ذكر من توفي فيها من الأعيان 
الحسين بن علي  رضي الله عنهما ، ومعه بضعة عشر من أهل بيته ، قتلوا جميعا بكربلاء   ، وقيل : بضعة وعشرون كما تقدم . وقتل معهم جماعة من الأبطال والفرسان . 
جابر بن عتيك بن قيس ، أبو عبد الله الأنصاري  
شهد بدرا  وما بعدها ، وكان حامل راية بني معاوية  يوم الفتح . كذا قال  ابن الجوزي    . قال : وتوفي في هذه السنة عن إحدى وسبعين سنة . 
حمزة بن عمرو الأسلمي   
صحابي جليل القدر ، ثبت في " الصحيحين " عن عائشة  ، أنها قالت : سأل حمزة بن عمرو  رسول الله صلى الله عليه وسلم   [ ص: 602 ] فقال : إني كثير الصيام ، أفأصوم في السفر ؟ فقال له " إن شئت فصم ، وإن شئت فأفطر "   . وقد شهد فتح الشام  وكان هو البشير للصديق يوم أجنادين    . 
قال الواقدي    : وهو الذي بشر  كعب بن مالك  بتوبة الله عليه ، فأعطاه ثوبيه . 
وروى  البخاري  في " التاريخ " بإسناد جيد عنه ، أنه قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليلة مظلمة ، فأضاءت لي أصابعي حتى جمعت عليها كل متاع كان للقوم   . 
اتفقوا على أنه توفي في هذه السنة ، أعني سنة إحدى وستين . 
شيبة بن عثمان بن أبي طلحة العبدري الحجبي   
صاحب مفتاح الكعبة  ، كان أبوه ممن قتله علي بن أبي طالب  يوم أحد  كافرا ، وأظهر شيبة الإسلام يوم الفتح ، وشهد حنينا  وفي قلبه شيء من الشك ، وقد هم بالفتك برسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأطلع الله على ذلك رسوله صلى الله عليه وسلم ، فأخبره بما هم به ، فأسلم باطنا ، وجاد إسلامه ، وقاتل يومئذ وصبر فيمن صبر . 
قال الواقدي  ، عن أشياخه : إن شيبة  قال : كنت أقول والله لو آمن   [ ص: 603 ] بمحمد  جميع الناس ما آمنت به . فلما فتح مكة  ، وخرج إلى هوازن  خرجت معه ; رجاء أن أجد فرصة آخذ بثأر قريش  كلها منه . قال : فاختلط الناس ذات يوم ، ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بغلته ، فدنوت منه ، وانتضيت سيفي لأضربه به ، فرفع لي شواظ من نار كاد يمحشني ، فالتفت إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : " يا شيبة  ، ادن مني " . فدنوت منه ، فوضع يده على صدري ، وقال : " اللهم أعذه من الشيطان " قال : فوالله ما رفع يده حتى لهو يومئذ أحب إلي من سمعي وبصري ، ثم قال : " اذهب فقاتل " . قال : فتقدمت إلى العدو ، والله لو لقيت أبي لقتلته لو كان حيا ، فلما تراجع الناس قال لي : " يا شيبة  ، الذي أراد الله بك خير مما أردت لنفسك " . ثم حدثني بكل ما كان في نفسي مما لم يطلع عليه أحد إلا الله عز وجل ، فتشهدت وقلت : أستغفر الله . فقال : " غفر الله لك   " . 
ولي الحجابة  بعد عثمان بن طلحة  ، واستقرت الحجابة  في بنيه وبيته إلى اليوم ، وإليه ينسب بنو شيبة  ، وهم حجبة الكعبة    . 
قال خليفة بن خياط  وغير واحد : توفي سنة تسع وخمسين . 
وقال محمد بن سعد    : بقي إلى أيام يزيد بن معاوية    . 
وقال  ابن الجوزي  في " المنتظم " : مات في هذه السنة . 
 [ ص: 604 ] عبد المطلب بن ربيعة  بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم  ، صحابي جليل ، ممن انتقل إلى دمشق  ، وله بها دار ، ولما مات أوصى إلى يزيد بن معاوية  وهو أمير المؤمنين . 
