعانا واستجار بنا .
قال
ابن جرير : حدثني
عمران بن بكار الكلاعي ، حدثنا
يحيى بن صالح ، حدثنا
أبو يحيى بن عبد الرحمن ، حدثني
بشر بن منصور ، عن
علي بن زيد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب قال سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=37سعد بن مالك وهو ابن أبي وقاص يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول
: اسم الله الذي إذا دعي به أجاب ، وإذا سئل به أعطى ، دعوة يونس بن متى قال : فقلت : يا رسول الله ، هي ليونس خاصة أم لجماعة المسلمين ؟ قال هي ليونس خاصة ، وللمؤمنين عامة إذا دعوا بها ، ألم تسمع قول الله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=88فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين فهو شرط من الله لمن دعاه به وقال
ابن أبي حاتم : حدثنا
أبو سعيد الأشج ، حدثنا
أبو خالد الأحمر ، عن
كثير بن زيد ، عن
المطلب بن حنطب - قال
أبو خالد : أحسبه عن
مصعب . يعني
ابن سعد - عن
سعد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3509805من دعا بدعاء يونس استجيب له . قال
أبو سعيد الأشج : يريد به
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=88وكذلك ننجي المؤمنين وهذان طريقان عن سعد .
[ ص: 26 ] وثالث أحسن منهما ;قال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد : حدثنا
إسماعيل بن عمر ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17415يونس بن أبي إسحاق الهمداني ، حدثنا
إبراهيم بن محمد بن سعد ، حدثني والدي
محمد ، عن أبيه
nindex.php?page=showalam&ids=37سعد - وهو ابن أبي وقاص - قال : مررت
بعثمان بن عفان في المسجد ، فسلمت عليه ، فملأ عينيه مني ثم لم يردد علي السلام ، فأتيت
عمر بن الخطاب ، فقلت : يا أمير المؤمنين هل حدث في الإسلام شيء ؟ مرتين . قال : لا ، وما ذاك ؟ قلت : لا ، إلا أني مررت
بعثمان آنفا في المسجد ، فسلمت عليه ، فملأ عينيه مني ، ثم لم يردد علي السلام . قال : فأرسل
عمر إلى
عثمان فدعاه ، فقال : ما منعك أن لا تكون رددت على أخيك السلام ؟ قال : ما فعلت . قال
سعد : قلت : بلى . حتى حلف وحلفت . قال : ثم إن
عثمان ذكر ، فقال : بلى ، وأستغفر الله وأتوب إليه ، إنك مررت بي آنفا ، وأنا أحدث نفسي بكلمة سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لا والله ، ما ذكرتها قط إلا تغشى بصري وقلبي غشاوة . قال
سعد : فأنا أنبئك بها ،
إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر لنا أول دعوة ، ثم جاء أعرابي فشغله ، حتى قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فاتبعته ، فلما أشفقت أن يسبقني إلى منزله ، ضربت بقدمي الأرض ، فالتفت إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : من هذا ؟ أبو إسحاق ؟ قال : قلت : نعم ، يا رسول الله . قال : فمه؟ قلت : لا والله ، إلا أنك ذكرت لنا أول دعوة ، ثم جاء هذا الأعرابي فشغلك . قال : نعم ، دعوة ذي النون ; إذ [ ص: 27 ] هو في بطن الحوت : nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين فإنه لم يدع بها مسلم ربه في شيء قط إلا استجاب له ورواه
الترمذي ،
nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي ، من حديث
إبراهيم بن محمد بن سعد به .
28 >
[ ص: 16 ] nindex.php?page=treesubj&link=31975قِصَّةُ يُونُسَ ، عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ " يُونُسَ "
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=98فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ [ يُونُسَ : 98 ] . وَقَالَ تَعَالَى فِي سُورَةِ " الْأَنْبِيَاءِ " :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=88فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ [ الْأَنْبِيَاءِ : 87 ، 88 ] . وَقَالَ تَعَالَى فِي سُورَةِ " الصَّافَّاتِ "
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=139وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=140إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=141فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=142فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=143فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=144لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=145فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=146وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=147وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=148فَآمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ [ الصَّافَّاتِ : 139 - 148 ] . وَقَالَ تَعَالَى فِي سُورَةِ " نُونْ " :
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=48فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=49لَوْلَا أَنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=50فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ [ الْقَلَمِ : 48 - 50 ] .
