ذكر
nindex.php?page=treesubj&link=33704_31435فتح المدائن التي هي مستقر ملك كسرى
لما فتح
سعد بهرسير واستقر بها ، وذلك في صفر ، لم يجد فيها أحدا ولا شيئا مما يغنم ، بل قد تحولوا بكمالهم إلى
المدائن وركبوا السفن ، وضموا السفن إليهم ، ولم يجد
سعد ، رضي الله عنه ، شيئا من السفن ، وتعذر عليه تحصيل شيء منها بالكلية ، وقد زادت
دجلة زيادة عظيمة ، واسود ماؤها ، ورمت بالزبد من كثرة الماء بها ، وأخبر
سعد ، بأن
nindex.php?page=showalam&ids=16848كسرى يزدجرد عازم
[ ص: 9 ] على أخذ الأموال والأمتعة من
المدائن إلى
حلوان وأنك إن لم تدركه قبل ثلاث ، فات عليك وتفارط الأمر ، فخطب
سعد المسلمين على شاطئ
دجلة ، فحمد الله وأثنى عليه ، وقال : إن عدوكم قد اعتصم منكم بهذا البحر ; فلا تخلصون إليه معه ، وهم يخلصون إليكم إذا شاءوا فيناوشونكم في سفنهم ، وليس وراءكم شيء تخافون أن تؤتوا منه ، وقد رأيت أن تبادروا جهاد العدو بنياتكم قبل أن تحصركم الدنيا ، ألا إني قد عزمت على قطع هذا البحر إليهم . فقالوا جميعا : عزم الله لنا ولك على الرشد ، فافعل . فعند ذلك ندب
سعد الناس إلى العبور ، ويقول : من يبدأ فيحمي لنا الفراض - يعني ثغرة المخاضة من الناحية الأخرى - ليجوز الناس إليهم آمنين . فانتدب
عاصم بن عمرو وذوو البأس من الناس ، قريب من ستمائة ، فأمر
سعد عليهم
عاصم بن عمرو ، فوقفوا على حافة
دجلة ، فقال
عاصم : من ينتدب معي لنكون قبل الناس دخولا في هذا البحر ، فنحمي الفراض من الجانب الآخر ؟ فانتدب له ستون من الشجعان المذكورين ; والأعاجم وقوف صفوفا من الجانب الآخر ؟ فتقدم رجل من المسلمين وقد أحجم الناس عن الخوض في
دجلة ، فقال : أتخافون من هذه
[ ص: 10 ] النطفة ؟ ثم تلا قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=145وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتابا مؤجلا [ آل عمران 145 ] . ثم أقحم فرسه فيها واقتحم الناس ، وقد افترق الستون فرقتين : أصحاب الخيل الذكور ، وأصحاب الخيل الإناث ، فلما رآهم
الفرس يطفون على وجه الماء قالوا : ديوانا ديوانا . يقولون : مجانين مجانين . ثم قالوا : والله ما تقاتلون إنسا بل تقاتلون جنا . ثم أرسلوا فرسانا منهم في الماء يلتقون أول المسلمين ليمنعوهم من الخروج من الماء ، فأمر
عاصم بن عمرو أصحابه أن يشرعوا لهم الرماح ويتوخوا الأعين ، ففعلوا ذلك
بالفرس فقلعوا عيون خيولهم ، فرجعوا أمام المسلمين لا يملكون كف خيولهم حتى خرجوا من الماء ، واتبعهم
عاصم وأصحابه فساقوا وراءهم حتى طردوهم عن الجانب الآخر ، ووقفوا على حافة
الدجلة من الجانب الآخر ، ونزل بقية أصحاب
عاصم من الستمائة في
دجلة ، فخاضوها ، حتى وصلوا إلى أصحابهم من الجانب الآخر ، فقاتلوا مع أصحابهم حتى نفوا
الفرس عن ذلك الجانب . وكانوا يسمون الكتيبة الأولى كتيبة الأهوال ، وأميرها
عاصم بن عمرو ، والكتيبة الثانية الكتيبة الخرساء ، وأميرها
القعقاع بن عمرو . وهذا كله
وسعد [ ص: 11 ] والمسلمون ينظرون إلى ما يصنع هؤلاء الفرسان
بالفرس ،
وسعد واقف على شاطئ
دجلة . ثم نزل
سعد ببقية الجيش ، وذلك حين نظروا إلى الجانب الآخر وقد تحصن بمن حصل فيه من الفرسان المسلمين ، وقد أمر
سعد المسلمين عند دخول الماء أن يقولوا : نستعين بالله ، ونتوكل عليه ، حسبنا الله ونعم الوكيل ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم . ثم اقتحم بفرسه
دجلة ، واقتحم الناس لم يتخلف عنه أحد فساروا فيها كأنما يسيرون على وجه الأرض ، حتى ملأوا ما بين الجانبين ، فلا يرى وجه الماء من الفرسان والرجالة ، وجعل الناس يتحدثون على وجه الماء كما يتحدثون على وجه الأرض ; وذلك لما حصل لهم من الطمأنينة والأمن ، والوثوق بأمر الله ووعده ونصره ، وتأييده ، ولأن أميرهم
nindex.php?page=showalam&ids=37سعد بن أبي وقاص أحد العشرة المشهود لهم بالجنة ، وقد توفي رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، وهو عنه راض ، ودعا له ، فقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3512309اللهم أجب دعوته وسدد رميته
والمقطوع به أن
سعدا دعا لجيشه هذا في هذا اليوم بالسلامة والنصر ، وقد رمى بهم في هذا اليم ، فسددهم الله وسلمهم ، فلم يفقد من المسلمين رجل واحد ، غير أن رجلا واحدا يقال له :
غرقدة البارقي ، ذل عن فرس له شقراء ، فأخذ
القعقاع بن عمرو بلجامها ، وأخذ بيد الرجل حتى عدله على فرسه ، وكان من الشجعان ، فقال : عجز النساء أن يلدن مثل
القعقاع بن عمرو . ولم يعدم
[ ص: 12 ] للمسلمين شيء من أمتعتهم غير قدح من خشب لرجل يقال له :
مالك بن عامر . كانت علاقته رثة ، فأخذه الموج ، فدعا صاحبه الله ، عز وجل ، وقال : اللهم لا تجعلني من بينهم يذهب متاعي . فرده الموج إلى الجانب الذي يقصدونه ، فأخذه الناس ثم ردوه على صاحبه بعينه . وكان الفرس إذا أعيا وهو في الماء ، يقيض الله له مثل النشز المرتفع ، فيقف عليه فيستريح ، وحتى إن بعض الخيل ليسير وما يصل الماء إلى حزامها ، وكان يوما عظيما ، وأمرا هائلا ، وخطبا جليلا ، وخارقا باهرا ، ومعجزة لرسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، خلقها الله لأصحابه ، لم ير مثلها في تلك البلاد ، ولا في بقعة من البقاع سوى قضية
nindex.php?page=showalam&ids=386العلاء بن الحضرمي المتقدمة ، بل هذا أجل وأعظم ; فإن هذا الجيش كان أضعاف ذلك . قالوا : وكان الذي يساير
nindex.php?page=showalam&ids=37سعد بن أبي وقاص في الماء
سلمان الفارسي فجعل
سعد يقول : حسبنا الله ونعم الوكيل ، والله لينصرن الله وليه ، وليظهرن الله دينه ، وليهزمن الله عدوه ، إن لم يكن في الجيش بغي أو ذنوب تغلب الحسنات . فقال له
سلمان : إن الإسلام جديد ، ذللت لهم والله البحور ، كما ذلل لهم البر ، أما والذي نفس
سلمان بيده ليخرجن منه أفواجا كما دخلوا أفواجا . فخرجوا منه كما قال
سلمان ، لم يغرق منهم أحد ، ولم يفقدوا شيئا .
