قال حماد بن سلمة ،  عن ثابت ،  عن أنس ،  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " أتيت بالبراق ، وهو دابة أبيض ، فركبته حتى أتينا بيت المقدس ،  فربطته بالحلقة التي تربط بها الأنبياء ، ثم دخلت فصليت ، فأتاني بإناءين خمر ولبن ، فاخترت اللبن ، فقال : أصبت الفطرة . ثم عرج بي إلى السماء الدنيا ، فاستفتح جبريل ،  فقيل : من أنت ؟ قال : أنا جبريل   . قيل : ومن معك ؟ قال : محمد   . قيل : وقد أرسل إليه ؟ قال : قد أرسل ، ففتح لنا ، فإذا بآدم   . 
فذكر الحديث ، وفيه : " فإذا بيوسف ،  وإذا هو قد أعطي شطر الحسن ، فرحب بي ودعا لي بخير ، إلى أن قال لما فتح له السماء السابعة : فإذا بإبراهيم  عليه السلام ، وإذا هو مستند إلى البيت المعمور ، فرحب بي ، ودعا لي بخير ، فإذا هو يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه ، ثم ذهب بي إلى سدرة المنتهى ، فإذا ورقها كآذان الفيلة ، وإذا ثمرها كالقلال ، قال : فلما غشيها من أمر الله ما غشي تغيرت . فما أحد من خلق الله يستطيع أن ينعتها من حسنها ، قال : فدنا فتدلى وأوحى إلى عبده ما أوحى ، وفرض علي في كل يوم خمسون صلاة ، فنزلت حتى انتهيت إلى موسى ،  قال : ما فرض ربك على أمتك ؟ قلت : خمسين صلاة في كل يوم وليلة . قال : ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف ، فإن أمتك لا تطيق ذلك ، فإني قد بلوت بني إسرائيل وجربتهم وخبرتهم . 
 [ ص: 218 ] قال : فرجعت فقلت : أي رب خفف عن أمتي . فحط عني خمسا ، فرجعت حتى انتهيت إلى موسى ،  فقال : ما فعلت ؟ قلت : قد حط عني خمسا ، فقال : إن أمتك لا تطيق ذلك ، ارجع إلى ربك فسله التخفيف لأمتك . فلم أزل أرجع بين ربي وبين موسى  حتى قال : هي خمس صلوات في كل يوم وليلة ، بكل صلاة عشر ، فذلك خمسون صلاة  . 
أخرجه مسلم  دون قوله : فدنا فتدلى ، وذلك ثابت في رواية حجاج بن منهال ،  وهو ثبت في حماد بن سلمة   . 
وقال  سليمان بن بلال ،  عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر ،  قال : سمعت أنسا  يقول : وذكر حديث الإسراء ، وفيه : " ثم عرج به إلى السماء السابعة ، ثم علا به فوق ذلك بما لا يعلمه إلا الله ، حتى جاء سدرة المنتهى ، ودنا الجبار رب العزة ، فتدلى حتى كان منه قاب قوسين أو أدنى  . أخرجه  البخاري ،  عن عبد العزيز بن عبد الله ،  عن سليمان   . 
وقال شيبان ،  عن قتادة ،  عن أبي العالية ،  قال : حدثنا ابن عباس ،  قال : قال نبي الله صلى الله عليه وسلم : رأيت ليلة أسري بي موسى  عليه السلام رجلا طوالا جعدا ، كأنه من رجال شنوءة ، ورأيت عيسى  مربوع الخلق إلى الحمرة والبياض سبط الرأس ، قال : وأري مالكا  خازن النار والدجال في آيات أراهن الله إياه قال : ( فلا تكن في مرية من لقائه   ( 23 ) ) [ السجدة ] . فكان قتادة  يفسرها أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قد لقي موسى   . أخرجه مسلم   . 
وفي الصحيحين ، من حديث  سعيد بن المسيب ،  عن  أبي هريرة ،  قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم حين أسري به : لقيت موسى  وعيسى  ثم  [ ص: 219 ] نعتهما ورأيت إبراهيم ،  وأنا أشبه ولده به . 
وقال  مروان بن معاوية الفزاري ،  عن قنان النهمي ،  قال : حدثنا  أبو ظبيان الجنبي ،  قال : كنا جلوسا عند  أبي عبيدة بن عبد الله   ومحمد بن سعد بن أبي وقاص ،  فقال محمد  لأبي عبيدة   : حدثنا عن أبيك ليلة أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم . فقال أبو عبيدة   : لا ، بل حدثنا أنت عن أبيك . قال : لو سألتني قبل أن أسألك لفعلت . فأنشأ أبو عبيدة  يحدث ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أتاني جبريل  بدابة فوق الحمار ودون البغل ، فحملني عليه ، فانطلق يهوي بنا ، كلما صعد عقبة استوت رجلاه مع يديه ، وإذا هبط استوت يداه مع رجليه ، حتى مررنا برجل طوال سبط آدم ، كأنه من رجال أزد شنوءة ، وهو يقول ويرفع صوته ويقول : أكرمته وفضلته ، فدفعنا إليه ، فسلمنا ، فرد السلام ، فقال : من هذا معك يا جبريل ؟  قال : هذا أحمد . قال : مرحبا بالنبي الأمي الذي بلغ رسالة ربه ونصح لأمته . قال : ثم اندفعنا ، فقلت : من هذا يا جبريل ؟  قال : موسى   . قلت : ومن يعاتب ؟ قال : يعاتب ربه فيك . قلت : ويرفع صوته على ربه! قال : إن الله قد عرف له حدته . قال : ثم اندفعنا حتى مررنا بشجرة كأن ثمرها السرج وتحتها شيخ وعياله ، فقال لي جبريل   : اعمد إلى أبيك إبراهيم ،  فسلمنا عليه فرد السلام ، وقال : من هذا معك يا جبريل ؟  قال : ابنك أحمد . فقال : مرحبا بالنبي الأمي الذي بلغ رسالة ربه ونصح لأمته ، يا بني إنك لاق ربك الليلة ، فإن استطعت أن تكون حاجتك أو جلها في أمتك فافعل . قال : ثم اندفعنا حتى انتهينا إلى المسجد الأقصى ،  فنزلت فربطت الدابة بالحلقة التي في باب المسجد التي كانت الأنبياء تربط بها ، ثم دخلت المسجد فعرفت النبيين ما بين قائم وراكع وساجد ، ثم أتيت بكأسين من عسل ولبن ، فأخذت اللبن فشربته ، فضرب جبريل  منكبي ، وقال : أصبت الفطرة ورب محمد   . ثم  [ ص: 220 ] أقيمت الصلاة ، فأممتهم ، ثم انصرفنا فأقبلنا  . . . هذا حديث حسن غريب . 
فإن قيل : فقد صح عن ثابت ،   وسليمان التيمي ،  عن أنس بن مالك  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أتيت على موسى  ليلة أسري بي عند الكثيب الأحمر ، وهو قائم يصلي في قبره ، وقد صح عن أبي سلمة ،  عن  أبي هريرة  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " رأيتني في جماعة من الأنبياء ، فإذا موسى  يصلي ، وذكر إبراهيم ،  وعيسى  قال : فحانت الصلاة فأممتهم "  . ومن حديث ابن المسيب  أنه لقيهم في بيت المقدس ،  فكيف الجمع بين هذه الأحاديث وبين ما تقدم ، من أنه رأى هؤلاء الأنبياء في السماوات ، وأنه راجع موسى ؟  فالجواب : أنهم مثلوا له ، فرآهم غير مرة ، فرأى موسى  في مسيره قائما يصلي في قبره ، ثم رآه ببيت المقدس ،  ثم رآه في السماء السادسة هو وغيره ، فعرج بهم ، كما عرج بنبينا صلوات الله على الجميع وسلامه ، والأنبياء أحياء عند ربهم كحياة الشهداء عند ربهم ، وليست حياتهم كحياة أهل الدنيا ، ولا حياة أهل الآخرة ، بل لون آخر ، كما ورد أن حياة الشهداء بأن جعل الله أرواحهم في أجواف طير خضر ، تسرح في الجنة وتأوي إلى قناديل معلقة تحت العرش ، فهم أحياء عند ربهم بهذا الاعتبار كما أخبر سبحانه وتعالى ، وأجسادهم في قبورهم . 
وهذه الأشياء أكبر من عقول البشر ، والإيمان بها واجب كما قال تعالى : ( الذين يؤمنون بالغيب   ( 3 ) ) [ البقرة ] . 