الوليد بن عقبة بن أبي معيط  بن أبان بن أبي عمرو ذكوان بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي ، أبو وهب القرشي العبشمي  ، وهو أخو عثمان بن عفان  لأمه أروى بنت كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس  ، وأمها أم حكيم البيضاء بنت عبد المطلب  ، وللوليد  من الإخوة خالد  وعمارة  وأم كلثوم  ، وقد قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم أباه بعد وقعة بدر  من بين الأسرى صبرا بين يديه ، فقال : يا محمد  ، من للصبية ؟ فقال : " لهم النار " وكذلك فعل بالنضر بن الحارث    . 
وأسلم الوليد  هذا يوم الفتح ، وقد بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم على صدقات بني المصطلق  ، فخرجوا يتلقونه ، فظن أنهم إنما خرجوا لقتاله ، فرجع فأخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأراد أن يجهز إليهم جيشا ، فبلغهم ذلك ، فجاء من جاء منهم ليعتذروا إليه ويخبروه بصورة ما وقع ، فأنزل الله تعالى في الوليد    : ياأيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة  الآية [ الحجرات : 6 ] . ذكر ذلك غير واحد من المفسرين . والله أعلم بصحة ذلك . وقد حكى   [ ص: 605 ]  أبو عمرو بن عبد البر  على ذلك الإجماع . 
وقد ولاه عمر  صدقات بني تغلب  ، وولاه عثمان  نيابة الكوفة  بعد  سعد بن أبي وقاص  سنة خمس وعشرين ، ثم شرب الخمر وصلى بأصحابه ، ثم التفت إليهم فقال : أزيدكم ؟ ووقع منه تخبيط ، ثم إن عثمان  جلده وعزله عن الكوفة  بعد أربع سنين فأقام بها ، فلما جاء علي  إلى العراق  سار إلى الرقة  ، واشترى له عندها ضيعة ، وأقام بها معتزلا جميع الحروب التي كانت أيام علي ومعاوية  وما بعدها إلى أن توفي بضيعته هذه ، ودفن بها في هذه السنة ، وهي على خمسة عشر ميلا من الرقة  ، ويقال : إنه توفي في أيام معاوية    . فالله أعلم . 
روى له الإمام أحمد وأبو داود  حديثا واحدا في فتح مكة  ، وقد ذكر  ابن الجوزي  وفاته في هذه السنة ، وذكر أيضا وفاة أم المؤمنين  ميمونة بنت الحارث الهلالية  ، وقد تقدم ذكر وفاتها في سنة إحدى وخمسين ، وقيل : إنها توفيت سنة ثلاث وستين . وقيل : سنة ست وستين . والصواب ما ذكرناه . 
أم سلمة أم المؤمنين  
هند بنت أبي أمية حذيفة - وقيل : سهيل - بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشية المخزومية ، كانت أولا تحت ابن عمها  أبي سلمة بن عبد الأسد  ، فمات عنها ، فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ودخل   [ ص: 606 ] بها في شوال سنة ثنتين بعد وقعة بدر  ، وقد كانت سمعت من زوجها أبي سلمة  حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : " ما من مسلم يصاب بمصيبة فيقول : إنا لله وإنا إليه راجعون ، اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيرا منها . إلا أبدله الله خيرا منها   " . قالت : فلما مات أبو سلمة  قلت ذلك ، ثم قلت : ومن هو خير من أبي سلمة  أول رجل هاجر ؟ ! . ثم عزم الله لي فقلتها ، فأبدلني الله خيرا منه ، رسول الله صلى الله عليه وسلم . وكانت من حسان النساء وعابداتهن . 
قال الواقدي    : توفيت سنة تسع وخمسين ، وصلى عليها  أبو هريرة    . 
وقال  ابن أبي خيثمة    : توفيت في أيام يزيد بن معاوية  قلت : والأحاديث المتقدمة في مقتل الحسين  تدل على أنها عاشت إلى ما بعد مقتله . والله أعلم . رضي الله عنها وأرضاها . 
				
						
						