ولما استقل المسلمون على وجه الأرض ، خرجت الخيول تنفض أعرافها صاهلة ، فساقوا وراء الأعاجم حتى دخلوا
المدائن فلم يجدوا بها أحدا ، بل قد أخذ
كسرى أهله وما قدروا عليه من الأموال والأمتعة والحواصل ، وتركوا ما
[ ص: 13 ] عجزوا عنه من الأنعام ، والثياب ، والمتاع ، والآنية ، والألطاف ، والأدهان ، ما لا يدرى قيمته . وكان في خزانة
كسرى ثلاثة آلاف ألف ألف ألف دينار ، ثلاث مرات ، فأخذوا من ذلك ما قدروا عليه ، وتركوا ما عجزوا عنه ، وهو مقدار النصف من ذلك أو ما يقاربه .
فكان
nindex.php?page=treesubj&link=34020أول من دخل المدائن كتيبة الأهوال ، ثم الكتيبة الخرساء ، فأخذوا في سككها لا يلقون أحدا ولا يخشونه ، غير القصر الأبيض ، ففيه مقاتلة ، وهو محصن . فلما جاء
سعد بالجيش ، دعا أهل القصر الأبيض ثلاثة أيام ، على لسان
سلمان الفارسي ، فلما كان اليوم الثالث نزلوا منه ، وسكنه
سعد واتخذ الإيوان مصلى ، وحين دخله تلا قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=25كم تركوا من جنات وعيون وزروع ومقام كريم ونعمة كانوا فيها فاكهين كذلك وأورثناها قوما آخرين [ الدخان 25 - 28 ] . ثم تقدم إلى صدره فصلى ثمان ركعات صلاة الفتح ، وذكر
سيف في روايته أنه صلاها بتسليمة واحدة ، وأنه جمع بالإيوان ، في صفر من هذه السنة ، فكانت
nindex.php?page=treesubj&link=33705_34020أول جمعة جمعت بالعراق ; وذلك لأن
سعدا نوى الإقامة بها ، وبعث إلى العيالات فأنزلهم دور
المدائن واستوطنوها ، حتى فتحوا
جلولاء وتكريت والموصل ، ثم تحولوا إلى
الكوفة بعد ذلك ، كما سنذكره .
[ ص: 14 ] ثم أرسل السرايا في إثر
nindex.php?page=showalam&ids=16848كسرى يزدجرد ، فلحق بهم طائفة فقتلوهم وشردوهم ، واستلبوا منهم أموالا عظيمة ، أكثرها من ملابس
كسرى وتاجه وحليه . وشرع
سعد في تحصيل ما هنالك من الأموال والحواصل والتحف ، مما لا يقوم ولا يحد ولا يوصف ; كثرة وعظمة .
وقد روينا أنه كان هناك تماثيل من جص ، فنظر
سعد إلى أحدها وإذا هو يشير بأصبعه إلى مكان ، فقال
سعد : إن هذا لم يوضع هكذا سدى . فأخذوا ما يسامت أصبعه ، فوجدوا قبالتها كنزا عظيما من كنوز الأكاسرة الأوائل ، فأخرجوا منه أموالا عظيمة جزيلة ، وحواصل باهرة ، وتحفا فاخرة . واستحوذ المسلمون على ما هنالك أجمع ، مما لم ير أحد في الدنيا أعجب منه . وكان في جملة ذلك تاج
كسرى وهو مكلل بالجواهر النفيسة التي تحير الأبصار ، ومنطقته كذلك ، وسيفه وسواراه وقباؤه ، وبساط إيوانه ، وكان مربعا ، ستون ذراعا في مثلها ، من كل جانب ، والبساط مثله سواء ، وهو منسوج بالذهب واللآلئ والجواهر الثمينة ، وفيه مصور جميع ممالك
كسرى ; بلاده بأنهارها وقلاعها وأقاليمها وكورها ، وصفة الزروع والأشجار التي في بلاده . فكان إذا جلس على كرسي مملكته ، ودخل تحت تاجه ، وتاجه معلق بسلاسل
[ ص: 15 ] الذهب ; لأنه كان لا يستطيع أن يقله على رأسه لثقله ، بل كان يجيء فيجلس تحته ، ثم يدخل رأسه تحت التاج ، والسلاسل الذهب تحمله عنه ، وهو يستره حال لبسه ، فإذا رفع الحجاب عنه ، خرت له الأمراء سجودا ، وعليه المنطقة والسواران والسيف والقباء المرصع بالجواهر ، فينظر في البلدان واحدة واحدة ، فيسأل عنها ، ومن فيها من النواب ، وهل حدث فيها شيء من الأحداث ؟ فيخبره بذلك ولاة الأمور بين يديه ، ثم ينتقل إلى الأخرى ، وهكذا حتى يسأل عن أحوال بلاده في كل وقت ، لا يهمل أمر المملكة ، وقد وضعوا هذا البساط بين يديه ، تذكارا له بشأن الممالك ، وهو اصطلاح جيد منهم في أمر السياسة . فلما جاء قدر الله ، زالت تلك الأيدي عن تلك الممالك والأراضي ، وتسلمها المسلمون من أيديهم قسرا ، وكسروا شوكتهم عنها ، وأخذوها بأمر الله صافية ضافية ، ولله الحمد والمنة .
وقد جعل
nindex.php?page=showalam&ids=37سعد بن أبي وقاص على الأقباض
عمرو بن عمرو بن مقرن ، فكان أول ما حصل ما كان في القصر الأبيض ، ومنازل
كسرى ، وسائر دور
المدائن وما كان بالإيوان مما ذكرنا ، وما يفد من السرايا الذين في صحبة
زهرة بن حوية ، وكان فيما رد
زهرة بغل كان قد أدركه وغصبه من
الفرس ، [ ص: 16 ] وكانت تحوطه بالسيوف ، فاستنقذه منهم ، وقال : إن لهذا لشأنا . فرده إلى الأقباض ، وإذا عليه سفطان فيهما ثياب
كسرى وحليه ، ولبسه الذي كان يلبسه على السرير كما ذكرنا ، وبغل آخر عليه تاجه الذي ذكرنا في سفطين أيضا ، ردا من الطريق مما استلبه أصحاب السرايا .
وكان فيما ردت السرايا أموال عظيمة وفيها أكثر أثاث
كسرى ، وأمتعته والأشياء النفيسة التي استصحبوها معهم ، فلحقهم المسلمون فاستلبوها منهم . ولم تقدر الفرس على حمل البساط لثقله عليهم ، ولا حمل الأموال لكثرتها ; فإنه كان المسلمون يجيئون بعض تلك الدور فيجدون البيت ملآنا إلى أعلاه من أواني الذهب والفضة ، ويجدون من الكافور شيئا كثيرا ، فيحسبونه ملحا ، وربما استعمله بعضهم في العجين فوجدوه مرا ، حتى تبينوا أمره .
فتحصل الفيء على أمر عظيم من الأموال ، وشرع
سعد فخمسه ، وأمر
سلمان بن ربيعة الباهلي فقسم الأربعة الأخماس بين الغانمين ، فحصل لكل واحد من الفرسان اثنا عشر ألفا ، وكانوا كلهم فرسانا ، ومع بعضهم جنائب . واستوهب
سعد أربعة أخماس البساط ولبس
كسرى من المسلمين ; ليبعثه إلى
عمر والمسلمين
بالمدينة لينظروا إليه ، ويتعجبوا منه ، فطيبوا له ذلك وأذنوا فيه ، فبعثه
سعد إلى
عمر مع الخمس مع
بشير بن الخصاصية ، وكان
[ ص: 17 ] الذي بشر بالفتح قبله
حليس بن فلان الأسدي ، فروينا أن
عمر لما نظر إلى ذلك قال : إن قوما أدوا هذا لأمناء . فقال له
علي بن أبي طالب : إنك عففت فعفت رعيتك ، ولو رتعت لرتعت . ثم قسم
عمر ذلك في المسلمين ، فأصاب
عليا قطعة من البساط فباعها بعشرين ألفا .
وقد ذكر
سيف بن عمر ، أن
عمر بن الخطاب ألبس ثياب
كسرى لخشبة ، ونصبها أمامه ، ليري الناس ما في هذه الزينة من العجب ، وما عليها من زهرة الحياة الدنيا الفانية .
وقد روينا أن
عمر ألبس ثياب
كسرى لسراقة بن مالك بن جعشم ، أمير
بني مدلج ، رضي الله عنه . قال الحافظ
nindex.php?page=showalam&ids=13933أبو بكر البيهقي في " دلائل النبوة " : أخبرنا
عبد الله بن يوسف الأصبهاني ثنا
أبو سعيد بن الأعرابي ، قال : وجدت في كتابي بخط يدي عن
أبي داود ، حدثنا
محمد بن عبيد ، حدثنا حماد ، ثنا
يونس ، عن
الحسن ، أن
عمر بن الخطاب أتي بفروة
كسرى فوضعت بين يديه وفي القوم
سراقة بن مالك بن جعشم ، قال : فألقى إليه سواري
nindex.php?page=showalam&ids=16848كسرى بن هرمز فجعلهما في يديه ، فبلغا منكبيه ، فلما رآهما في يدي
سراقة قال : الحمد لله ، سواري
nindex.php?page=showalam&ids=16848كسرى بن هرمز في يدي
سراقة بن مالك بن جعشم ، أعرابي من
بني مدلج . وذكر الحديث . هكذا ساقه
nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي . ثم حكى عن
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي أنه قال :
[ ص: 18 ] وإنما ألبسهما
سراقة ; لأن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، قال
لسراقة ونظر إلى ذراعيه :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3512310كأني بك وقد لبست سواري كسرى قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : وقد قال
عمر لسراقة حين ألبسه سواري
كسرى : قل الله أكبر . فقال : الله أكبر . ثم قال : قل : الحمد لله الذي سلبهما
nindex.php?page=showalam&ids=16848كسرى بن هرمز وألبسهما
سراقة بن مالك أعرابيا من
بني مدلج .
وقال
الهيثم بن عدي أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=12308أسامة بن زيد الليثي ، ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=14946القاسم بن محمد بن أبي بكر ، قال : بعث
nindex.php?page=showalam&ids=37سعد بن أبي وقاص ، أيام
القادسية إلى
عمر بقباء
كسرى وسيفه ومنطقته وسواريه وسراويله وقميصه وتاجه وخفيه ، قال : فنظر
عمر في وجوه القوم ، فكان أجسمهم وأبدنهم قامة
سراقة بن مالك بن جعشم ، فقال : يا
سراق قم فالبس . قال
سراقة : فطمعت فيه فقمت فلبست . فقال : أدبر . فأدبرت ، ثم قال : أقبل . فأقبلت ، ثم قال : بخ بخ ، أعيرابي من
بني مدلج عليه قباء
كسرى وسراويله وسيفه ومنطقته وتاجه وخفاه ، رب يوم يا
سراق بن مالك ، لو كان عليك فيه هذا من متاع
كسرى وآل كسرى ، كان شرفا لك ولقومك ، انزع . فنزعت ، فقال : اللهم إنك منعت هذا رسولك ونبيك ، وكان أحب إليك مني ، وأكرم عليك مني ، ومنعته
أبا بكر ، وكان أحب إليك مني ،
[ ص: 19 ] وأكرم عليك مني ، وأعطيتنيه ، فأعوذ بك أن تكون أعطيتنيه لتمكر بي . ثم بكى حتى رحمه من كان عنده . ثم قال
nindex.php?page=showalam&ids=38لعبد الرحمن بن عوف : أقسمت عليك لما بعته ثم قسمته قبل أن تمسي .
وذكر
سيف بن عمر التميمي أن
عمر حين ملك تلك الملابس والجواهر ، جيء بسيف
كسرى ومعه عدة سيوف ; منها سيف
النعمان بن المنذر نائب
كسرى على
الحيرة وأن
عمر قال : الحمد لله الذي جعل سيف
كسرى فيما يضره ولا ينفعه . ثم قال : إن قوما أدوا هذا لذووا أمانة . ثم قال : إن
كسرى لم يزد على أن تشاغل بما أوتي عن آخرته ، فجمع لزوج امرأته أو زوج ابنته ، ولم يقدم لنفسه ، ولو قدم لنفسه ووضع الفضول مواضعها لحصل له .
وقد قال بعض المسلمين ، وهو
أبو بجيد نافع بن الأسود ، في ذلك :
وأملنا على المدائن خيلا بحرها مثل برهن أريضا فانتثلنا خزائن المرء كسرى
يوم ولوا وحاص منا جريضا
ذِكْرُ
nindex.php?page=treesubj&link=33704_31435فَتْحِ الْمَدَائِنِ الَّتِي هِيَ مُسْتَقَرُّ مُلْكِ كِسْرَى
لَمَّا فَتَحَ
سَعْدٌ بَهُرَسِيرَ وَاسْتَقَرَّ بِهَا ، وَذَلِكَ فِي صَفَرٍ ، لَمْ يَجِدْ فِيهَا أَحَدًا وَلَا شَيْئًا مِمَّا يُغْنَمُ ، بَلْ قَدْ تَحَوَّلُوا بِكَمَالِهِمْ إِلَى
الْمَدَائِنِ وَرَكِبُوا السُّفُنَ ، وَضَمُّوا السُّفُنَ إِلَيْهِمْ ، وَلَمْ يَجِدْ
سَعْدٌ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، شَيْئًا مِنَ السُّفُنِ ، وَتَعَذَّرَ عَلَيْهِ تَحْصِيلُ شَيْءٍ مِنْهَا بِالْكُلِّيَّةِ ، وَقَدْ زَادَتْ