أخبرنا أبو الفضل أحمد بن هبة الله ،  قال : أخبرنا أبو روح عبد المعز بن محمد  كتابة ، أن تميم بن أبي سعيد الجرجاني  أخبرهم ، قال : أخبرنا  [ ص: 221 ] أبو سعيد محمد بن عبد الرحمن ، قال : أخبرنا أبو عمرو بن حمدان ،  قال : أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى ،  قال : حدثنا هدبة بن خالد ،  قال : حدثنا حماد بن سلمة ،  عن عطاء بن السائب ،  عن سعيد بن جبير ،  عن ابن عباس ،  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :  " مررت ليلة أسري بي برائحة طيبة ، فقلت : ما هذه الرائحة يا جبريل ؟  قال : هذه ماشطة بنت فرعون ،  كانت تمشطها ، فوقع المشط من يدها ، فقالت : باسم الله ، قالت بنت فرعون   : أبي؟ قالت : ربي ورب أبيك . قالت : أقول له إذا . قالت : قولي له . قال لها : أولك رب غيري! قالت : ربي وربك الذي في السماء . قال : فأحمي لها بقرة من نحاس ، فقالت : إن لي إليك حاجة . قال : وما هي ؟ قالت : أن تجمع عظامي وعظام ولدي . قال : ذلك لك علينا لما لك علينا من الحق . فألقي ولدها في البقرة ، واحدا واحدا واحدا ، فكان آخرهم صبي ، فقال : يا أمه اصبري فإنك على الحق  . قال ابن عباس   : فأربعة تكلموا وهم صبيان : ابن ماشطة بنت فرعون ،  وصبي جريج ،  وعيسى ابن مريم ،  والرابع لا أحفظه  . هذا حديث حسن . 
وقال ابن سعد   : أخبرنا محمد بن عمر ،  عن أبي بكر بن أبي سبرة  وغيره ، قالوا : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل ربه أن يريه الجنة والنار ، فلما كان ليلة السبت لسبع عشرة خلت من رمضان ، قبل الهجرة بثمانية عشر شهرا ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم نائم في بيته أتاه جبريل  بالمعراج ، فإذا هو أحسن شيء منظرا ، فعرج به إلى السماوات سماء سماء ، فلقي فيها الأنبياء ، وانتهى إلى سدرة المنتهى  . 
 [ ص: 222 ] قال ابن سعد   : وأخبرنا محمد بن عمر ،  قال : حدثني  أسامة بن زيد الليثي ،  عن عمرو بن شعيب ،  عن أبيه ، عن جده ، قال محمد بن عمر   : وحدثنا موسى بن يعقوب الزمعي ،  عن أبيه ، عن جده ، عن أم سلمة   . وحدثنا موسى بن يعقوب ،  عن أبي الأسود ،  عن عروة ،  عن عائشة   . وحدثني إسحاق بن حازم ،  عن  وهب بن كيسان ،  عن أبي مرة ،  عن أم هانئ   . وحدثني عبد الله بن جعفر ،  عن زكريا بن عمرو ،  عن  ابن أبي مليكة ،  عن ابن عباس ،  دخل حديث بعضهم في بعض ، قالوا : أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة سبع عشرة من شهر ربيع الأول قبل الهجرة من شعب أبي طالب  إلى بيت المقدس ،  وساق الحديث إلى أن قال : وقال بعضهم في الحديث : فتفرقت بنو عبد المطلب  يطلبونه حين فقد يتلمسونه ، حتى بلغ العباس  ذا طوى ، فجعل يصرخ : يا محمد  يا محمد ،  فأجابه رسول الله صلى الله عليه وسلم : لبيك . فقال : يا ابن أخي عنيت قومك منذ الليلة ، فأين كنت ؟ قال : أتيت من بيت المقدس   . قال : في ليلتك! قال : نعم . قال : هل أصابك إلا خير ؟ قال : ما أصابني إلا خير . 
وقالت أم هانئ   : ما أسري به إلا من بيتنا : نام عندنا تلك الليلة بعد ما صلى العشاء ، فلما كان قبل الفجر أنبهناه للصبح ، فقام ، فلما صلى الصبح قال : يا أم هانئ  جئت بيت المقدس ،  فصليت فيه ، ثم صليت الغداة معكم . فقالت : لا تحدث الناس فيكذبونك ، قال : والله لأحدثنهم ، فأخبرهم فتعجبوا ، وساق الحديث . 
