، أسيد بن الحضير بن سماك الأنصاري الأشهلي من الأوس ، أبو يحيى ، أحد النقباء ليلة العقبة ، وكان أبوه رئيس الأوس يوم بعاث ، وكان قبل الهجرة بست سنين ، وكان يقال له : حضير الكتائب . يقال : إنه أسلم على يدي ولما هاجر الناس آخى رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، بينه وبين مصعب بن عمير ولم يشهد زيد بن حارثة ، بدرا .
وفي الحديث الذي صححه الترمذي ، عن أن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، قال : أبي هريرة نعم الرجل أبو بكر ، نعم الرجل عمر ، نعم الرجل أسيد بن الحضير وذكر جماعة .
[ ص: 102 ] وقدم الشام مع عمر . وأثنت عليه عائشة ، وعلى سعد بن معاذ ، رضي الله عنهم . وعباد بن بشر ،
وذكر ابن بكير أنه توفي بالمدينة سنة عشرين ، وأن عمر حمل بين عموديه ، وصلى عليه ، ودفنه بالبقيع . وكذا أرخ وفاته سنة عشرين الواقدي ، وأبو عبيد ، وجماعة .
أنيس بن مرثد بن أبي مرثد الغنوي ، هو وأبوه وجده صحابة ، وكان أنيس هذا عينا لرسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، يوم حنين ، ويقال : إنه الذي قال له رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : واغد يا أنيس إلى امرأة هذا ، فإن اعترفت فارجمها والصحيح أنه غيره ، فإن في الحديث : فقال لرجل من أسلم . فقيل : أنه أنيس بن الضحاك الأسلمي . وقد مال إلى ترجيحه . والله أعلم . له حديث في الفتنة . قال ابن الأثير إبراهيم بن المنذر : توفي في ربيع الأول سنة عشرين .
الحبشي بلال بن رباح المؤذن ، مولى أبي بكر ، ويقال له : بلال ابن [ ص: 103 ] حمامة . وهي أمه . أسلم قديما فعذب في الله فصبر ، الصديق فأعتقه . شهد فاشتراه بدرا وما بعدها . وكان عمر يقول : أبو بكر سيدنا وأعتق سيدنا . رواه . البخاري
ولما شرع الأذان بالمدينة كان هو الذي يؤذن بين يدي رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، يتناوبان ، تارة هذا وتارة هذا . وابن أم مكتوم ، بلال ندي الصوت ، حسنه ، فصيحا ، وما يروى : " إن سين وكان بلال عند الله شين " . فليس له أصل . وقد أذن يوم الفتح على ظهر الكعبة . ، ويقال : أذن ولما توفي رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، ترك الأذان للصديق أيام خلافته . ولا يصح . ثم خرج إلى الشام مجاهدا ، ولما قدم عمر إلى الجابية أذن بين يديه بعد الخطبة لصلاة الظهر ، فانتحب الناس بالبكاء . ويقال : إنه زار المدينة في غبون ذلك فأذن ، فبكى الناس بكاء شديدا . ويحق لهم ذلك ، رضي الله عنهم .
وثبت في الصحيح أن لبلال : إني دخلت الجنة فسمعت خشف نعليك أمامي ، فأخبرني بأرجى عمل عملته ، فقال : ما توضأت إلا وصليت ركعتين . فقال " بذاك رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، قال " . وفي رواية : . ما أحدثت إلا توضأت وما توضأت ، إلا رأيت أن علي أن أصلي ركعتين
[ ص: 104 ] قالوا : وكان بلال آدم شديد الأدمة ، طويلا ، نحيفا ، أجنأ ، كثير الشعر ، خفيف العارضين .
قال ابن بكير : توفي بدمشق في طاعون عمواس سنة ثماني عشرة . وقال محمد بن إسحاق وغير واحد : توفي سنة عشرين . قال الواقدي : ودفن بباب الصغير ، وله بضع وستون سنة . وقال غيره : مات بداريا ، ودفن بباب كيسان . وقيل : دفن بداريا . وقيل إنه مات بحلب . والأول أصح . والله أعلم .
سعيد بن عامر بن حذيم ، من أشراف بني جمح ، شهد خيبر ، وكان من الزهاد العباد ، وكان أميرا لعمر على حمص بعد أبي عبيدة . بلغ عمر أنه قد أصابته حاجة شديدة ، فأرسل إليه بألف دينار ، فتصدق بها جميعا ، وقال [ ص: 105 ] لزوجته : أعطيناها لمن يتجر لنا فيها ، رضي الله عنه . قال خليفة : فتح هو ومعاوية قيسارية ، كل منهما أمير على من معه .
من عياض بن غنم أبو سعد الفهري ، المهاجرين الأولين ، شهد بدرا وما بعدها ، وكان سمحا جوادا ، شجاعا ، وهو الذي افتتح الجزيرة وهو الروم غازيا ، واستنابه أول من جاز درب أبو عبيدة بعده على الشام فأقره عمر عليها إلى أن مات سنة عشرين عن ستين سنة .