دِجْلَةُ زِيَادَةً عَظِيمَةً ، وَاسْوَدَّ مَاؤُهَا ، وَرَمَتْ بِالزَّبَدِ مِنْ كَثْرَةِ الْمَاءِ بِهَا ، وَأُخْبِرَ
سَعْدٌ ، بِأَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=16848كِسْرَى يَزْدَجِرْدَ عَازِمٌ
[ ص: 9 ] عَلَى أَخْذِ الْأَمْوَالِ وَالْأَمْتِعَةِ مِنَ
الْمَدَائِنِ إِلَى
حُلْوَانَ وَأَنَّكَ إِنْ لَمْ تُدْرِكْهُ قَبْلَ ثَلَاثٍ ، فَاتَ عَلَيْكَ وَتَفَارَطَ الْأَمْرُ ، فَخَطَبَ
سَعْدٌ الْمُسْلِمِينَ عَلَى شَاطِئِ
دِجْلَةَ ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ، وَقَالَ : إِنَّ عَدُوَّكُمْ قَدِ اعْتَصَمَ مِنْكُمْ بِهَذَا الْبَحْرِ ; فَلَا تَخْلُصُونَ إِلَيْهِ مَعَهُ ، وَهُمْ يَخْلُصُونَ إِلَيْكُمْ إِذَا شَاءُوا فَيُنَاوِشُونَكُمْ فِي سُفُنِهِمْ ، وَلَيْسَ وَرَاءَكُمْ شَيْءٌ تَخَافُونَ أَنْ تُؤْتَوْا مِنْهُ ، وَقَدْ رَأَيْتُ أَنْ تُبَادِرُوا جِهَادَ الْعَدُوِّ بِنِيَّاتِكُمْ قَبْلَ أَنْ تَحْصُرَكُمُ الدُّنْيَا ، أَلَا إِنِّي قَدْ عَزَمْتُ عَلَى قَطْعِ هَذَا الْبَحْرِ إِلَيْهِمْ . فَقَالُوا جَمِيعًا : عَزَمَ اللَّهُ لَنَا وَلَكَ عَلَى الرُّشْدِ ، فَافْعَلْ . فَعِنْدَ ذَلِكَ نَدَبَ
سَعْدٌ النَّاسَ إِلَى الْعُبُورِ ، وَيَقُولُ : مَنْ يَبْدَأُ فَيَحْمِي لَنَا الْفِرَاضَ - يَعْنِي ثُغْرَةَ الْمَخَاضَةِ مِنَ النَّاحِيَةِ الْأُخْرَى - لِيَجُوزَ النَّاسُ إِلَيْهِمْ آمِنِينَ . فَانْتَدَبَ
عَاصِمُ بْنُ عَمْرٍو وَذَوُو الْبَأْسِ مِنَ النَّاسِ ، قَرِيبٌ مِنْ سِتِّمِائَةٍ ، فَأَمَّرَ
سَعْدٌ عَلَيْهِمْ
عَاصِمَ بْنَ عَمْرٍو ، فَوَقَفُوا عَلَى حَافَّةِ
دِجْلَةَ ، فَقَالَ
عَاصِمٌ : مَنْ يُنْتَدَبُ مَعِي لِنَكُونَ قَبْلَ النَّاسِ دُخُولًا فِي هَذَا الْبَحْرِ ، فَنَحْمِيَ الْفِرَاضَ مِنَ الْجَانِبِ الْآخَرِ ؟ فَانْتَدَبَ لَهُ سِتُّونَ مِنَ الشُّجْعَانِ الْمَذْكُورِينَ ; وَالْأَعَاجِمُ وُقُوفٌ صُفُوفًا مِنَ الْجَانِبِ الْآخَرِ ؟ فَتَقَدَّمَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَقَدْ أَحْجَمَ النَّاسُ عَنِ الْخَوْضِ فِي
دِجْلَةَ ، فَقَالَ : أَتَخَافُونَ مِنْ هَذِهِ
[ ص: 10 ] النُّطْفَةِ ؟ ثُمَّ تَلَا قَوْلَهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=145وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا [ آلِ عِمْرَانَ 145 ] . ثُمَّ أَقْحَمَ فَرَسَهُ فِيهَا وَاقْتَحَمَ النَّاسُ ، وَقَدِ افْتَرَقَ السِّتُّونَ فِرْقَتَيْنِ : أَصْحَابُ الْخَيْلِ الذُّكُورِ ، وَأَصْحَابُ الْخَيْلِ الْإِنَاثِ ، فَلَمَّا رَآهُمُ
الْفُرْسُ يَطْفُونَ عَلَى وَجْهِ الْمَاءِ قَالُوا : دِيوَانَا دِيوَانَا . يَقُولُونَ : مَجَانِينُ مَجَانِينُ . ثُمَّ قَالُوا : وَاللَّهِ مَا تُقَاتِلُونَ إِنْسًا بَلْ تُقَاتِلُونَ جِنًّا . ثُمَّ أَرْسَلُوا فُرْسَانًا مِنْهُمْ فِي الْمَاءِ يَلْتَقُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ لِيَمْنَعُوهُمْ مِنَ الْخُرُوجِ مِنَ الْمَاءِ ، فَأَمَرَ
عَاصِمُ بْنُ عَمْرٍو أَصْحَابَهُ أَنْ يَشْرَعُوا لَهُمُ الرِّمَاحَ وَيَتَوَخَّوُا الْأَعْيُنَ ، فَفَعَلُوا ذَلِكَ
بِالْفُرْسِ فَقَلَعُوا عُيُونَ خُيُولِهِمْ ، فَرَجَعُوا أَمَامَ الْمُسْلِمِينَ لَا يَمْلِكُونَ كَفَّ خُيُولِهِمْ حَتَّى خَرَجُوا مِنَ الْمَاءِ ، وَاتَّبَعَهُمْ
عَاصِمٌ وَأَصْحَابُهُ فَسَاقُوا وَرَاءَهُمْ حَتَّى طَرَدُوهُمْ عَنِ الْجَانِبِ الْآخَرِ ، وَوَقَفُوا عَلَى حَافَّةِ
الدِّجْلَةِ مِنَ الْجَانِبِ الْآخَرِ ، وَنَزَلَ بَقِيَّةُ أَصْحَابِ
عَاصِمٍ مِنِ السِّتِّمِائَةِ فِي
دِجْلَةَ ، فَخَاضُوهَا ، حَتَّى وَصَلُوا إِلَى أَصْحَابِهِمْ مِنَ الْجَانِبِ الْآخَرِ ، فَقَاتَلُوا مَعَ أَصْحَابِهِمْ حَتَّى نَفَوُا
الْفُرْسَ عَنْ ذَلِكَ الْجَانِبِ . وَكَانُوا يُسَمُّونَ الْكَتِيبَةَ الْأُولَى كَتِيبَةَ الْأَهْوَالِ ، وَأَمِيرُهَا
عَاصِمُ بْنُ عَمْرٍو ، وَالْكَتِيبَةَ الثَّانِيَةَ الْكَتِيبَةَ الْخَرْسَاءَ ، وَأَمِيرُهَا
الْقَعْقَاعُ بْنُ عَمْرٍو . وَهَذَا كُلُّهُ
وَسَعْدٌ [ ص: 11 ] وَالْمُسْلِمُونَ يَنْظُرُونَ إِلَى مَا يَصْنَعُ هَؤُلَاءِ الْفُرْسَانُ
بِالْفُرْسِ ،
وَسَعْدٌ وَاقِفٌ عَلَى شَاطِئِ
دِجْلَةَ . ثُمَّ نَزَلَ
سَعْدٌ بِبَقِيَّةِ الْجَيْشِ ، وَذَلِكَ حِينَ نَظَرُوا إِلَى الْجَانِبِ الْآخَرِ وَقَدْ تَحَصَّنَ بِمَنْ حَصَلَ فِيهِ مِنَ الْفُرْسَانِ الْمُسْلِمِينَ ، وَقَدْ أَمَرَ
سَعْدٌ الْمُسْلِمِينَ عِنْدَ دُخُولِ الْمَاءِ أَنْ يَقُولُوا : نَسْتَعِينُ بِاللَّهِ ، وَنَتَوَكَّلُ عَلَيْهِ ، حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ . ثُمَّ اقْتَحَمَ بِفَرَسِهِ