فرق الواقدي ،  كما رأيت ، بين الإسراء والمعراج ، وجعلهما في تاريخين . 
 [ ص: 223 ] وقال عبد الوهاب بن عطاء   : أخبرنا راشد أبو محمد الحماني ،  عن أبي هارون العبدي ،  عن  أبي سعيد الخدري ،  عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال له أصحابه : يا رسول الله أخبرنا عن ليلة أسري بك فيها ، فقرأ أول سبحان وقال : " بينا أنا نائم عشاء في المسجد الحرام ،  إذ أتاني آت فأيقظني ، فاستيقظت ، فلم أر شيئا ، ثم عدت في النوم ، ثم أيقظني فاستيقظت ، فلم أر شيئا ، ثم نمت ، فأيقظني ، فاستيقظت ، فلم أر شيئا ، فإذا أنا بهيئة خيال فأتبعته بصري ، حتى خرجت من المسجد ، فإذا أنا بدابة أدنى شبهه بدوابكم هذه بغالكم ، مضطرب الأذنين ، يقال له البراق ، وكانت الأنبياء تركبه قبلي ، يقع حافره مد بصره ، فركبته ، فبينا أنا أسير عليه إذ دعاني داع عن يميني : يا محمد  أنظرني أسألك . فلم أجبه ، فسرت ، ثم دعاني داع عن يساري : يا محمد  أنظرني أسألك . فلم أجبه ، ثم إذا أنا بامرأة حاسرة عن ذراعيها ، وعليها من كل زينة ، فقالت : يا محمد  أنظرني أسألك . فلم ألتفت إليها ، حتى أتيت بيت المقدس ،  فأوثقت دابتي بالحلقة ، فأتاني جبريل  بإناءين : خمر ولبن ، فشربت اللبن ، فقال : أصبت الفطرة . فحدثت جبريل  عن الداعي الذي عن يميني ، قال : ذاك داعي اليهود ، لو أجبته لتهودت أمتك ، والآخر داعي النصارى ، لو أجبته لتنصرت أمتك ، وتلك المرأة الدنيا ، لو أجبتها لاختارت أمتك الدنيا على الآخرة . ثم دخلت أنا وجبريل  بيت المقدس ،  فصلينا ركعتين ، ثم أتيت بالمعراج الذي تعرج عليه أرواح بني آدم ، فلم تر الخلائق أحسن من المعراج ، أما رأيتم الميت حيث يشق بصره طامحا إلى السماء ، فإنما يفعل ذلك عجبه به ، فصعدت أنا وجبريل ، فإذا أنا بملك يقال له إسماعيل ،  وهو صاحب سماء الدنيا ، وبين يديه سبعون ألف ملك ، مع كل ملك جنده مائة ألف ملك ، قال تعالى : وما يعلم جنود ربك إلا هو   [ المدثر ] . فاستفتح جبريل ،  قيل : من هذا ؟ قال : 
 [ ص: 224 ] جبريل   . قيل : ومن معك ؟ قال : محمد   . قيل : أو قد بعث إليه ؟ قال : نعم . فإذا أنا بآدم  كهيئته يوم خلقه الله على صورته ، تعرض عليه أرواح ذريته المؤمنين فيقول : روح طيبة ونفس طيبة اجعلوها في عليين ، ثم تعرض عليه أرواح ذريته الفجار ، فيقول : روح خبيثة ونفس خبيثة ، اجعلوها في سجين . ثم مضيت هنية ، فإذا أنا بأخونة يعني بالخوان المائدة عليها لحم مشرح ، ليس يقربها أحد ، وإذا أنا بأخونة أخرى ، عليها لحم قد أروح ، ونتن ، وعندها أناس يأكلون منها : قلت : يا جبريل من هؤلاء ؟ قال : هؤلاء من أمتك يتركون الحلال ويأتون الحرام . قال : ثم مضيت هنية ، فإذا أنا بأقوام بطونهم أمثال البيوت ، كلما نهض أحدهم خر يقول : اللهم لا تقم الساعة ، وهم على سابلة آل فرعون ،  فتجيء السابلة فتطؤهم ، فسمعتهم يضجون إلى الله ، قلت : من هؤلاء ؟ قال : هؤلاء من أمتك الذين يأكلون الربا . ثم مضيت هنية ، فإذا أنا بأقوام مشافرهم كمشافر الإبل ، فتفتح أفواههم ويلقمون الجمر ، ثم يخرج من أسافلهم فيضجون ، قلت : من هؤلاء ؟ قال : الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما . ثم مضيت هنية ، فإذا أنا بنساء يعلقن بثديهن ، فسمعتهن يضججن إلى الله ، قلت : يا جبريل  من هؤلاء ؟ قال : الزناة من أمتك . ثم مضيت هنية ، فإذا أنا بأقوام يقطع من جنوبهم اللحم فيلقمون ، فيقال لهم : كل ما كنت تأكل من لحم أخيك ، قلت : من هؤلاء ؟ قال : هؤلاء الهمازون من أمتك اللمازون . ثم صعدت إلى السماء الثانية ، فإذا أنا برجل أحسن ما خلق الله ، قد فضل على الناس بالحسن كالقمر ليلة البدر على سائر الكواكب ، قلت : يا جبريل  من هذا ؟ قال : هذا أخوك يوسف ،  ومعه نفر من قومه . فسلمت عليه وسلم علي ، ثم صعدت إلى السماء الثالثة ، فإذا أنا بيحيى  وعيسى  ومعهما نفر من قومهما . ثم صعدت إلى الرابعة ، فإذا أنا بإدريس ،  ثم صعدت إلى  [ ص: 225 ] السماء الخامسة ، فإذا أنا بهارون ،  ونصف لحيته بيضاء ونصفها سوداء ، تكاد لحيته تصيب سرته من طولها ، قلت : يا جبريل  من هذا ؟ قال : هذا المحبب في قومه ، هذا هارون بن عمران ،  ومعه نفر من قومه . فسلمت عليه ، ثم صعدت إلى السماء السادسة ، فإذا أنا بموسى  رجل آدم كثير الشعر ، لو كان عليه قميصان لنفد شعره دون القميص ، وإذا هو يقول : يزعم الناس أني أكرم على الله من هذا ، بل هذا أكرم على الله مني . قلت : من هذا ؟ قال : موسى   . ثم صعدت السابعة ، فإذا أنا بإبراهيم ،  ساند ظهره إلى البيت المعمور ، فدخلته ودخل معي طائفة من أمتي ، عليهم ثياب بيض ، ثم دفعت إلى السدرة المنتهى ، فإذا كل ورقة منها تكاد أن تغطي هذه الأمة ، وإذا فيها عين تجري ، يقال لها سلسبيل ، فيشق منها نهران ، أحدهما الكوثر والآخر نهر الرحمة ، فاغتسلت فيه ، فغفر لي ما تقدم من ذنبي وما تأخر ، ثم إني دفعت إلى الجنة ، فاستقبلتني جارية ، فقلت : لمن أنت ؟ قالت :  لزيد بن حارثة   . ثم عرضت علي النار ، ثم أغلقت ، ثم إني دفعت إلى السدرة المنتهى فتغشى لي ، وكان بيني وبينه قاب قوسين أو أدنى ، قال : ونزل على كل ورقة ملك من الملائكة ، وفرضت علي الصلاة خمسين ، ثم دفعت إلى موسى  فذكر مراجعته في التخفيف . أنا اختصرت ذلك وغيره إلى أن قال فقلت : رجعت إلى ربي حتى استحييته . 
ثم أصبح بمكة  يخبرهم بالعجائب ، فقال : إني أتيت البارحة بيت المقدس ،  وعرج بي إلى السماء ، ورأيت كذا ، ورأيت كذا ، فقال أبو جهل   : ألا تعجبون مما يقول محمد   . وذكر الحديث . 
هذا حديث غريب عجيب حذفت نحو النصف منه ، رواه يحيى بن أبي طالب ،  عن عبد الوهاب ،  وهو صدوق ، عن راشد الحماني ،  وهو مشهور ، روى عنه حماد بن زيد ،  وابن المبارك ،  وقال أبو  [ ص: 226 ] حاتم   : صالح الحديث ، عن أبي هارون عمارة بن جوين العبدي ،  وهو ضعيف شيعي . وقد رواه عن أبي هارون  أيضا هشيم ،  ونوح بن قيس الحداني  بطوله نحوه ، حدث به عنهما قتيبة بن سعيد   . ورواه  سلمة بن الفضل ،  عن ابن إسحاق ،  عن روح بن القاسم ،  عن أبي هارون العبدي  بطوله . ورواه أسد بن موسى ،  عن  مبارك بن فضالة   . ورواه عبد الرزاق ،  عن معمر   .  والحسن بن عرفة ،  عن عمار بن محمد ،  كلهم عن أبي هارون ،  وبسياق مثل هذا الحديث صار أبو هارون  متروكا . 
