المشهور عزيرا نبي من أنبياء بني إسرائيل وأنه كان فيما بين أن داود وسليمان ، وبين زكريا ويحيى ، وأنه لما لم يبق في بني إسرائيل من يحفظ التوراة ألهمه الله حفظها ، فسردها على بني إسرائيل ، كما قال : أمر الله ملكا فنزل بمغرفة من نور فقذفها في في وهب بن منبه عزير فنسخ التوراة حرفا بحرف ، حتى فرغ منها .
وروى ، عن ابن عساكر ابن عباس أنه سأل عن قول الله تعالى : عبد الله بن سلام وقالت اليهود عزير ابن الله [ التوبة : 30 ] . لم قالوا ذلك ؟ فذكر له ابن سلام ما كان من كتبه لبني إسرائيل التوراة من حفظه ، وقول بني إسرائيل : لم يستطع موسى أن يأتينا بالتوراة إلا في كتاب ، وإن عزيرا قد جاءنا بها من غير كتاب . فرماه طوائف منهم ، وقالوا : عزير ابن الله .
ولهذا يقول كثير من العلماء : إن تواتر التوراة انقطع في زمن العزير . وهذا متجه جدا إذا كان العزيز غير نبي ، كما قاله عطاء بن أبي رباح ، والحسن البصري ، فيما رواه عن إسحاق بن بشر مقاتل بن سليمان ، عن عطاء وعن [ ص: 390 ] عثمان بن عطاء الخراساني عن أبيه ومقاتل ، عن عطاء بن أبي رباح ، قال : كان في الفترة تسعة أشياء : بخت نصر وجنة صنعاء ، وجنة سبأ ، وأصحاب الأخدود وأمر حاصورا ، وأصحاب الكهف ، وأصحاب الفيل ، ومدينة أنطاكية ، وأمر تبع .
وقال : أنبأنا إسحاق بن بشر سعيد ، عن قتادة ، عن الحسن قال : كان أمر عزير وبخت نصر في الفترة . وقد ثبت في " الصحيح " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن أولى الناس بابن مريم لأنا ، إنه ليس بيني وبينه نبي وقال : كان فيما بين وهب بن منبه سليمان وعيسى ، عليهما السلام .
وقد روى ، عن ابن عساكر أنس بن مالك ، أن وعطاء بن السائب عزيرا كان في زمن موسى بن عمران وأنه استأذن عليه ، فلم يأذن له - يعني لما كان من سؤاله عن القدر - وأنه انصرف وهو يقول : مائة موتة أهون من ذل ساعة . وفي معنى قول عزير : مائة موتة أهون من ذل ساعة . قول بعض الشعراء :
قد يصبر الحر على السيف ويأنف الصبر على الحيف ويؤثر الموت على حالة
يعجز فيها عن قرى الضيف
[ ص: 391 ] فأما ما روى وغيره ، عن ابن عساكر ابن عباس ، ونوف البكالي وغيرهم ، من أنه سأل عن القدر ، فمحي اسمه من ذكر الأنبياء - فهو منكر ، وفي صحته نظر ، وكأنه مأخوذ عن الإسرائيليات . وقد روى وسفيان الثوري ، عبد الرزاق ، عن وقتيبة بن سعيد ، جعفر بن سليمان ، عن ، عن أبي عمران الجوني نوف البكالي قال : قال عزير فيما يناجي ربه : يا رب ، تخلق خلقا ، فتضل من تشاء وتهدي من تشاء . فقيل له : أعرض عن هذا . فعاد فقيل له : لتعرضن عن هذا أو لأمحون اسمك من الأنبياء ، إني لا أسأل عما أفعل وهم يسألون . وهذا يقتضي وقوع ما توعد عليه لو عاد ، فما عاد ، فما محي اسمه . والله أعلم .
وقد روى الجماعة سوى الترمذي ، من حديث عن يونس بن يزيد الزهري ، عن سعيد ، وأبي سلمة عن وكذلك رواه أبي هريرة شعيب عن ، عن أبي الزناد عن الأعرج قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أبي هريرة نزل نبي [ ص: 392 ] من الأنبياء تحت شجرة فلدغته نملة ، فأمر بجهازه فأخرج من تحتها ، ثم أمر بها فأحرقت بالنار ، فأوحى الله إليه : فهلا نملة واحدة فروى ، عن إسحاق بن بشر ، عن ابن جريج عبد الوهاب بن مجاهد عن أبيه ، أنه عزير . وكذا روي عن ابن عباس والحسن البصري أنه عزير . فالله أعلم .