دِجْلَةَ ، وَاقْتَحَمَ النَّاسُ لَمْ يَتَخَلَّفْ عَنْهُ أَحَدٌ فَسَارُوا فِيهَا كَأَنَّمَا يَسِيرُونَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ ، حَتَّى مَلَأُوا مَا بَيْنَ الْجَانِبَيْنِ ، فَلَا يُرَى وَجْهُ الْمَاءِ مِنَ الْفُرْسَانِ وَالرَّجَّالَةِ ، وَجَعَلَ النَّاسُ يَتَحَدَّثُونَ عَلَى وَجْهِ الْمَاءِ كَمَا يَتَحَدَّثُونَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ ; وَذَلِكَ لِمَا حَصَلَ لَهُمْ مِنَ الطُّمَأْنِينَةِ وَالْأَمْنِ ، وَالْوُثُوقِ بِأَمْرِ اللَّهِ وَوَعْدِهِ وَنَصْرِهِ ، وَتَأْيِيدِهِ ، وَلِأَنَّ أَمِيرَهُمْ
nindex.php?page=showalam&ids=37سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ أَحَدُ الْعَشْرَةِ الْمَشْهُودِ لَهُمْ بِالْجَنَّةِ ، وَقَدْ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَهُوَ عَنْهُ رَاضٍ ، وَدَعَا لَهُ ، فَقَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3512309اللَّهُمَّ أَجِبْ دَعْوَتَهُ وَسَدِّدْ رَمْيَتَهُ
وَالْمَقْطُوعُ بِهِ أَنَّ
سَعْدًا دَعَا لِجَيْشِهِ هَذَا فِي هَذَا الْيَوْمِ بِالسَّلَامَةِ وَالنَّصْرِ ، وَقَدْ رَمَى بِهِمْ فِي هَذَا الْيَمِّ ، فَسَدَّدَهُمُ اللَّهُ وَسَلَّمَهُمْ ، فَلَمْ يُفْقَدْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ رَجُلٌ وَاحِدٌ ، غَيْرَ أَنَّ رَجُلًا وَاحِدًا يُقَالُ لَهُ :
غَرْقَدَةُ الْبَارِقِيُّ ، ذَلَّ عَنْ فَرَسٍ لَهُ شَقْرَاءَ ، فَأَخَذَ
الْقَعْقَاعُ بْنُ عَمْرٍو بِلِجَامِهَا ، وَأَخْذَ بِيَدِ الرَّجُلِ حَتَّى عَدَلَهُ عَلَى فَرَسِهِ ، وَكَانَ مِنَ الشُّجْعَانِ ، فَقَالَ : عَجَزَ النِّسَاءُ أَنْ يَلِدْنَ مِثْلَ
الْقَعْقَاعِ بْنِ عَمْرٍو . وَلَمْ يُعْدَمْ
[ ص: 12 ] لِلْمُسْلِمِينَ شَيْءٌ مِنْ أَمْتِعَتِهِمْ غَيْرَ قَدَحٍ مِنْ خَشَبٍ لِرَجُلٍ يُقَالُ لَهُ :
مَالِكُ بْنُ عَامِرٍ . كَانَتْ عَلَاقَتُهُ رَثَّةً ، فَأَخَذَهُ الْمَوْجُ ، فَدَعَا صَاحِبُهُ اللَّهَ ، عَزَّ وَجَلَّ ، وَقَالَ : اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْنِي مِنْ بَيْنِهِمْ يَذْهَبُ مَتَاعِي . فَرَدَّهُ الْمَوْجُ إِلَى الْجَانِبِ الَّذِي يَقْصِدُونَهُ ، فَأَخَذَهُ النَّاسُ ثُمَّ رَدُّوهُ عَلَى صَاحِبِهِ بِعَيْنِهِ . وَكَانَ الْفَرَسُ إِذَا أَعْيَا وَهُوَ فِي الْمَاءِ ، يُقَيِّضُ اللَّهُ لَهُ مِثْلَ النَّشْزِ الْمُرْتَفِعِ ، فَيَقِفُ عَلَيْهِ فَيَسْتَرِيحُ ، وَحَتَّى إِنَّ بَعْضَ الْخَيْلِ لَيَسِيرُ وَمَا يَصِلُ الْمَاءُ إِلَى حِزَامِهَا ، وَكَانَ يَوْمًا عَظِيمًا ، وَأَمْرًا هَائِلًا ، وَخَطْبًا جَلِيلًا ، وَخَارِقًا بَاهِرًا ، وَمُعْجِزَةً لِرَسُولِ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، خَلَقَهَا اللَّهُ لِأَصْحَابِهِ ، لَمْ يُرَ مِثْلُهَا فِي تِلْكَ الْبِلَادِ ، وَلَا فِي بُقْعَةٍ مِنَ الْبِقَاعِ سِوَى قَضِيَّةِ
nindex.php?page=showalam&ids=386الْعَلَاءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ الْمُتَقَدِّمَةِ ، بَلْ هَذَا أَجَلُّ وَأَعْظَمُ ; فَإِنَّ هَذَا الْجَيْشَ كَانَ أَضْعَافَ ذَلِكَ . قَالُوا : وَكَانَ الَّذِي يُسَايِرُ
nindex.php?page=showalam&ids=37سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ فِي الْمَاءِ
سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ فَجَعَلَ
سَعْدٌ يَقُولُ : حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ، وَاللَّهِ لَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ وَلِيَّهُ ، وَلَيُظْهِرَنَّ اللَّهُ دِينَهُ ، وَلَيَهْزِمَنَ اللَّهُ عَدُوَّهُ ، إِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْجَيْشِ بَغْيٌ أَوْ ذُنُوبٌ تَغْلِبُ الْحَسَنَاتِ . فَقَالَ لَهُ
سَلْمَانُ : إِنَّ الْإِسْلَامَ جَدِيدٌ ، ذُلِّلَتْ لَهُمْ وَاللَّهِ الْبُحُورُ ، كَمَا ذُلِّلَ لَهُمُ الْبَرُّ ، أَمَا وَالَّذِي نَفْسُ
سَلْمَانَ بِيَدِهِ لَيَخْرُجُنَّ مِنْهُ أَفْوَاجًا كَمَا دَخَلُوا أَفْوَاجًا . فَخَرَجُوا مِنْهُ كَمَا قَالَ
سَلْمَانُ ، لَمْ يَغْرَقْ مِنْهُمْ أَحَدٌ ، وَلَمْ يَفْقِدُوا شَيْئًا .
وَلَمَّا اسْتَقَلَّ الْمُسْلِمُونَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ ، خَرَجَتِ الْخُيُولُ تَنْفُضُ أَعْرَافَهَا صَاهِلَةً ، فَسَاقُوا وَرَاءَ الْأَعَاجِمِ حَتَّى دَخَلُوا
الْمَدَائِنَ فَلَمْ يَجِدُوا بِهَا أَحَدًا ، بَلْ قَدْ أَخَذَ
كِسْرَى أَهْلَهُ وَمَا قَدَرُوا عَلَيْهِ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَمْتِعَةِ وَالْحَوَاصِلِ ، وَتَرَكُوا مَا
[ ص: 13 ] عَجَزُوا عَنْهُ مِنَ الْأَنْعَامِ ، وَالثِّيَابِ ، وَالْمَتَاعِ ، وَالْآنِيَةِ ، وَالْأَلْطَافِ ، وَالْأَدْهَانِ ، مَا لَا يُدْرَى قِيمَتُهُ . وَكَانَ فِي خِزَانَةِ
كِسْرَى ثَلَاثَةُ آلَافِ أَلْفِ أَلْفِ أَلْفِ دِينَارٍ ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ، فَأَخَذُوا مِنْ ذَلِكَ مَا قَدَرُوا عَلَيْهِ ، وَتَرَكُوا مَا عَجَزُوا عَنْهُ ، وَهُوَ مِقْدَارُ النِّصْفِ مِنْ ذَلِكَ أَوْ مَا يُقَارِبُهُ .
فَكَانَ
nindex.php?page=treesubj&link=34020أَوَّلَ مَنْ دَخَلَ الْمَدَائِنَ كَتِيبَةُ الْأَهْوَالِ ، ثُمَّ الْكَتِيبَةُ الْخَرْسَاءُ ، فَأَخَذُوا فِي سِكَكِهَا لَا يَلْقَوْنَ أَحَدًا وَلَا يَخْشَوْنَهُ ، غَيْرَ الْقَصْرِ الْأَبْيَضِ ، فَفِيهِ مُقَاتِلَةٌ ، وَهُوَ مُحَصَّنٌ . فَلَمَّا جَاءَ
سَعْدٌ بِالْجَيْشِ ، دَعَا أَهْلَ الْقَصْرِ الْأَبْيَضِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ، عَلَى لِسَانِ
سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ ، فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الثَّالِثُ نَزَلُوا مِنْهُ ، وَسَكَنَهُ
سَعْدٌ وَاتَّخَذَ الْإِيوَانَ مُصَلَّى ، وَحِينَ دَخَلَهُ تَلَا قَوْلَهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=25كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ [ الدُّخَانِ 25 - 28 ] . ثُمَّ تَقَدَّمَ إِلَى صَدْرِهِ فَصَلَّى ثَمَانِ رَكَعَاتٍ صَلَاةَ الْفَتْحِ ، وَذَكَرَ
سَيْفٌ فِي رِوَايَتِهِ أَنَّهُ صَلَّاهَا بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ ، وَأَنَّهُ جَمَعَ بِالْإِيوَانِ ، فِي صَفَرٍ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ ، فَكَانَتْ
nindex.php?page=treesubj&link=33705_34020أَوَّلَ جُمُعَةٍ جُمِعَتْ بِالْعِرَاقِ ; وَذَلِكَ لِأَنَّ
سَعْدًا نَوَى الْإِقَامَةَ بِهَا ، وَبَعَثَ إِلَى الْعِيَالَاتِ فَأَنْزَلَهُمُ دُورَ
الْمَدَائِنِ وَاسْتَوْطَنُوهَا ، حَتَّى فَتَحُوا
جَلُولَاءَ وَتَكْرِيتَ وَالْمَوْصِلَ ، ثُمَّ تَحَوَّلُوا إِلَى
الْكُوفَةِ بَعْدَ ذَلِكَ ، كَمَا سَنَذْكُرُهُ .
[ ص: 14 ] ثُمَّ أَرْسَلَ السَّرَايَا فِي إِثْرِ
nindex.php?page=showalam&ids=16848كِسْرَى يَزْدَجِرْدَ ، فَلَحِقَ بِهِمْ طَائِفَةٌ فَقَتَلُوهُمْ وَشَرَّدُوهُمْ ، وَاسْتَلَبُوا مِنْهُمْ أَمْوَالًا عَظِيمَةً ، أَكْثَرُهَا مِنْ مَلَابِسِ
كِسْرَى وَتَاجِهِ وَحُلِيِّهِ . وَشَرَعَ
سَعْدٌ فِي تَحْصِيلٍ مَا هُنَالِكَ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْحَوَاصِلِ وَالتُّحَفِ ، مِمَّا لَا يُقَوَّمُ وَلَا يُحَدُّ وَلَا يُوصَفُ ; كَثْرَةً وَعَظَمَةً .
وَقَدْ رُوِّينَا أَنَّهُ كَانَ هُنَاكَ تَمَاثِيلُ مِنْ جِصٍّ ، فَنَظَرَ
سَعْدٌ إِلَى أَحَدِهَا وَإِذَا هُوَ يُشِيرُ بِأُصْبُعِهِ إِلَى مَكَانٍ ، فَقَالَ
سَعْدٌ : إِنَّ هَذَا لَمْ يُوضَعْ هَكَذَا سُدًى . فَأَخَذُوا مَا يُسَامِتُ أُصْبُعَهُ ، فَوَجَدُوا قُبَالَتَهَا كَنْزًا عَظِيمًا مِنْ كُنُوزِ الْأَكَاسِرَةِ الْأَوَائِلِ ، فَأَخْرَجُوا مِنْهُ أَمْوَالًا عَظِيمَةً جَزِيلَةً ، وَحَوَاصِلَ بَاهِرَةً ، وَتُحَفًا فَاخِرَةً . وَاسْتَحْوَذَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى مَا هُنَالِكَ أَجْمَعَ ، مِمَّا لَمْ يَرَ أَحَدٌ فِي الدُّنْيَا أَعْجَبَ مِنْهُ . وَكَانَ فِي جُمْلَةِ ذَلِكَ تَاجُ
كِسْرَى وَهُوَ مُكَلَّلٌ بِالْجَوَاهِرِ النَّفِيسَةِ الَّتِي تُحَيِّرُ الْأَبْصَارَ ، وَمِنْطَقَتُهُ كَذَلِكَ ، وَسَيْفُهُ وَسِوَارَاهُ وَقَبَاؤُهُ ، وَبِسَاطُ إِيوَانِهِ ، وَكَانَ مُرَبَّعًا ، سِتُّونَ ذِرَاعًا فِي مِثْلِهَا ، مِنْ كُلِّ جَانِبٍ ، وَالْبِسَاطُ مِثْلُهُ سَوَاءٌ ، وَهُوَ مَنْسُوجٌ بِالذَّهَبِ وَاللَّآلِئِ وَالْجَوَاهِرِ الثَّمِينَةِ ، وَفِيهِ مُصَوَّرُ جَمِيعِ مَمَالِكِ
كِسْرَى ; بِلَادُهُ بِأَنْهَارِهَا وَقِلَاعِهَا وَأَقَالِيمِهَا وَكُوَرِهَا ، وَصِفَةُ الزُّرُوعِ وَالْأَشْجَارِ الَّتِي فِي بِلَادِهِ . فَكَانَ إِذَا جَلَسَ عَلَى كُرْسِيِّ مَمْلَكَتِهِ ، وَدَخَلَ تَحْتَ تَاجِهِ ، وَتَاجُهُ مُعَلَّقٌ بِسَلَاسِلِ
[ ص: 15 ] الذَّهَبِ ; لِأَنَّهُ كَانَ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُقِلَّهُ عَلَى رَأْسِهِ لِثِقَلِهِ ، بَلْ كَانَ يَجِيءُ فَيَجْلِسُ تَحْتَهُ ، ثُمَّ يُدْخِلُ رَأْسَهُ تَحْتَ التَّاجِ ، وَالسَّلَاسِلُ الذَّهَبُ تَحْمِلُهُ عَنْهُ ، وَهُوَ يَسْتُرُهُ حَالَ لُبْسِهِ ، فَإِذَا رُفِعَ الْحِجَابُ عَنْهُ ، خَرَّتْ لَهُ الْأُمَرَاءُ سُجُودًا ، وَعَلَيْهِ الْمِنْطَقَةُ وَالسِّوَارَانِ وَالسَّيْفُ وَالْقَبَاءُ الْمُرَصَّعُ بِالْجَوَاهِرِ ، فَيَنْظُرُ فِي الْبُلْدَانِ وَاحِدَةً وَاحِدَةً ، فَيَسْأَلُ عَنْهَا ، وَمَنْ فِيهَا مِنَ النُّوَّابِ ، وَهَلْ حَدَثَ فِيهَا شَيْءٌ مِنَ الْأَحْدَاثِ ؟ فَيُخْبِرُهُ بِذَلِكَ وُلَاةُ الْأُمُورِ بَيْنَ يَدَيْهِ ، ثُمَّ يَنْتَقِلُ إِلَى الْأُخْرَى ، وَهَكَذَا حَتَّى يَسْأَلَ عَنْ أَحْوَالِ بِلَادِهِ فِي كُلِّ وَقْتٍ ، لَا يُهْمِلُ أَمْرَ الْمَمْلَكَةِ ، وَقَدْ وَضَعُوا هَذَا الْبِسَاطَ بَيْنَ يَدَيْهِ ، تَذْكَارًا لَهُ بِشَأْنِ الْمَمَالِكِ ، وَهُوَ اصْطِلَاحٌ جَيِّدٌ مِنْهُمْ فِي أَمْرِ السِّيَاسَةِ . فَلَمَّا جَاءَ قَدَرُ اللَّهِ ، زَالَتْ تِلْكَ الْأَيْدِي عَنْ تِلْكَ الْمَمَالِكِ وَالْأَرَاضِي ، وَتَسَلَّمَهَا الْمُسْلِمُونَ مِنْ أَيْدِيهِمْ قَسْرًا ، وَكَسَرُوا شَوْكَتَهُمْ عَنْهَا ، وَأَخَذُوهَا بِأَمْرِ اللَّهِ صَافِيَةً ضَافِيَةً ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ .
وَقَدْ جَعَلَ
nindex.php?page=showalam&ids=37سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ عَلَى الْأَقْبَاضِ
عَمْرَو بْنَ عَمْرِو بْنِ مُقَرِّنٍ ، فَكَانَ أَوَّلُ مَا حَصَّلَ مَا كَانَ فِي الْقَصْرِ الْأَبْيَضِ ، وَمَنَازِلِ
كِسْرَى ، وَسَائِرِ دُورِ
الْمَدَائِنِ وَمَا كَانَ بِالْإِيوَانِ مِمَّا ذَكَرْنَا ، وَمَا يَفِدُ مِنَ السَّرَايَا الَّذِينَ فِي صُحْبَةِ
زُهْرَةَ بْنِ حَوِيَّةَ ، وَكَانَ فِيمَا رَدَّ
زُهْرَةُ بَغْلٌ كَانَ قَدْ أَدْرَكَهُ وَغَصَبَهُ مِنَ
الْفُرْسِ ، [ ص: 16 ] وَكَانَتْ تَحُوطُهُ بِالسُّيُوفِ ، فَاسْتَنْقَذَهُ مِنْهُمْ ، وَقَالَ : إِنَّ لِهَذَا لَشَأْنًا . فَرَدَّهُ إِلَى الْأَقْبَاضِ ، وَإِذَا عَلَيْهِ سَفَطَانِ فِيهِمَا ثِيَابُ
كِسْرَى وَحُلِيُّهُ ، وَلُبْسُهُ الَّذِي كَانَ يَلْبَسُهُ عَلَى السَّرِيرِ كَمَا ذَكَرْنَا ، وَبَغْلٌ آخَرُ عَلَيْهِ تَاجُهُ الَّذِي ذَكَرْنَا فِي سَفَطَيْنِ أَيْضًا ، رُدَّا مِنَ الطَّرِيقِ مِمَّا اسْتَلَبَهُ أَصْحَابُ السَّرَايَا .
وَكَانَ فِيمَا رَدَّتِ السَّرَايَا أَمْوَالٌ عَظِيمَةٌ وَفِيهَا أَكْثَرُ أَثَاثِ
كِسْرَى ، وَأَمْتِعَتُهُ وَالْأَشْيَاءُ النَّفِيسَةُ الَّتِي اسْتَصْحَبُوهَا مَعَهُمْ ، فَلَحِقَهُمُ الْمُسْلِمُونَ فَاسْتَلَبُوهَا مِنْهُمْ . وَلَمْ تَقْدِرِ الْفُرْسُ عَلَى حَمْلِ الْبِسَاطِ لِثِقَلِهِ عَلَيْهِمْ ، وَلَا حَمْلِ الْأَمْوَالِ لِكَثْرَتِهَا ; فَإِنَّهُ كَانَ الْمُسْلِمُونَ يَجِيئُونَ بَعْضَ تِلْكَ الدُّورِ فَيَجِدُونَ الْبَيْتَ مَلَآنًا إِلَى أَعْلَاهُ مِنْ أَوَانِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ ، وَيَجِدُونَ مِنَ الْكَافُورِ شَيْئًا كَثِيرًا ، فَيَحْسَبُونَهُ مِلْحًا ، وَرُبَّمَا اسْتَعْمَلَهُ بَعْضُهُمْ فِي الْعَجِينِ فَوَجَدُوهُ مُرًّا ، حَتَّى تَبَيَّنُوا أَمْرَهُ .
فَتَحَصَّلَ الْفَيْءُ عَلَى أَمْرٍ عَظِيمٍ مِنَ الْأَمْوَالِ ، وَشَرَعَ
سَعْدٌ فَخَمَّسَهُ ، وَأَمَرَ
سَلْمَانَ بْنَ رَبِيعَةَ الْبَاهِلِيَّ فَقَسَمَ الْأَرْبَعَةَ الْأَخْمَاسَ بَيْنَ الْغَانِمِينَ ، فَحَصَلَ لِكُلٍّ وَاحِدٍ مِنَ الْفُرْسَانِ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا ، وَكَانُوا كُلُّهُمْ فُرْسَانًا ، وَمَعَ بَعْضِهِمْ جَنَائِبُ . وَاسْتَوْهَبَ
سَعْدٌ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِ الْبِسَاطِ وَلُبْسَ
كِسْرَى مِنَ الْمُسْلِمِينَ ; لِيَبْعَثَهُ إِلَى
عُمَرَ وَالْمُسْلِمِينَ
بِالْمَدِينَةِ لِيَنْظُرُوا إِلَيْهِ ، وَيَتَعَجَّبُوا مِنْهُ ، فَطَيَّبُوا لَهُ ذَلِكَ وَأَذِنُوا فِيهِ ، فَبَعَثَهُ
سَعْدٌ إِلَى
عُمَرَ مَعَ الْخُمْسِ مَعَ
بَشِيرِ بْنِ الْخَصَاصِيَةِ ، وَكَانَ
[ ص: 17 ] الَّذِي بَشَّرَ بِالْفَتْحِ قَبْلَهُ
حُلَيْسُ بْنُ فُلَانٍ الْأَسَدِيُّ ، فَرُوِّينَا أَنَّ
عُمَرَ لَمَّا نَظَرَ إِلَى ذَلِكَ قَالَ : إِنَّ قَوْمًا أَدَّوْا هَذَا لَأُمَنَاءُ . فَقَالَ لَهُ
عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ : إِنَّكَ عَفَفْتَ فَعَفَّتْ رَعِيَّتُكَ ، وَلَوْ رَتَعْتَ لَرَتَعَتْ . ثُمَّ قَسَّمَ
عُمَرُ ذَلِكَ فِي الْمُسْلِمِينَ ، فَأَصَابَ
عَلِيًّا قِطْعَةٌ مِنَ الْبِسَاطِ فَبَاعَهَا بِعِشْرِينَ أَلْفًا .
وَقَدْ ذَكَرَ
سَيْفُ بْنُ عُمَرَ ، أَنَّ
عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَلْبَسَ ثِيَابَ
كِسْرَى لِخَشَبَةٍ ، وَنَصَبَهَا أَمَامَهُ ، لِيُرِيَ النَّاسَ مَا فِي هَذِهِ الزِّينَةِ مِنَ الْعَجَبِ ، وَمَا عَلَيْهَا مِنْ زَهْرَةِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا الْفَانِيَةِ .