ابن عم رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، قيل : اسمه أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب ، المغيرة . أسلم عام الفتح فحسن إسلامه جدا ، وكان قبل ذلك من أشد الناس على رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، وعلى دينه ومن تبعه ، وكان شاعرا مطبقا ، يهجو الإسلام وأهله ، وهو الذي رد عليه حسان بن ثابت ، رضي الله عنه ، في قوله
ألا أبلغ أبا سفيان عني مغلغلة فقد برح الخفاء هجوت محمدا وأجبت عنه
وعند الله في ذاك الجزاء أتهجوه ولست له بكفء
فشركما لخيركما الفداء
أرقت فبات ليلي لا يزول وليل أخي المصيبة فيه طول
وأسعدني البكاء وذاك فيما أصيب المسلمون به قليل
فقد عظمت مصيبتنا وجلت عشية قيل قد قبض الرسول
فقدنا الوحي والتنزيل فينا يروح به ويغدو جبرئيل
أبو الهيثم بن التيهان ، هو مالك بن مالك بن عتيك بن عمرو بن عبد الأعلم بن عامر بن زعوراء بن جشم بن الحارث بن الخزرج بن عمرو بن [ ص: 107 ] مالك بن الأوس ، الأنصاري الأوسي ، شهد العقبة نقيبا ، وشهد بدرا وما بعدها ، ومات سنة عشرين . وقيل : إحدى وعشرين . وقيل : إنه شهد صفين مع علي . قال : وهو الأكثر . وقد ذكره شيخنا هنا . فالله أعلم . ابن الأثير
زينب بنت جحش بن رياب الأسدية
من أسد خزيمة . أمها أول أمهات المؤمنين وفاة ، وكان اسمها أميمة بنت عبد المطلب ، برة ، فسماها رسول الله ، صلى الله عليه وسلم زينب ، وتكنى أم الحكم ، وهي التي زوجه الله بها ، وكانت تفتخر بذلك على سائر أزواج النبي ، صلى الله عليه وسلم ، فتقول : زوجكن أهلوكن ، وزوجني الله من السماء . قال الله تعالى : ، فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها الآية [ الأحزاب : 37 ] . وكانت قبله عند مولاه فلما طلقها تزوجها رسول الله ، صلى الله عليه وسلم . قيل : كان ذلك في سنة ثلاث . وقيل : أربع . وهو الأشهر . وقيل : سنة خمس . زيد بن حارثة ، كما ثبت في " الصحيحين " عن وفي دخوله عليه السلام بها نزل الحجاب أنس . وهي التي كانت تسامي عائشة بنت الصديق في الجمال والحظوة ، وكانت دينة ورعة عابدة كثيرة [ ص: 108 ] الصدقة . وذاك الذي أشار إليه رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، بقوله : - وكانت امرأة صناعا تعمل بيديها وتتصدق على الفقراء . أسرعكن لحاقا بي أطولكن يدا - أي بالصدقة
قالت عائشة : ما رأيت امرأة قط خيرا في الدين ، وأتقى لله ، وأصدق حديثا ، وأوصل للرحم ، وأعظم أمانة وصدقة ، من زينب بنت جحش .
ولم تحج بعد حجة الوداع لا هي ولا سودة ; لقوله عليه السلام لأزواجه : هذه ثم ظهور الحصر . وأما بقية أزواج النبي ، صلى الله عليه وسلم ، فكن يخرجن إلى الحج ، وقالت زينب : والله لا تحركنا بعده دابة . وسودة
قالوا : وبعث عمر إليها فرضها اثني عشر ألفا فتصدقت به في أقاربها ، ثم قالت : اللهم لا يدركني عطاء عمر بعد هذا . فماتت في سنة عشرين ، وصلى عليها عمر ، وهي ودفنت أول من صنع لها النعش ، بالبقيع .
صفية بنت عبد المطلب ، عمة الرسول ، صلى الله عليه وسلم ، وهي أم الزبير بن العوام ، وهي شقيقة حمزة والمقوم وحجل ، أمهم هالة بنت وهيب بن عبد مناف بن زهرة . لا خلاف في إسلامها ، وقد حضرت يوم أحد ووجدت على أخيها [ ص: 109 ] حمزة وجدا كثيرا ، وقتلت يوم الخندق رجلا من اليهود جاء فجعل يطيف بالحصن التي هي فيه ، وهو فارع ؛ حصن حسان ، فقالت لحسان : انزل فاقتله . فأبى ، فنزلت إليه فقتلته ، ثم قالت : انزل فاسلبه فلولا أنه رجل لاستلبته . فقال : لا حاجة لي فيه . وكانت . أول امرأة قتلت رجلا من المشركين
وقد اختلف في إسلام من عداها من عمات النبي ، صلى الله عليه وسلم . فقيل : أسلمت أروى وعاتكة . قال وشيخنا ابن الأثير أبو عبد الله الذهبي الحافظ : والصحيح أنه لم يسلم منهن غيرها .
وقد تزوجت أولا بالحارث بن حرب بن أمية ، ثم خلف عليها العوام بن خويلد ، فولدت له الزبير وعبد الكعبة . وقيل : تزوجها العوام بكرا . والصحيح الأول . توفيت بالمدينة سنة عشرين ، عن ثلاث وسبعين سنة . ودفنت بالبقيع ، رضي الله عنها .
وقد ذكر ابن إسحاق من توفي غير هؤلاء :
، عويم بن ساعدة الأنصاري شهد العقبتين والمشاهد كلها ، وهو وفيه نزل قوله تعالى : أول من استنجى بالماء ، فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين . [ التوبة : 108 ] وله روايات . توفي هذه السنة بالمدينة . [ ص: 110 ] بشر بن عمرو بن حنش ، يلقب بالجارود ، أسلم في السنة العاشرة ، وكان شريفا مطاعا في عبد القيس ، وهو الذي شهد على أنه شرب الخمر ، فعزله قدامة بن مظعون عمر عن اليمن وحده . قتل الجارود شهيدا .
أبو خراش خويلد بن مرة الهذلي ، كان شاعرا مجيدا مخضرما ، أدرك الجاهلية والإسلام ، وكان إذا جرى سبق الخيل . نهشته حية فمات بالمدينة .