[ ص: 45 ] النوع الثالث والخمسون في تشبيهه واستعاراته .
. التشبيه نوع من أشرف أنواع البلاغة وأعلاها
قال في الكامل : لو قال قائل هو أكثر كلام العرب لم يبعد . المبرد
وقد أفرد تشبيهات القرآن بالتصنيف أبو القاسم بن البندار البغدادي في كتاب سماه " الجمان " وعرفه جماعة منهم السكاكي بأنه الدلالة على مشاركة أوامر لأمر في معنى .
وقال ابن أبي الإصبع : هو إخراج الأغمض إلى الأظهر .
وقال غيره : هو إلحاق شيء بذي وصف في وصفه .
وقال بعضهم : هو أن تثبت للمشبه حكما من أحكام المشبه به والغرض منه تأنيس النفس بإخراجها من خفي إلى جلي وإدنائه البعيد من القريب ليفيد بيانا .
وقيل : الكشف عن المعنى المقصود مع الاختصار .
وأدواته حروف وأسماء وأفعال فالحروف : الكاف ، نحو : كرماد [ إبراهيم : 18 ] ، وكأن ، نحو : كأنه رءوس الشياطين [ الصافات : 65 ] .
[ ص: 46 ] والأسماء مثل وشبه ونحوهما مما يشتق من المماثلة والمشابهة .
قال الطيبي : ولا تستعمل مثل إلا في حال أو صفة لها شأن وفيها غرابة ، نحو : مثل ما ينفقون في هذه الحياة الدنيا كمثل ريح فيها صر [ آل عمران : 177 ] .
والأفعال ، نحو : يحسبه الظمآن ماء [ النور : 39 ] ، يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى [ طه : 66 ] .
قال في التلخيص اتباعا للسكاكي : وربما يذكر فعل ينبئ عن التشبيه ، فيؤتى في التشبيه القريب بنحو : ( علمت زيدا أسدا ) الدال على التحقيق . وفي البعيد بنحو : ( حسبت زيدا أسدا ) الدال على الظن وعدم التحقيق .
وخالف جماعة منهم الطيبي فقالوا : في كون هذه الأفعال تنبئ عن التشبيه نوع خفاء والأظهر أن الفعل ينبئ عن حال التشبيه في القرب والبعد ، وأن الأداة محذوفة مقدرة لعدم استقامة المعنى بدونه .