[ ص: 526 ] فصل في
ذكرت في " التفسير " عن بعض السلف أنه استنبط من قوله تعالى : شجاعته صلى الله عليه وسلم فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك وحرض المؤمنين [ النساء : 84 ] . أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان مأمورا أن لا يفر من المشركين إذا واجهوه ، ولو كان وحده ، من قوله : لا تكلف إلا نفسك وقد ، ما فر قط من مصاف ولو تولى عنه أصحابه . قال بعض الصحابة : كنا إذا اشتد الحرب وحمي البأس نتقي برسول الله صلى الله عليه وسلم . ففي يوم بدر رمى ألف مشرك بقبضة من حصباء ، فنالتهم أجمعين حين قال : ( كان صلى الله عليه وسلم من أشجع الناس وأصبر الناس وأجلدهم شاهت الوجوه وكذلك يوم حنين كما تقدم ، وفر أكثر أصحابه في ثاني الحال يوم أحد وهو ثابت في مقامه لم يبرح منه ، ولم يبق معه إلا اثنا عشر ، قتل منهم سبعة ، وبقي الخمسة ، وفي هذا الوقت قتل أبي بن خلف ، لعنه الله ، فعجله الله إلى النار ، ويوم حنين ولى الناس كلهم ، وكانوا يومئذ اثني عشر ألفا ، وثبت هو في نحو من مائة من أصحابه وهو راكب يومئذ بغلته ، وهو يركض بها إلى نحو العدو ، وهو ينوه باسمه الكريم ويعلن بذلك [ ص: 527 ] قائلا : أنا النبي لا كذب ، أنا ابن عبد المطلب حتى جعل العباس وعلي يتعلقون في تلك البغلة ليبطؤوا سيرها ؛ خوفا عليه من أن يصل أحد من الأعداء إليه ، وما زال كذلك حتى نصره الله وأيده في مقامه ذلك ، وما تراجع الناس إلا والأسارى مكبلة بين يديه صلى الله عليه وسلم . وأبو سفيان بن الحارث
وقال أبو زرعة حدثنا العباس بن الوليد بن صبح الدمشقي ، حدثنا مروان ، يعني ابن محمد ، حدثنا عن سعيد بن بشير ، قتادة ، عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : . فضلت على الناس بشدة البطش