قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=15nindex.php?page=treesubj&link=28908قل أؤنبئكم بخير من ذلكم للذين اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وأزواج مطهرة ورضوان من الله والله بصير بالعباد ( 15 ) ) .
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=15قل أؤنبئكم ) : يقرأ بتحقيق الهمزتين على الأصل ، وتقلب الثانية واوا خاصة ; لانضمامها وتليينها ، وهو جعلها بين الواو والهمزة ، وسوغ ذلك انفتاح ما قبلها .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=15بخير من ذلكم ) : " من " في موضع نصب بخير ; تقديره : بما يفضل ذلك ، ولا
[ ص: 200 ] يجوز أن يكون صفة لخير ; لأن ذلك يوجب أن تكون الجنة وما فيها مما رغبوا فيه بعضا لما زهدوا فيه من الأموال ونحوها . (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=15للذين اتقوا ) : خبر المبتدأ الذي هو "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=15جنات " . و (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=15تجري ) : صفة لها .
و (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=15عند ربهم ) : يحتمل وجهين : أحدهما : أن يكون ظرفا للاستقرار .
والثاني : أن يكون صفة للجنات في الأصل قدم فانتصب على الحال ، ويجوز أن يكون العامل تجري . و (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=15من تحتها ) : متعلق بتجري . ويجوز أن يكون حالا من الأنهار ; أي تجري الأنهار كائنة تحتها ويقرأ جنات بكسر التاء وفيه وجهان : أحدهما : هو مجرور بدلا من خير ، فيكون للذين اتقوا على هذا صفة لخير .
والثاني : أن يكون منصوبا على إضمار أعني أو بدلا من موضع بخير .
ويجوز أن يكون الرفع على خبر مبتدأ محذوف ; أي هو جنات ; ومثله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=72بشر من ذلكم النار ) [ الحج : 27 ] ويذكر في موضعه إن شاء الله تعالى .
و (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=15خالدين فيها ) : حال إن شئت من الهاء في تحتها ، وإن شئت من الضمير في اتقوا ، والعامل الاستقرار ، وهي حال مقدرة .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=15وأزواج ) : معطوف على جنات بالرفع . فأما على القراءة الأخرى فيكون مبتدأ وخبره محذوف ، تقديره " ولهم أزواج " . (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=15ورضوان ) : يقرأ بكسر الراء وضمها ، وهما لغتان ، وهو مصدر ، ونظير الكسر الإتيان والحرمان ، ونظير الضم الشكران والكفران .
قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=16nindex.php?page=treesubj&link=28908الذين يقولون ربنا إننا آمنا فاغفر لنا ذنوبنا وقنا عذاب النار ( 16 ) ) .
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=16الذين يقولون ) : يجوز أن يكون في موضع جر صفة للذين اتقوا ، أو بدلا منه .
ويضعف أن يكون صفة للعباد ; لأن فيه تخصيصا لعلم الله ، وهو جائز على ضعفه ، ويكون الوجه فيه إعلامهم بأنه عالم بمقدار مشقتهم في العبادة ، فهو يجازيهم عليها ، كما قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=25والله أعلم بإيمانكم ) [ النساء : 25 ] ، ويجوز أن يكون في موضع نصب على تقدير أعني ، وأن يكون في موضع رفع على إضمار " هم " .
[ ص: 201 ] قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=17nindex.php?page=treesubj&link=28908الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين والمستغفرين بالأسحار ( 17 ) ) .
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=17الصابرين ) : وما بعده يجوز أن يكون مجرورا ، وأن يكون منصوبا صفة للذين إذا جعلته في موضع جر أو نصب ، وإن جعلت الذين رفعا نصبت الصابرين بأعني .
فإن قيل : لم دخلت الواو في هذه وكلها لقبيل واحد ؟ .
ففيه جوابان : أحدهما : أن الصفات إذا تكررت جاز أن يعطف بعضها على بعض بالواو ، وإن كان الموصوف بها واحدا ، ودخول الواو في مثل هذا الضرب تفخيم ; لأنه يؤذن بأن كل صفة مستقلة بالمدح . والجواب الثاني : أن هذه الصفات متفرقة فيهم ، فبعضهم صابر ، وبعضهم صادق ، فالموصوف بها متعدد .
قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=15nindex.php?page=treesubj&link=28908قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ ( 15 ) ) .
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=15قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ ) : يُقْرَأُ بِتَحْقِيقِ الْهَمْزَتَيْنِ عَلَى الْأَصْلِ ، وَتُقْلَبُ الثَّانِيَةُ وَاوًا خَاصَّةً ; لِانْضِمَامِهَا وَتَلْيِينِهَا ، وَهُوَ جَعْلُهَا بَيْنَ الْوَاوِ وَالْهَمْزَةِ ، وَسَوَّغَ ذَلِكَ انْفِتَاحُ مَا قَبْلَهَا .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=15بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ ) : " مِنْ " فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ بِخَيْرٍ ; تَقْدِيرُهُ : بِمَا يَفْضُلُ ذَلِكَ ، وَلَا
[ ص: 200 ] يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ صِفَةً لِخَيْرٍ ; لِأَنَّ ذَلِكَ يُوجِبُ أَنْ تَكُونَ الْجَنَّةُ وَمَا فِيهَا مِمَّا رَغِبُوا فِيهِ بَعْضًا لِمَا زَهِدُوا فِيهِ مِنَ الْأَمْوَالِ وَنَحْوِهَا . (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=15لِلَّذِينَ اتَّقَوْا ) : خَبَرُ الْمُبْتَدَأِ الَّذِي هُوَ "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=15جَنَّاتٌ " . وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=15تَجْرِي ) : صِفَةٌ لَهَا .
وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=15عِنْدَ رَبِّهِمْ ) : يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ : أَحَدُهُمَا : أَنْ يَكُونَ ظَرْفًا لِلِاسْتِقْرَارِ .
وَالثَّانِي : أَنْ يَكُونَ صِفَةً لِلْجَنَّاتِ فِي الْأَصْلِ قُدِّمَ فَانْتَصَبَ عَلَى الْحَالِ ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْعَامِلُ تَجْرِي . وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=15مِنْ تَحْتِهَا ) : مُتَعَلِّقٌ بِتَجْرِي . وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَالًا مِنَ الْأَنْهَارِ ; أَيْ تَجْرِي الْأَنْهَارُ كَائِنَةً تَحْتَهَا وَيُقْرَأُ جَنَّاتٌ بِكَسْرِ التَّاءِ وَفِيهِ وَجْهَانِ : أَحَدُهُمَا : هُوَ مَجْرُورٌ بَدَلًا مِنْ خَيْرٍ ، فَيَكُونُ لِلَّذِينِ اتَّقَوْا عَلَى هَذَا صِفَةٌ لِخَيْرٍ .
وَالثَّانِي : أَنْ يَكُونَ مَنْصُوبًا عَلَى إِضْمَارِ أَعْنِي أَوْ بَدَلًا مِنْ مَوْضِعِ بِخَيْرٍ .
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الرَّفْعُ عَلَى خَبَرِ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ ; أَيْ هُوَ جَنَّاتٌ ; وَمِثْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=72بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكُمُ النَّارُ ) [ الْحَجِّ : 27 ] وَيُذْكَرُ فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .
وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=15خَالِدِينَ فِيهَا ) : حَالٌ إِنْ شِئْتَ مِنَ الْهَاءِ فِي تَحْتِهَا ، وَإِنْ شِئْتَ مِنَ الضَّمِيرِ فِي اتَّقَوْا ، وَالْعَامِلُ الِاسْتِقْرَارُ ، وَهِيَ حَالٌ مُقَدَّرَةٌ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=15وَأَزْوَاجٌ ) : مَعْطُوفٌ عَلَى جَنَّاتٍ بِالرَّفْعِ . فَأَمَّا عَلَى الْقِرَاءَةِ الْأُخْرَى فَيَكُونُ مُبْتَدَأً وَخَبَرُهُ مَحْذُوفٌ ، تَقْدِيرُهُ " وَلَهُمْ أَزْوَاجٌ " . (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=15وَرِضْوَانٌ ) : يُقْرَأُ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَضَمِّهَا ، وَهُمَا لُغَتَانِ ، وَهُوَ مَصْدَرٌ ، وَنَظِيرُ الْكَسْرِ الْإِتْيَانُ وَالْحِرْمَانُ ، وَنَظِيرُ الضَّمِّ الشُّكْرَانُ وَالْكُفْرَانُ .
قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=16nindex.php?page=treesubj&link=28908الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ( 16 ) ) .
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=16الَّذِينَ يَقُولُونَ ) : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعِ جَرٍّ صِفَةٌ لِلَّذِينِ اتَّقَوْا ، أَوْ بَدَلًا مِنْهُ .
وَيَضْعُفُ أَنْ يَكُونَ صِفَةً لِلْعِبَادِ ; لِأَنَّ فِيهِ تَخْصِيصًا لِعِلْمِ اللَّهِ ، وَهُوَ جَائِزٌ عَلَى ضَعْفِهِ ، وَيَكُونُ الْوَجْهُ فِيهِ إِعْلَامُهُمْ بِأَنَّهُ عَالِمٌ بِمِقْدَارِ مَشَقَّتِهِمْ فِي الْعِبَادَةِ ، فَهُوَ يُجَازِيهِمْ عَلَيْهَا ، كَمَا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=25وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ ) [ النِّسَاءِ : 25 ] ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى تَقْدِيرِ أَعْنِي ، وَأَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ عَلَى إِضْمَارِ " هُمْ " .
[ ص: 201 ] قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=17nindex.php?page=treesubj&link=28908الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ ( 17 ) ) .
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=17الصَّابِرِينَ ) : وَمَا بَعْدَهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَجْرُورًا ، وَأَنْ يَكُونَ مَنْصُوبًا صِفَةً لِلَّذِينِ إِذَا جَعَلْتَهُ فِي مَوْضِعِ جَرٍّ أَوْ نَصْبٍ ، وَإِنْ جَعَلْتَ الَّذِينَ رَفْعًا نَصَبْتَ الصَّابِرِينَ بِأَعْنِي .
فَإِنْ قِيلَ : لِمَ دَخَلَتِ الْوَاوُ فِي هَذِهِ وَكُلُّهَا لِقَبِيلٍ وَاحِدٍ ؟ .
فَفِيهِ جَوَابَانِ : أَحَدُهُمَا : أَنَّ الصِّفَاتِ إِذَا تَكَرَّرَتْ جَازَ أَنْ يُعْطَفَ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ بِالْوَاوِ ، وَإِنْ كَانَ الْمَوْصُوفُ بِهَا وَاحِدًا ، وَدُخُولُ الْوَاوِ فِي مِثْلِ هَذَا الضَّرْبِ تَفْخِيمٌ ; لِأَنَّهُ يُؤْذِنُ بِأَنَّ كُلَّ صِفَةٍ مُسْتَقِلَّةٍ بِالْمَدْحِ . وَالْجَوَابُ الثَّانِي : أَنَّ هَذِهِ الصِّفَاتِ مُتَفَرِّقَةٌ فِيهِمْ ، فَبَعْضُهُمْ صَابِرٌ ، وَبَعْضُهُمْ صَادِقٌ ، فَالْمَوْصُوفُ بِهَا مُتَعَدِّدٌ .