[ ص: 17 ] قَالَ أَهْلُ التَّفْسِيرِ : بَعَثَ اللَّهُ
يُونُسَ ، عَلَيْهِ السَّلَامُ ، إِلَى أَهْلِ
نِينَوَى ; مِنْ أَرْضِ
الْمَوْصِلِ فَدَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، فَكَذَّبُوهُ وَتَمَرَّدُوا عَلَى كُفْرِهِمْ وَعِنَادِهِمْ ، فَلَمَّا طَالَ ذَلِكَ عَلَيْهِ مَنْ أَمْرِهُمْ ، خَرَجَ مِنْ بَيْنِ أَظْهَرِهِمْ ، وَوَعَدَهُمْ حُلُولَ الْعَذَابِ بِهِمْ بَعْدَ ثَلَاثٍ . قَالَ
ابْنُ مَسْعُودٍ ،
وَمُجَاهِدٌ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15992وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ ،
وَقَتَادَةُ ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ : فَلَمَّا خَرَجَ مِنْ بَيْنِ ظَهْرَانَيْهِمْ وَتَحَقَّقُوا نُزُولَ الْعَذَابِ بِهِمْ ، قَذَفَ اللَّهُ فِي قُلُوبِهِمُ التَّوْبَةَ وَالْإِنَابَةَ ، وَنَدِمُوا عَلَى مَا كَانَ مِنْهُمْ إِلَى نَبِيِّهِمْ ، فَلَبِسُوا الْمُسُوحَ ، وَفَرَّقُوا بَيْنَ كُلِّ بَهِيمَةٍ وَوَلَدِهَا ، ثُمَّ عَجُّوَا إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَصَرَخُوا وَتَضَرَّعُوا إِلَيْهِ ، وَتَمَسْكَنُوا لَدَيْهِ ، وَبَكَى الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ ، وَالْبَنُونَ وَالْبَنَاتُ ، وَالْأُمَّهَاتُ ، وَجَأَرَتِ الْأَنْعَامُ وَالدَّوَابُّ وَالْمَوَاشِي ، وَرَغَتِ الْإِبِلُ وَفُصْلَانُهَا ، وَخَارَتِ الْبَقَرُ وَأَوْلَادُهَا ، وَثَغَتِ الْغَنَمُ وَحُمْلَانُهَا ، وَكَانَتْ سَاعَةً عَظِيمَةً هَائِلَةً ، فَكَشَفَ اللَّهُ الْعَظِيمُ ، بِحَوْلِهِ وَقُوَّتِهِ ، وَرَأْفَتِهِ وَرَحْمَتِهِ ، عَنْهُمُ الْعَذَابَ الَّذِي كَانَ قَدِ اتَّصَلَ بِهِمْ بِسَبَبِهِ ، وَدَارَ عَلَى رُؤُوسِهِمْ كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ ; وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=98فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا أَيْ ; هَلَّا وُجِدَتْ فِيمَا سَلَفَ مِنَ الْقُرُونِ قَرْيَةٌ آمَنَتْ بِكَمَالِهَا . فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ ذَلِكَ ، بَلْ كَمَا قَالَ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=34وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ [ سَبَأٍ : 34 ] . وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=98إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ أَيْ ; آمَنُوا بِكَمَالِهِمْ . وَقَدِ اخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ ; هَلْ يَنْفَعُهُمْ
[ ص: 18 ] هَذَا الْإِيمَانُ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ ، فَيُنْقِذُهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأُخْرَوِيِّ ، كَمَا أَنْقَذَهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الدُّنْيَوِيِّ ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ ، الْأَظْهَرُ مِنَ السِّيَاقِ : نَعَمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ . كَمَا قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=98لَمَّا آمَنُوا وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=147وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=148فَآمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ وَهَذَا الْمَتَاعُ إِلَى حِينٍ لَا يَنْفِي أَنْ يَكُونَ مَعَهُ غَيْرُهُ مِنْ رَفْعِ الْعَذَابِ الْأُخْرَوِيِّ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
وَقَدْ كَانُوا مِائَةَ أَلْفٍ لَا مَحَالَةَ . وَاخْتَلَفُوا فِي الزِّيَادَةِ ; فَعَنْ
