الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      [ ص: 288 ] قصة إسلام ابن سلام

                                                                                      قال عبد العزيز بن صهيب ، عن أنس ، قال : جاء عبد الله بن سلام فقال : أشهد أنك رسول الله حقا . ولقد علمت يهود أني سيدهم وابن سيدهم ، وأعلمهم وابن أعلمهم ، فادعهم فسلهم عني قبل أن يعلموا أني قد أسلمت . فأرسل إليهم فأتوا ، فقال لهم : يا معشر يهود ، ويلكم اتقوا الله ، فوالذي لا إله إلا هو إنكم لتعلمون أني رسول الله فأسلموا . قالوا ما نعلمه ، فأعاد ذلك عليهم ثلاثا . ثم قال : فأي رجل فيكم عبد الله بن سلام ؟ قالوا : ذاك سيدنا وابن سيدنا ، وأعلمنا وابن أعلمنا . قال : أفرأيتم إن أسلم ؟ قالوا : حاش لله ، ما كان ليسلم . قال : يا ابن سلام اخرج عليهم فخرج عليهم ، فقال : ويلكم اتقوا الله ، فوالذي لا إله إلا هو إنكم لتعلمون أنه رسول الله حقا ، قالوا : كذبت . فأخرجهم رسول الله صلى الله عليه وسلم . أخرجه البخاري بأطول منه .

                                                                                      وأخرج من حديث حميد عن أنس ، قال : سمع عبد الله بن سلام بقدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو في أرض ، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إني سائلك عن ثلاث لا يعلمهن إلا نبي : ما أول أشراط الساعة ؟ وما أول طعام أهل الجنة ؟ وما ينزع الولد إلى أبيه أو إلى أمه ؟ قال : أخبرني بهن جبريل آنفا . قال : ذاك عدو اليهود من الملائكة . قال : ثم قرأ ( قل من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك ( 97 ) ) [ البقرة ] . أما أول أشراط الساعة ، فنار تخرج على الناس من المشرق إلى المغرب . وأما أول طعام يأكله أهل الجنة فزيادة كبد حوت . وإذا سبق ماء الرجل ماء المرأة نزع الولد [ ص: 289 ] إلى أبيه ، وإذا سبق ماء المرأة نزع إلى أمه . فتشهد وقال : إن اليهود قوم بهت ، وإنهم إن يعلموا بإسلامي قبل أن تسألهم عني بهتوني . فجاءوا ، فقال : أي رجل عبد الله بن سلام فيكم ؟ قالوا : خيرنا وابن خيرنا ، وسيدنا وابن سيدنا . قال : أرأيتم إن أسلم ؟ قالوا : أعاذه الله من ذلك . فخرج فقال : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله . فقالوا : شرنا وابن شرنا . وتنقصوه . قال : هذا الذي كنت أخاف يا رسول الله .

                                                                                      وقال عوف الأعرابي عن زرارة بن أوفى ، عن عبد الله بن سلام قال : لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة انجفل الناس قبله ، قالوا : قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم . فجئت لأنظر ، فلما رأيته عرفت أن وجهه ليس بوجه كذاب . فكان أول شيء سمعته منه أن قال : أيها الناس ، أطعموا الطعام ، وأفشوا السلام ، وصلوا الأرحام ، وصلوا بالليل والناس نيام ، تدخلوا الجنة بسلام . صحيح .

                                                                                      وروى أسباط بن نصر ، عن السدي ، عن أبي مالك ، وأبي صالح ، عن ابن عباس ، وعن مرة ، عن ابن مسعود ، وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى : ( ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به ( 89 ) ) [ البقرة ] ، قال : كانت العرب تمر باليهود فيؤذونهم . وكانوا يجدون محمدا في التوراة ، فيسألون الله أن يبعثه فيقاتلون معه العرب . فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به حين لم يكن من بني إسرائيل .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية