ذكر ابن جرير عن وغيره ، أن هذا الرجل كان شاعرا ، وكان مع أبي عبيدة معمر بن المثنى عباد بن زياد بسجستان ، فاشتغل عنه بحرب الترك ، وضاق [ ص: 346 ] على الناس علف الدواب ، فقال ابن مفرغ شعرا يهجو به عباد بن زياد على ما كان منه فقال :
ألا ليت اللحى كانت حشيشا فنعلفها خيول المسلمينا
وكان عباد بن زياد عظيم اللحية كبيرها جدا ، فبلغه ذلك فغضب ، وتطلبه فهرب منه ، وقال فيه قصائد يهجوه بها كثيرة ، فمن ذلك قوله :إذا أودى معاوية بن حرب فبشر شعب قعبك بانصداع
فأشهد أن أمك لم تباشر أبا سفيان واضعة القناع
ولكن كان أمرا فيه لبس على وجل شديد وارتياع
ألا أبلغ معاوية بن حرب مغلغلة من الرجل اليماني
أتغضب أن يقال أبوك عف وترضى أن يقال أبوك زاني
فأشهد أن رحمك من زياد كرحم الفيل من ولد الأتان
يغسل الماء ما صنعت وقولي راسخ منك في العظام البوالي
عدس ما لعباد عليك إمارة نجوت وهذا تحملين طليق
لعمري لقد نجاك من هوة الردى إمام وحبل للأنام وثيق
سأشكر ما أوليت من حسن نعمة ومثلي بشكر المنعمين حقيق
ثم إن عبد الرحمن بن الحكم ركب إلى عبيد الله فاسترضاه ، فرضي عنه ، وأنشده عبد الرحمن
لأنت زيادة في آل حرب أحب إلي من إحدى بناني
أراك أخا وعما وابن عم ولا أدري بغيب ما تراني
قال أبو معشر : وحج بالناس في هذه السنة والواقدي عثمان بن محمد بن أبي سفيان ، وكان نائب المدينة ، وعلى الوليد بن عتبة بن أبي سفيان الكوفة النعمان بن بشير وقاضيها شريح ، وعلى البصرة عبيد الله بن زياد وقاضيها هشام بن هبيرة ، وعلى خراسان عبد الرحمن بن زياد ، وعلى سجستان عباد بن زياد ، وعلى كرمان شريك بن الأعور الحارثي ، من قبل عبيد الله بن زياد .