[ ص: 415 ] باب صفة خروجه ، عليه الصلاة والسلام ، من المدينة  إلى مكة  للحج  
قال  البخاري    : حدثنا إبراهيم بن المنذر  ، ثنا أنس بن عياض  عن  عبيد الله - هو ابن عمر    - عن نافع  ، عن عبد الله بن عمر  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخرج من طريق الشجرة ، ويدخل من طريق المعرس  ، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج إلى مكة  يصلي في مسجد الشجرة ، وإذا رجع صلى بذي الحليفة  ببطن الوادي ، وبات حتى يصبح . تفرد به  البخاري  من هذا الوجه . 
وقال  الحافظ أبو بكر البزار    : وجدت في كتابي ، عن عمرو بن مالك  ، عن  يزيد بن زريع  ، عن هشام  ، عن عزرة بن ثابت  ، عن ثمامة  عن أنس  أن النبي صلى الله عليه وسلم حج على رحل رث ، وتحته قطيفة ، وقال : " حجة لا رياء فيها ولا سمعة " . 
وقد علقه  البخاري  في " صحيحه " فقال : وقال : محمد بن أبي بكر   [ ص: 416 ] المقدمي : حدثنا  يزيد بن زريع  ، عن عزرة بن ثابت  ، عن ثمامة  قال : حج أنس  على رحل رث ، ولم يكن شحيحا . وحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حج على رحل وكانت زاملته . هكذا ذكره البزار   والبخاري  معلقا ، مقطوع الإسناد من أوله . 
وقد أسنده  الحافظ البيهقي  في " سننه " فقال : أنبأنا أبو الحسن علي بن محمد بن علي المقرئ  ، أنبأنا الحسن بن محمد بن إسحاق  ، ثنا يوسف بن يعقوب القاضي  ثنا محمد بن أبي بكر  ثنا  يزيد بن زريع  ، فذكره . 
وقد رواه الحافظ أبو يعلى الموصلي  في " مسنده " من وجه آخر ، عن أنس بن مالك  فقال : حدثنا علي بن الجعد  ، أنبأنا الربيع بن صبيح  ، عن يزيد الرقاشي  ، عن أنس  قال : حج رسول الله صلى الله عليه وسلم على رحل رث ، وقطيفة تساوي - أو لا تساوي - أربعة دراهم فقال : " اللهم حجة لا رياء فيها " . 
 [ ص: 417 ] وقد رواه الترمذي  في " الشمائل " من حديث  أبي داود الطيالسي  ،  وسفيان الثوري  ،  وابن ماجه  من حديث  وكيع بن الجراح  ثلاثتهم عن الربيع بن صبيح به . وهو إسناد ضعيف من جهة يزيد بن أبان الرقاشي  ، فإنه غير مقبول الرواية عند الأئمة . 
وقال الإمام أحمد    : حدثنا هاشم  ، ثنا إسحاق بن سعيد  ، عن أبيه قال : صدرت مع ابن عمر  ، فمرت بنا رفقة يمانية ، ورحالهم الأدم وخطم إبلهم الجرر ، فقال عبد الله : من أحب أن ينظر إلى أشبه رفقة وردت العام برسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه إذ قدموا في حجة الوداع ، فلينظر إلى هذه الرفقة . ورواه أبو داود  عن هناد  ، عن  وكيع  ، عن إسحاق بن سعيد بن عمرو بن سعيد بن   [ ص: 418 ] العاص  ، عن أبيه ، عن ابن عمر  فذكره . 
وقال الحافظ  أبو بكر البيهقي    : أنبأنا أبو عبد الله الحافظ  ، وأبو طاهر الفقيه  ، وأبو زكريا بن أبي إسحاق  ، وأبو بكر بن الحسن  ، وأبو سعيد بن أبي عمرو  قالوا : ثنا  أبو العباس - هو الأصم    - أنبأنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم  ، أنبأنا سعيد بن بشير القرشي  ، حدثنا عبد الله بن حكيم الكناني    - رجل من أهل اليمن  من مواليهم - عن بشر بن قدامة الضبابي  قال : أبصرت عيناي حبي رسول الله صلى الله عليه وسلم واقفا بعرفات  مع الناس على ناقة له حمراء قصواء ، تحته قطيفة بولانية وهو يقول : " اللهم اجعلها حجة غير رئاء ولا هباء ولا سمعة " . والناس يقولون : هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم 
وقال الإمام أحمد    : حدثنا عبد الله بن إدريس  ، ثنا ابن إسحاق  ، عن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير  ، عن أبيه ، أن أسماء بنت أبي بكر  قالت : خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم حجاجا ، حتى إذا كنا بالعرج  نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلست عائشة  إلى جنب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وجلست إلى جنب أبي ، وكانت   [ ص: 419 ] زمالة رسول الله صلى الله عليه وسلم وزمالة أبي بكر  واحدة مع غلام أبي بكر  ، فجلس أبو بكر  ينتظر أن يطلع عليه فطلع وليس معه بعيره ، فقال : أين بعيرك . فقال : أضللته البارحة . فقال أبو بكر    : بعير واحد تضله! فطفق يضربه ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يبتسم ويقول : " انظروا إلى هذا المحرم وما يصنع " . وكذا رواه أبو داود  ، عن  أحمد بن حنبل  ، ومحمد بن عبد العزيز بن أبي رزمة    . وأخرجه ابن ماجه  ، عن أبي بكر بن أبي شيبة  ، ثلاثتهم عن عبد الله بن إدريس  به . 
فأما الحديث الذي رواه  أبو بكر البزار  في " مسنده " قائلا : حدثنا إسماعيل بن حفص  ، ثنا يحيى بن يمان  ، ثنا حمزة الزيات  ، عن حمران بن أعين  ، عن  أبي الطفيل  ، عن أبي سعيد  قال : حج النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه مشاة من المدينة إلى مكة قد ربطوا أوساطهم ، ومشيهم خلط الهرولة فإنه حديث منكر ضعيف الإسناد  ، وحمزة بن حبيب الزيات  ضعيف ، وشيخه متروك الحديث . وقد قال البزار    : لا يروى إلا من هذا الوجه ، وإن كان إسناده حسنا عندنا ، ومعناه أنهم كانوا في عمرة إن ثبت الحديث ; لأنه ، عليه الصلاة والسلام ، إنما حج حجة واحدة وكان راكبا وبعض أصحابه مشاة . 
قلت : ولم يعتمر النبي صلى الله عليه وسلم في شيء من عمره ماشيا ; لا في الحديبية ، ولا في القضاء ، ولا الجعرانة ، ولا في حجة الوداع ، وأحواله ، عليه الصلاة   [ ص: 420 ] والسلام ، أشهر وأعرف من أن تخفى على الناس ، بل هذا الحديث منكر شاذ لا يثبت مثله . والله أعلم . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					