 عمرو بن دينار ،  عن عكرمة ،  عن ابن عباس   : ( وما جعلنا الرؤيا التي أريناك   ( 60 ) ) [ الإسراء ] قال : رأي عين  . 
ابن أبي الزناد ،  عن هشام ،  عن أبيه ، عن عائشة ،  قالت : أسري بروح رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو نائم على فراشه  . 
معمر  عن قتادة  عن الحسن ،  قال : أسري بروح رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو نائم على فراشه  . 
وقال  إبراهيم بن حمزة الزبيري   : حدثنا حاتم بن إسماعيل ،  قال : حدثني عيسى بن ماهان ،  عن الربيع بن أنس ،  عن أبي العالية ،  عن  أبي هريرة   . ( ح ) . وقال  هاشم بن القاسم ،   ويونس بن بكير ،   وحجاج الأعور   : حدثنا أبو جعفر الرازي ، وهو عيسى بن ماهان ،  عن الربيع بن أنس ،  عن أبي العالية ،  عن  أبي هريرة  أو غيره ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في هذه الآية ( سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى   ( 1 ) ) [ الإسراء ] قال : أتي بفرس فحمل عليه ، خطوه منتهى بصره ، فسار وسار معه جبريل ،  فأتى على قوم يزرعون في يوم ويحصدون في يوم ، كلما حصدوا عاد كما كان ، فقال : يا جبريل ،  من  [ ص: 227 ] هؤلاء ؟ قال : هؤلاء المهاجرون في سبيل الله ، تضاعف لهم الحسنة بسبعمائة ضعف ( وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه   ( 39 ) ) [ سبأ ] . ثم أتى على قوم ترضخ رؤوسهم بالصخر ، كلما رضخت عادت ! قال : يا جبريل ،  من هؤلاء ؟ قال : هؤلاء الذين تتثاقل رءوسهم عن الصلاة . ثم أتى على قوم على أقبالهم رقاع ، وعلى أدبارهم رقاع ، يسرحون كما تسرح الأنعام على الضريع والزقوم ، ورضف جهنم ، قال : يا جبريل  ما هؤلاء ؟ قال : الذين لا يؤدون الزكاة . ثم أتى على خشبة على الطريق لا يمر بها شيء إلا قصعته ، يقول الله تعالى : ( ولا تقعدوا بكل صرط توعدون   ( 86 ) ) [ الأعراف ] . ثم مر على رجل قد جمع حزمة عظيمة لا يستطيع حملها ، وهو يريد أن يزيد عليها ، قال : يا جبريل  ما هذا ؟ قال : هذا رجل من أمتك عليه أمانة ، لا يستطيع أداءها ، وهو يزيد عليها . ثم أتى على قوم تقرض ألسنتهم وشفاههم بمقاريض من حديد ، كلما قرضت عادت كما كانت . قال : يا جبريل  من هؤلاء ؟ قال : هؤلاء خطباء الفتنة . 
ثم نعت الجنة والنار ، إلى أن قال : ثم سار حتى أتى بيت المقدس ،  فدخل وصلى ، ثم أتى أرواح الأنبياء فأثنوا على ربهم  . 
وذكر حديثا طويلا في ثلاث ورقات كبار . تفرد به أبو جعفر الرازي ،  وليس هو بالقوي ، والحديث منكر يشبه كلام القصاص ، إنما أوردته للمعرفة لا للحجة . 
وروى في المعراج إسحاق بن بشير ،  وليس بثقة ، عن  ابن جريج ،  عن عطاء ،  عن ابن عباس  حديثا . 
وقال معمر ،  عن الزهري ،  عن عروة ،  عن عائشة ،  قالت : فرضت الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بمكة  ركعتين ركعتين ، فلما خرج إلى المدينة   [ ص: 228 ] فرضت أربعا ، وأقرت صلاة السفر ركعتين  . أخرجه  البخاري   . آخر الإسراء . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					