مَكْحُولٍ : عَشَرَةُ آلَافٍ . وَرَوَى
التِّرْمِذِيُّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16935وَ ابْنُ جَرِيرٍ nindex.php?page=showalam&ids=16328وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ ، مِنْ حَدِيثِ
زُهَيْرٍ ، عَمَّنْ سَمِعَ
أَبَا الْعَالِيَةِ ; حَدَّثَنِي
أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ nindex.php?page=hadith&LINKID=3509802أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قَوْلِهِ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=147وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ قَالَ : يَزِيدُونَ عِشْرِينَ أَلْفًا . فَلَوْلَا هَذَا الرَّجُلُ الْمُبْهَمُ لَكَانَ هَذَا الْحَدِيثُ فَاصِلًا فِي هَذَا الْبَابِ . وَعَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ : كَانُوا مِائَةَ أَلْفٍ وَثَلَاثِينَ أَلْفًا . وَعَنْهُ ، وَبِضْعَةً وَثَلَاثِينَ أَلْفًا . وَعَنْهُ ، وَبِضْعَةً وَأَرْبَعِينَ أَلْفًا . وَقَالَ
سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ كَانُوا مِائَةَ أَلْفٍ وَسَبْعِينَ أَلْفًا . وَاخْتَلَفُوا ; هَلْ كَانَ إِرْسَالُهُ إِلَيْهِمْ قَبْلَ الْحُوتِ أَوْ بَعْدَهُ ، أَوْ هُمَا أُمَّتَانِ ؟ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ ، هِيَ مَبْسُوطَةٌ فِي التَّفْسِيرِ .
وَالْمَقْصُودُ أَنَّهُ ، عَلَيْهِ السَّلَامُ ، لَمَّا ذَهَبَ مُغَاضِبًا بِسَبَبِ قَوْمِهِ ، رَكِبَ سَفِينَةً فِي الْبَحْرِ ، فَلَجَّتْ بِهِمْ وَاضْطَرَبَتْ ، وَمَاجَتْ بِهِمْ وَثَقُلَتْ بِمَا فِيهَا ، وَكَادُوا
[ ص: 19 ] يَغْرَقُونَ ، عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْمُفَسِّرُونَ ، قَالُوا : فَاشْتَوَرُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ عَلَى أَنْ يَقْتَرِعُوا ، فَمَنْ وَقَعَتْ عَلَيْهِ الْقُرْعَةُ أَلْقَوْهُ مِنَ السَّفِينَةِ ; لِيَتَخَفَّفُوا مِنْهُ ، فَلَمَّا اقْتَرَعُوا وَقَعَتِ الْقُرْعَةُ عَلَى نَبِيِّ اللَّهِ
يُونُسَ ، فَلَمْ يَسْمَحُوا بِهِ ، فَأَعَادُوهَا ثَانِيَةً فَوَقَعَتْ عَلَيْهِ أَيْضًا ، فَشَمَّرَ لِيَخْلَعَ ثِيَابَهُ وَيُلْقِيَ بِنَفْسِهِ ، فَأَبَوْا عَلَيْهِ ذَلِكَ ، ثُمَّ أَعَادُوا الْقُرْعَةَ ثَالِثَةً فَوَقَعَتْ عَلَيْهِ أَيْضًا ; لِمَا يُرِيدُهُ اللَّهُ بِهِ مِنَ الْأَمْرِ الْعَظِيمِ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=139وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=140إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=141فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=142فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا وَقَعَتْ عَلَيْهِ الْقُرْعَةُ ، أُلْقِيَ فِي الْبَحْرِ ، وَبَعَثَ اللَّهُ ، عَزَّ وَجَلَّ ، حُوتًا عَظِيمًا مِنَ الْبَحْرِ الْأَخْضَرِ فَالْتَقَمَهُ ، وَأَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى : أَنْ لَا تَأْكُلَ لَهُ لَحْمًا ، وَلَا تُهَشِّمَ لَهُ عَظْمًا ، فَلَيْسَ لَكَ بِرِزْقٍ ، فَأَخْذَهُ فَطَافَ بِهِ الْبِحَارَ كُلَّهَا . وَقِيلَ : إِنَّهُ ابْتَلَعَ ذَلِكَ الْحُوتَ حُوتٌ آخَرُ أَكْبَرُ مِنْهُ . قَالُوا : وَلَمَّا اسْتَقَرَّ فِي جَوْفِ الْحُوتِ ، حَسِبَ أَنَّهُ قَدْ مَاتَ ، فَحَرَّكَ جَوَارِحَهُ فَتَحَرَّكَتْ ، فَإِذَا هُوَ حَيٌّ ، فَخَرَّ لِلَّهِ سَاجِدًا ، وَقَالَ : يَا رَبِّ ، اتَّخَذْتُ لَكَ مَسْجِدًا لَمْ يَعْبُدْكَ أَحَدٌ فِي مَثَلِهِ .
وَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي مِقْدَارِ لُبْثِهِ فِي بَطْنِهِ ; فَقَالَ
مَجَالِدٌ عَنِ
الشَّعْبِيِّ : الْتَقَمَهُ ضُحًى ، وَلَفَظَهُ عَشِيَّةً . وَقَالَ
قَتَادَةُ : مَكَثَ فِيهِ ثَلَاثًا . وَقَالَ
جَعْفَرٌ الصَّادِقُ سَبْعَةَ أَيَّامٍ . وَيَشْهَدُ لَهُ شِعْرُ
أُمَيَّةَ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ :
وَأَنْتَ بِفَضْلٍ مِنْكَ نَجَّيْتَ يُوُنُسَا وَقَدْ بَاتَ فِي أَضْعَافِ حُوتٍ لَيَالِيَا
[ ص: 20 ] وَقَالَ
سَعِيدُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ ،
وَأَبُو مَالِكٍ : مَكَثَ فِي جَوْفِهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا . وَاللَّهُ أَعْلَمُ كَمْ مِقْدَارُ مَا لَبِثَ فِيهِ .
وَالْمَقْصُودُ أَنَّهُ لَمَّا جُعِلَ الْحُوتُ يَطُوفُ بِهِ فِي قَرَارِ الْبِحَارِ اللُّجِّيَّةِ ، وَيَقْتَحِمُ بِهِ لُجَجَ الْمَوْجِ الْأُجَاجِيِّ ، فَسَمِعَ تَسْبِيحَ الْحِيتَانِ لِلرَّحْمَنِ ، وَحَتَّى سَمِعَ تَسْبِيحَ الْحَصَى لِفَالِقِ الْحَبِّ وَالنَّوَى ، وَرَبِّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ ، وَالْأَرْضِينَ السَّبْعِ ، وَمَا بَيْنَهَا ، وَمَا تَحْتَ الثَّرَى ، فَعِنْدَ ذَلِكَ وَهُنَالِكَ قَالَ مَا قَالَ بِلِسَانِ الْحَالِ وَالْمَقَالِ ، كَمَا أَخْبَرَ عَنْهُ ذُو الْعِزَّةِ وَالْجَلَالِ ، الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ وَالنَّجْوَى ، وَيَكْشِفُ الضُّرَّ وَالْبَلْوَى ، سَامِعُ الْأَصْوَاتِ وَإِنْ ضَعُفَتْ ، وَعَالِمُ الْخِفْيَاتِ وَإِنْ دَقَّتْ ، وَمُجِيبُ الدَّعَوَاتِ وَإِنْ عَظُمَتْ ، حَيْثُ قَالَ فِي كِتَابِهِ الْمُبِينِ ، الْمُنَزَّلِ عَلَى رَسُولِهِ الْأَمِينِ ، وَهُوَ أَصْدَقُ الْقَائِلِينَ ، وَرَبُّ الْعَالَمِينَ ، وَإِلَهُ الْمُرْسَلِينَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=88فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ .
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ أَيْ ; نُضَيِّقَ . وَقِيلَ : مَعْنَاهُ نُقَدِّرُ ، مِنَ التَّقْدِيرِ . وَهِيَ لُغَةٌ مَشْهُورَةٌ : قَدَرَ ، وَقَدَّرَ . كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ
فَلَا عَائِدٌ ذَاكَ الزَّمَانُ الَّذِي مَضَى تَبَارَكْتَ مَا تُقَدِّرْ يَكُنْ فَلَكَ الْأَمْرُ
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ قَالَ
ابْنُ مَسْعُودٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنُ عَبَّاسٍ ،
وَعَمْرُو بْنُ [ ص: 21 ] مَيْمُونٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15992وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=14980وَمُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ ،
وَالْحَسَنُ ،
وَقَتَادَةُ ،
وَالضَّحَّاكُ : ظُلْمَةُ بَطْنِ الْحُوتِ ، وَظُلْمَةُ الْبَحْرِ ، وَظُلْمَةُ اللَّيْلِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15957سَالِمُ بْنُ أَبِي الْجَعْدِ : ابْتَلَعَ الْحُوتَ حُوتٌ آخَرُ ، فَصَارَ ظُلْمَةُ الْحُوتَيْنِ مَعَ ظُلْمَةِ الْبَحْرِ . وَقَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=143فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=144لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ قِيلَ : مَعْنَاهُ ; لَوْلَا أَنَّهُ سَبَّحَ اللَّهَ هُنَالِكَ ، وَقَالَ مَا قَالَ مِنَ التَّهْلِيلِ وَالتَّسْبِيحِ ، وَالِاعْتِرَافِ لِلَّهِ بِالْخُضُوعِ ، وَالتَّوْبَةِ إِلَيْهِ ، وَالرُّجُوعِ إِلَيْهِ ، لَلَبِثَ هُنَالِكَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، وَلَبُعِثَ مِنْ جَوْفِ ذَلِكَ الْحُوتِ . هَذَا مَعْنَى مَا رُوِيَ عَنْ
سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ . وَقِيلَ : مَعْنَاهُ : فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنْ قَبْلِ أَخْذِ الْحُوتِ لَهُ مِنَ الْمُسَبِّحِينِ أَيِ ; الْمُطِيعِينَ الْمُصَلِّينَ الذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا . قَالَهُ
الضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنُ عَبَّاسٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=11873وَأَبُو الْعَالِيَةِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=17285وَوَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15992وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ ،
وَالضَّحَّاكُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=14468وَالسُّدِّيُّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16571وَعَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ ،
وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ ،
وَقَتَادَةُ ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ . وَاخْتَارَهُ
ابْنُ جَرِيرٍ وَيَشْهَدُ لِهَذَا مَا رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12251الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَبَعْضُ أَهْلِ السُّنَنِ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِي :
يَا غُلَامُ ، إِنِّي مُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ ; احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ ، احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ ، تَعَرَّفْ إِلَى اللَّهِ فِي الرَّخَاءِ يَعْرِفْكَ فِي الشِّدَّةِ وَرَوَى
ابْنُ جَرِيرٍ فِي " تَفْسِيرِهِ " ،
[ ص: 22 ] nindex.php?page=showalam&ids=13863وَالْبَزَّارُ فِي " مَسْنَدِهِ " ، مِنْ حَدِيثِ
مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ ، عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَافِعٍ مَوْلَى أَمِّ سَلَمَةَ ، سَمِعْتُ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3509803لَمَّا أَرَادَ اللَّهُ حَبْسَ يُونُسَ فِي بَطْنِ الْحُوتِ ، أَوْحَى اللَّهُ إِلَى الْحُوتِ ، أَنْ خُذْ وَلَا تَخْدِشْ لَحْمًا ، وَلَا تَكْسِرْ عَظْمًا . فَلَمَّا انْتَهَى بِهِ إِلَى أَسْفَلِ الْبَحْرِ ، سَمِعَ يُونُسَ حِسًّا ، فَقَالَ فِي نَفْسِهِ : مَا هَذَا ؟ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ ، وَهُوَ فِي بَطْنِ الْحُوتِ : إِنَّ هَذَا تَسْبِيحُ دَوَابِّ الْبَحْرِ قَالَ فَسَبَّحَ وَهُوَ فِي بَطْنِ الْحُوتِ ، فَسَمِعَتِ الْمَلَائِكَةُ تَسْبِيحَهُ ، فَقَالُوا يَا رَبَّنَا ، إِنَّا نَسْمَعُ صَوْتًا ضَعِيفًا بِأَرْضٍ غَرِيبَةٍ . قَالَ ذَلِكَ عَبْدِي يُونُسُ ، عَصَانِي فَحَبَسْتُهُ فِي بَطْنِ الْحُوتِ فِي الْبَحْرِ . قَالُوا : الْعَبْدُ الصَّالِحُ الَّذِي كَانَ يَصْعَدُ إِلَيْكَ مِنْهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ عَمَلٌ صَالِحٌ ؟ قَالَ : نَعَمْ . قَالَ : فَشَفَعُوا لَهُ عِنْدَ ذَلِكَ ، فَأَمَرَ الْحُوتَ فَقَذَفَهُ فِي السَّاحِلِ ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=145وَهُوَ سَقِيمٌ هَذَا لَفْظُ
ابْنِ جَرِيرٍ إِسْنَادًا وَمَتْنًا . ثُمَّ قَالَ
الْبَزَّارُ : لَا نَعْلَمُهُ يُرْوَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ ، كَذَا قَالَ .