وَقَدْ رُوِّينَا أَنَّ
عُمَرَ أَلْبَسَ ثِيَابَ
كِسْرَى لِسُرَاقَةَ بْنَ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ ، أَمِيرِ
بَنِي مُدْلِجٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ . قَالَ الْحَافِظُ
nindex.php?page=showalam&ids=13933أَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ فِي " دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ " : أَخْبَرَنَا
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ الْأَصْبَهَانِيُّ ثَنَا
أَبُو سَعِيدِ بْنُ الْأَعْرَابِيِّ ، قَالَ : وَجَدْتُ فِي كِتَابِي بِخَطِّ يَدِي عَنْ
أَبِي دَاوُدَ ، حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ ، ثَنَا
يُونُسُ ، عَنِ
الْحَسَنِ ، أَنَّ
عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أُتِيَ بِفَرْوَةِ
كِسْرَى فَوُضِعَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ وَفِي الْقَوْمِ
سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ ، قَالَ : فَأَلْقَى إِلَيْهِ سِوَارَيْ
nindex.php?page=showalam&ids=16848كِسْرَى بْنِ هُرْمُزَ فَجَعَلَهُمَا فِي يَدَيْهِ ، فَبَلَغَا مَنْكِبَيْهِ ، فَلَمَّا رَآهُمَا فِي يَدَيْ
سُرَاقَةَ قَالَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ ، سِوَارَيْ
nindex.php?page=showalam&ids=16848كِسْرَى بْنِ هُرْمُزَ فِي يَدَيْ
سُرَاقَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ ، أَعْرَابِيٍّ مِنْ
بَنِي مُدْلِجٍ . وَذَكَرَ الْحَدِيثَ . هَكَذَا سَاقَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13933الْبَيْهَقِيُّ . ثُمَّ حَكَى عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ :
[ ص: 18 ] وَإِنَّمَا أَلْبَسَهُمَا
سُرَاقَةَ ; لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ
لِسُرَاقَةَ وَنَظَرَ إِلَى ذِرَاعَيْهِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3512310كَأَنِّي بِكَ وَقَدْ لَبِسْتَ سِوَارَيْ كِسْرَى قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ : وَقَدْ قَالَ
عُمَرُ لِسُرَاقَةَ حِينَ أَلْبَسَهُ سِوَارَيْ
كِسْرَى : قُلِ اللَّهُ أَكْبَرُ . فَقَالَ : اللَّهُ أَكْبَرُ . ثُمَّ قَالَ : قُلِ : الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي سَلَبَهُمَا
nindex.php?page=showalam&ids=16848كِسْرَى بْنَ هُرْمُزَ وَأَلْبَسَهُمَا
سُرَاقَةَ بْنَ مَالِكٍ أَعْرَابِيًّا مِنْ
بَنِي مُدْلِجٍ .
وَقَالَ
الْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ أَخْبَرَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=12308أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ ، ثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=14946الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ ، قَالَ : بَعَثَ
nindex.php?page=showalam&ids=37سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ ، أَيَّامَ
الْقَادِسِيَّةِ إِلَى
عُمَرَ بِقَبَاءِ
كِسْرَى وَسَيْفِهِ وَمِنْطَقَتِهِ وَسِوَارَيْهِ وَسَرَاوِيلِهِ وَقَمِيصِهِ وَتَاجِهِ وَخُفَّيْهِ ، قَالَ : فَنَظَرَ
عُمَرُ فِي وُجُوهِ الْقَوْمِ ، فَكَانَ أَجْسَمَهُمْ وَأَبَدْنَهُمْ قَامَةً
سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ ، فَقَالَ : يَا
سُرَاقُ قُمْ فَالْبَسْ . قَالَ
سُرَاقَةُ : فَطَمِعْتُ فِيهِ فَقُمْتُ فَلَبِسْتُ . فَقَالَ : أُدَبِرْ . فَأَدْبَرْتُ ، ثُمَّ قَالَ : أَقْبِلْ . فَأَقْبَلْتُ ، ثُمَّ قَالَ : بَخٍ بَخٍ ، أُعَيْرَابِيٌّ مِنْ
بَنِي مُدْلِجٍ عَلَيْهِ قَبَاءُ
كِسْرَى وَسَرَاوِيلُهُ وَسَيْفُهُ وَمِنْطَقَتُهُ وَتَاجُهُ وَخُفَّاهُ ، رُبَّ يَوْمٍ يَا
سُرَاقُ بْنَ مَالِكٍ ، لَوْ كَانَ عَلَيْكَ فِيهِ هَذَا مِنْ مَتَاعِ
كِسْرَى وَآلِ كِسْرَى ، كَانَ شَرَفًا لَكَ وَلِقَوْمِكَ ، انْزِعْ . فَنَزَعْتُ ، فَقَالَ : اللَّهُمَّ إِنَّكَ مَنَعْتَ هَذَا رَسُولَكَ وَنَبِيَّكَ ، وَكَانَ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنِّي ، وَأَكْرَمَ عَلَيْكَ مِنِّي ، وَمَنَعْتَهُ
أَبَا بَكْرٍ ، وَكَانَ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنِّي ،
[ ص: 19 ] وَأَكْرَمَ عَلَيْكَ مِنِّي ، وَأَعْطَيْتَنِيهِ ، فَأَعُوذُ بِكَ أَنْ تَكُونَ أَعْطَيْتَنِيهِ لِتَمْكُرَ بِي . ثُمَّ بَكَى حَتَّى رَحِمَهُ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ . ثُمَّ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=38لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ : أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ لَمَا بِعْتَهُ ثُمَّ قَسَّمْتَهُ قَبْلَ أَنْ تُمْسِيَ .
وَذَكَرَ
سَيْفُ بْنُ عُمَرَ التَّمِيمِيُّ أَنَّ
عُمَرَ حِينَ مَلَكَ تِلْكَ الْمَلَابِسَ وَالْجَوَاهِرَ ، جِيءَ بِسَيْفِ
كِسْرَى وَمَعَهُ عِدَّةُ سُيُوفٍ ; مِنْهَا سَيْفُ
النُّعْمَانِ بْنِ الْمُنْذِرِ نَائِبِ
كِسْرَى عَلَى
الْحِيرَةِ وَأَنَّ
عُمَرَ قَالَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ سَيْفَ
كِسْرَى فِيمَا يَضُرُّهُ وَلَا يَنْفَعُهُ . ثُمَّ قَالَ : إِنَّ قَوْمًا أَدَّوْا هَذَا لَذَوُوا أَمَانَةٍ . ثُمَّ قَالَ : إِنَّ
كِسْرَى لَمْ يَزِدْ عَلَى أَنْ تَشَاغَلَ بِمَا أَوُتِيَ عَنْ آخِرَتِهِ ، فَجَمَعَ لِزَوْجِ امْرَأَتِهِ أَوْ زَوْجِ ابْنَتِهِ ، وَلَمْ يُقَدِّمْ لِنَفْسِهِ ، وَلَوْ قَدَّمَ لِنَفْسِهِ وَوَضَعَ الْفُضُولَ مَوَاضِعَهَا لَحَصَلَ لَهُ .
وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ ، وَهُوَ
أَبُو بُجَيْدٍ نَافِعُ بْنُ الْأَسْوَدِ ، فِي ذَلِكَ :
وَأَمَلْنَا عَلَى الْمَدَائِنِ خَيْلًا بَحْرُهَا مِثْلُ بَرِّهِنَّ أَرِيضَا فَانْتَثَلْنَا خَزَائِنَ الْمَرْءِ كِسْرَى
يَوْمَ وَلَّوْا وَحَاصَ مِنَّا جَرِيضَا