[ ص: 404 ] كتاب
nindex.php?page=treesubj&link=25310_29393حجة الوداع في سنة عشر
ويقال لها حجة البلاغ ، وحجة الإسلام ، وحجة الوداع ; لأنه ، عليه الصلاة والسلام ، ودع الناس فيها ، ولم يحج بعدها . وسميت حجة الإسلام ; لأنه ، عليه الصلاة والسلام ، لم يحج من
المدينة غيرها ، ولكن حج قبل الهجرة مرات قبل النبوة وبعدها . وقد قيل : إن
nindex.php?page=treesubj&link=3277فريضة الحج نزلت عامئذ . وقيل : سنة تسع . وقيل : سنة ست . وقيل : قبل الهجرة . وهو غريب جدا . وسميت حجة البلاغ ; لأنه ، عليه الصلاة والسلام ، بلغ الناس شرع الله في الحج قولا وفعلا ، ولم يكن بقي من دعائم الإسلام وقواعده شيء إلا وقد بينه ، عليه الصلاة والسلام ، فلما بين لهم شريعة الحج ووضحه وشرحه أنزل الله ، عز وجل ، عليه وهو واقف بعرفة :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ( المائدة : 3 ) وسيأتي إيضاح لهذا كله .
والمقصود ذكر حجته ، عليه الصلاة والسلام ، كيف كانت ، فإن النقلة اختلفوا فيها اختلافا كثيرا جدا ، بحسب ما وصل إلى كل منهم من العلم ، وتفاوتوا في ذلك تفاوتا كثيرا ، لا سيما من بعد الصحابة ، رضي الله عنهم ، ونحن نورد بحمد الله وعونه وحسن توفيقه ما ذكره الأئمة في كتبهم من هذه الروايات ، ونجمع بينها جمعا يثلج قلب من تأمله وأنعم النظر فيه ، وجمع بين طريقتي الحديث وفهم معانيه ، إن شاء الله ، وبالله الثقة وعليه التكلان . وقد
[ ص: 405 ] اعتنى الناس بحجة رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتناء كثيرا من قدماء الأئمة ومتأخريهم ، وقد صنف العلامة
أبو محمد بن حزم الأندلسي ، رحمه الله ، مجلدا في حجة الوداع أجاد في أكثره ، ووقع له فيه أوهام ، سننبه عليها في مواضعها ، وبالله المستعان .
[ ص: 404 ] كِتَابُ
nindex.php?page=treesubj&link=25310_29393حَجَّةِ الْوَدَاعِ فِي سَنَةِ عَشْرٍ
وَيُقَالُ لَهَا حَجَّةُ الْبَلَاغِ ، وَحَجَّةُ الْإِسْلَامِ ، وَحَجَّةُ الْوَدَاعِ ; لِأَنَّهُ ، عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ، وَدَّعَ النَّاسَ فِيهَا ، وَلَمْ يَحُجَّ بَعْدَهَا . وَسُمِّيَتْ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ ; لِأَنَّهُ ، عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ، لَمْ يَحُجَّ مِنَ
الْمَدِينَةِ غَيْرَهَا ، وَلَكِنْ حَجَّ قَبْلَ الْهِجْرَةِ مَرَّاتٍ قَبْلَ النُّبُوَّةِ وَبَعْدَهَا . وَقَدْ قِيلَ : إِنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=3277فَرِيضَةَ الْحَجِّ نَزَلَتْ عَامَئِذٍ . وَقِيلَ : سَنَةَ تِسْعٍ . وَقِيلَ : سَنَةَ سِتٍّ . وَقِيلَ : قَبْلَ الْهِجْرَةِ . وَهُوَ غَرِيبٌ جِدًّا . وَسُمِّيَتْ حَجَّةَ الْبَلَاغِ ; لِأَنَّهُ ، عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ، بَلَّغَ النَّاسَ شَرْعَ اللَّهِ فِي الْحَجِّ قَوْلًا وَفِعْلًا ، وَلَمْ يَكُنْ بَقِيَ مِنْ دَعَائِمِ الْإِسْلَامِ وَقَوَاعِدِهِ شَيْءٌ إِلَّا وَقَدْ بَيَّنَهُ ، عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ، فَلَمَّا بَيَّنَ لَهُمْ شَرِيعَةَ الْحَجِّ وَوَضَّحَهُ وَشَرَحَهُ أَنْزَلَ اللَّهُ ، عَزَّ وَجَلَّ ، عَلَيْهِ وَهُوَ وَاقِفٌ بِعَرَفَةَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ( الْمَائِدَةِ : 3 ) وَسَيَأْتِي إِيضَاحٌ لِهَذَا كُلِّهِ .
وَالْمَقْصُودُ ذِكْرُ حَجَّتِهِ ، عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ، كَيْفَ كَانَتْ ، فَإِنَّ النَّقَلَةَ اخْتَلَفُوا فِيهَا اخْتِلَافًا كَثِيرًا جِدًّا ، بِحَسَبِ مَا وَصَلَ إِلَى كُلٍّ مِنْهُمْ مِنَ الْعِلْمِ ، وَتَفَاوَتُوا فِي ذَلِكَ تَفَاوُتًا كَثِيرًا ، لَا سِيَّمَا مَنْ بَعْدَ الصَّحَابَةِ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ، وَنَحْنُ نُورِدُ بِحَمْدِ اللَّهِ وَعَوْنِهِ وَحُسْنِ تَوْفِيقِهِ مَا ذَكَرَهُ الْأَئِمَّةُ فِي كُتُبِهِمْ مِنْ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ ، وَنَجْمَعُ بَيْنَهَا جَمْعًا يُثْلِجُ قَلْبَ مَنْ تَأَمَّلَهُ وَأَنْعَمَ النَّظَرَ فِيهِ ، وَجَمَعَ بَيْنَ طَرِيقَتَيِ الْحَدِيثِ وَفَهِمِ مَعَانِيهِ ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ ، وَبِاللَّهِ الثِّقَةُ وَعَلَيْهِ التُّكْلَانُ . وَقَدْ
[ ص: 405 ] اعْتَنَى النَّاسُ بِحَجَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعْتِنَاءً كَثِيرًا مِنْ قُدَمَاءِ الْأَئِمَّةِ وَمُتَأَخِّرِيهِمْ ، وَقَدْ صَنَّفَ الْعَلَّامَةُ
أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَزْمٍ الْأَنْدَلُسِيُّ ، رَحِمَهُ اللَّهُ ، مُجَلَّدًا فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ أَجَادَ فِي أَكْثَرِهِ ، وَوَقَعَ لَهُ فِيهِ أَوْهَامٌ ، سَنُنَبِّهُ عَلَيْهَا فِي مَوَاضِعِهَا ، وَبِاللَّهِ الْمُسْتَعَانُ .