وَقَدْ قَالَ
ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي " تَفْسِيرِهِ " : حَدَّثَنَا
أَبُو عَبِيدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنِ أَخِي وَهْبٍ ، حَدَّثَنَا عَمِّي ، حَدَّثَنِي
أَبُو صَخْرٍ ، أَنَّ
يَزِيدَ الرَّقَاشِيَّ حَدَّثَهُ قَالَ : سَمِعْتُ
أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ وَلَا أَعْلَمُ إِلَّا أَنَّ
أَنَسًا يَرْفَعُ الْحَدِيثَ
[ ص: 23 ] إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
أَنَّ يُونُسَ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، حِينَ بَدَا لَهُ أَنْ يَدْعُوَ بِهَذِهِ الْكَلِمَاتِ ، وَهُوَ فِي بَطْنِ الْحُوتِ قَالَ : اللَّهُمَّ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ . فَأَقْبَلَتِ الدَّعْوَةُ تَحِنُّ بِالْعَرْشِ ، فَقَالَتِ الْمَلَائِكَةُ : يَا رَبِّ ، صَوْتٌ ضَعِيفٌ مَعْرُوفٌ مِنْ بِلَادٍ غَرِيبَةٍ . فَقَالَ : أَمَا تَعْرِفُونَ ذَاكَ ؟ قَالُوا : يَا رَبِّ ، وَمَنْ هُوَ ؟ قَالَ : عَبْدِي يُونُسُ . قَالُوا : عَبَدُكَ يُونُسُ الَّذِي لَمْ يَزَلْ يُرْفَعُ لَهُ عَمَلٌ مُتَقَبَّلٌ وَدَعْوَةٌ مُجَابَةٌ ؟ قَالَ : نَعَمْ . قَالُوا : يَا رَبِّ ، أَوَلَا تَرْحَمُ مَا كَانَ يَصْنَعُهُ فِي الرَّخَاءِ ، فَتُنَجِّيَهُ مِنَ الْبَلَاءِ ؟ قَالَ : بَلَى . فَأَمَرَ الْحُوتَ فَطَرَحَهُ فِي الْعَرَاءِ . وَرَوَاهُ
ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ
يُونُسَ ، عَنِ
ابْنِ وَهْبٍ بِهِ . زَادَ
ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ : قَالَ
أَبُو صَخْرٍ حُمَيْدُ بْنُ زِيَادٍ : فَأَخْبَرَنِي
ابْنُ قُسَيْطٍ وَأَنَا أُحَدِّثُهُ هَذَا الْحَدِيثَ ، أَنَّهُ سَمِعَ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ : طُرِحَ بِالْعَرَاءِ ، وَأَنْبَتَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْيَقْطِينَةَ . قُلْنَا : يَا
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبَا هُرَيْرَةَ ، وَمَا الْيَقْطِينَةُ ؟ قَالَ : شَجَرَةُ الدُّبَّاءِ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبُو هُرَيْرَةَ : وَهَيَّأَ اللَّهُ لَهُ أُرْوِيَّةً وَحْشِيَّةً تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الْأَرْضِ - أَوْ قَالَ : هَشَاشِ الْأَرْضِ - قَالَ : فَتَنْفَشِخُ عَلَيْهِ فَتَرْوِيهِ مِنْ لَبَنِهَا ، كُلَّ عَشِيَّةٍ وَبُكْرَةٍ ، حَتَّى نَبَتَ . وَقَالَ
أُمَيَّةُ بْنُ أَبِي الصَّلْتِ فِي ذَلِكَ بَيْتًا مِنْ شِعْرِهِ
فَأَنْبَتَ يَقْطِينًا عَلَيْهِ بِرِحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لَوْلَا اللَّهُ أُلْفِيَ ضَاحِيَا
وَهَذَا غَرِيبٌ أَيْضًا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ ،
وَيَزِيدُ الرَّقَاشِيُّ ضَعِيفٌ ، وَلَكِنْ يَتَقَوَّى
[ ص: 24 ] بِحَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ الْمُتَقَدِّمِ ، كَمَا يَتَقَوَّى ذَاكَ بِهَذَا . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=145فَنَبَذْنَاهُ أَيْ ; أَلْقَيْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ الْمَكَانُ الْقَفْرُ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ مِنَ الْأَشْجَارِ ، بَلْ هُوَ عَارٍ مِنْهَا
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=145وَهُوَ سَقِيمٌ أَيْ ; ضَعِيفُ الْبَدَنِ . قَالَ
ابْنُ مَسْعُودٍ : كَهَيْئَةِ الْفَرْخِ ، لَيْسَ عَلَيْهِ رِيشٌ . وَقَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=14468وَالسُّدِّيُّ ،
وَابْنُ زَيْدٍ : كَهَيْئَةِ الصَّبِيِّ حِينَ يُولَدُ ، وَهُوَ الْمَنْفُوسُ ، لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=146وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ قَالَ
ابْنُ مَسْعُودٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنُ عَبَّاسٍ ،
وَعِكْرِمَةُ ،
وَمُجَاهِدٌ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15992وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=17285وَوَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ ،
وَهِلَالُ بْنُ يَسَافٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16446وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ طَاوُسٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=14468وَالسُّدِّيُّ ،
وَقَتَادَةُ ،
وَالضَّحَّاكُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16566وَعَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ : هُوَ الْقَرْعُ .
قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ : فِي إِنْبَاتِ الْقَرْعِ عَلَيْهِ حِكَمٌ جَمَّةٌ ; مِنْهَا أَنَّ وَرَقَهُ فِي غَايَةِ النُّعُومَةِ ، وَكَثِيرٌ وَظَلِيلٌ ، وَلَا يَقْرَبُهُ ذُبَابٌ ، وَيُؤْكَلُ ثَمَرُهُ مِنْ أَوَّلِ طُلُوعِهِ إِلَى آخِرِهِ ، نِيئًا وَمَطْبُوخًا ، وَبِقِشْرِهِ وَبِبِزْرِهِ أَيْضًا ، وَفِيهِ نَفْعٌ كَثِيرٌ ، وَتَقْوِيَةٌ لِلدِّمَاغِ ، وَغَيْرُ ذَلِكَ . وَتَقَدَّمَ كَلَامُ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ فِي تَسْخِيرِ اللَّهِ تَعَالَى لَهُ تِلْكَ الْأُرْوِيَّةَ الَّتِي كَانَتْ تُرْضِعُهُ لَبَنَهَا ، وَتَرْعَى فِي الْبَرِّيَّةِ ، وَتَأْتِيهِ بُكْرَةً وَعَشِيَّةً . وَهَذَا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ بِهِ ، وَنِعْمَتِهِ عَلَيْهِ ، وَإِحْسَانِهِ إِلَيْهِ ، وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=88فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ أَيِ ; الْكَرْبِ وَالضِّيقِ الَّذِي كَانَ فِيهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=88وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ [ ص: 25 ] أَيْ ; وَهَذَا صَنِيعُنَا بِكُلِّ مُؤْمِنٍ دَعَانَا وَاسْتَجَارَ بِنَا .
قَالَ
ابْنُ جَرِيرٍ : حَدَّثَنِي
عِمْرَانُ بْنُ بَكَّارٍ الْكَلَاعِيُّ ، حَدَّثَنَا
يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ ، حَدَّثَنَا
أَبُو يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، حَدَّثَنِي
بِشْرُ بْنُ مَنْصُورٍ ، عَنْ
عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15990سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ سَمِعْتُ
nindex.php?page=showalam&ids=37سَعْدَ بْنَ مَالِكٍ وَهُوَ ابْنُ أَبِي وَقَّاصٍ يَقُولُ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ
: اسْمُ اللَّهِ الَّذِي إِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ ، وَإِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى ، دَعْوَةُ يُونُسَ بْنِ مَتَّى قَالَ : فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، هِيَ لِيُونُسَ خَاصَّةً أَمْ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ ؟ قَالَ هِيَ لِيُونُسَ خَاصَّةً ، وَلِلْمُؤْمِنِينَ عَامَّةً إِذَا دَعَوْا بِهَا ، أَلَمْ تَسْمَعْ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=88فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ فَهُوَ شَرْطٌ مِنَ اللَّهِ لِمَنْ دَعَاهُ بِهِ وَقَالَ
ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ : حَدَّثَنَا
أَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ ، حَدَّثَنَا
أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ ، عَنْ
كَثِيرِ بْنِ زَيْدٍ ، عَنِ
الْمُطَّلِبِ بْنِ حَنْطَبٍ - قَالَ
أَبُو خَالِدٍ : أَحْسَبُهُ عَنْ
مُصْعَبٍ . يَعْنِي
ابْنَ سَعْدٍ - عَنْ
سَعْدٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3509805مَنْ دَعَا بِدُعَاءِ يُونُسَ اسْتُجِيبَ لَهُ . قَالَ
أَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ : يُرِيدُ بِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=88وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ وَهَذَانِ طَرِيقَانِ عَنْ سَعْدٍ .
[ ص: 26 ] وَثَالِثٌ أَحْسَنُ مِنْهُمَا ;قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12251الْإِمَامُ أَحْمَدُ : حَدَّثَنَا
إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ ، حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=17415يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيُّ ، حَدَّثَنَا
إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ ، حَدَّثَنِي وَالِدِي
مُحَمَّدٌ ، عَنْ أَبِيهِ
nindex.php?page=showalam&ids=37سَعْدٍ - وَهُوَ ابْنُ أَبِي وَقَّاصٍ - قَالَ : مَرَرْتُ
بِعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ فِي الْمَسْجِدِ ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ ، فَمَلَأَ عَيْنَيْهِ مِنِّي ثُمَّ لَمْ يَرْدُدْ عَلَيَّ السَّلَامَ ، فَأَتَيْتُ
عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ، فَقُلْتُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هَلْ حَدَثَ فِي الْإِسْلَامِ شَيْءٌ ؟ مَرَّتَيْنِ . قَالَ : لَا ، وَمَا ذَاكَ ؟ قُلْتُ : لَا ، إِلَّا أَنِّي مَرَرْتُ
بِعُثْمَانَ آنِفًا فِي الْمَسْجِدِ ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ ، فَمَلَأَ عَيْنَيْهِ مِنِّي ، ثُمَّ لَمْ يَرْدُدْ عَلَيَّ السَّلَامَ . قَالَ : فَأَرْسَلَ
عُمَرُ إِلَى
عُثْمَانَ فَدَعَاهُ ، فَقَالَ : مَا مَنَعَكَ أَنْ لَا تَكُونَ رَدَدْتَ عَلَى أَخِيكَ السَّلَامَ ؟ قَالَ : مَا فَعَلْتُ . قَالَ
سَعْدٌ : قُلْتُ : بَلَى . حَتَّى حَلَفَ وَحَلَفْتُ . قَالَ : ثُمَّ إِنْ
عُثْمَانَ ذَكَرَ ، فَقَالَ : بَلَى ، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ ، إِنَّكَ مَرَرْتَ بِي آنِفًا ، وَأَنَا أُحَدِّثُ نَفْسِي بِكَلِمَةٍ سَمِعْتُهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، لَا وَاللَّهِ ، مَا ذَكَرْتُهَا قَطُّ إِلَّا تَغَشَّى بَصَرِي وَقَلْبِي غِشَاوَةٌ . قَالَ
سَعْدٌ : فَأَنَا أُنْبِئُكَ بِهَا ،
إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ لَنَا أَوَّلَ دَعْوَةٍ ، ثُمَّ جَاءَ أَعْرَابِيٌّ فَشَغَلَهُ ، حَتَّى قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاتَّبَعْتُهُ ، فَلَمَّا أَشْفَقْتُ أَنْ يَسْبِقَنِي إِلَى مَنْزِلِهِ ، ضَرَبْتُ بِقَدَمِي الْأَرْضَ ، فَالْتَفَتَ إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : مَنْ هَذَا ؟ أَبُو إِسْحَاقَ ؟ قَالَ : قُلْتُ : نَعَمْ ، يَا رَسُولَ اللَّهِ . قَالَ : فَمَهْ؟ قُلْتُ : لَا وَاللَّهِ ، إِلَّا أَنَّكَ ذَكَرْتَ لَنَا أَوَّلَ دَعْوَةٍ ، ثُمَّ جَاءَ هَذَا الْأَعْرَابِيُّ فَشَغَلَكَ . قَالَ : نَعَمْ ، دَعْوَةُ ذِي النُّونِ ; إِذْ [ ص: 27 ] هُوَ فِي بَطْنِ الْحُوتِ : nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا مُسْلِمٌ رَبَّهُ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا اسْتَجَابَ لَهُ وَرَوَاهُ
التِّرْمِذِيُّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15397وَالنَّسَائِيُّ ، مِنْ حَدِيثِ
إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ بِهِ .
28 >