[ ص: 474 ] سورة المدثر .
بسم الله الرحمن الرحيم .
قال تعالى : ( يا أيها المدثر ( 1 ) ) ( المدثر ) : كالمزمل . وقد ذكر .
قال تعالى : ( ولا تمنن تستكثر ( 6 ) ) .
قوله تعالى : ( تستكثر ) : بالرفع على أنه حال . وبالجزم على أنه جواب ، أو بدل . وبالنصب على تقدير لتستكثر . والتقدير : في جعله جوابا : إنك إن لا تمنن بعملك أو بعطيتك تزدد من الثواب ، لسلامة ذلك عن الإبطال بالمن على ما قال تعالى : ( لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى ) [ سورة البقرة : 264 ] .
قال تعالى : ( فإذا نقر في الناقور ( 8 ) فذلك يومئذ يوم عسير ( 9 ) على الكافرين غير يسير ( 10 ) ) .
قوله تعالى : ( فإذا نقر ) : " إذا " : ظرف ، وفي العامل فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : هو ما دل عليه " فذلك " لأنه إشارة إلى النقر ، و " يومئذ " : بدل من " إذا " و " ذلك " مبتدأ ، والخبر " يوم عسير " أي نقر يوم . والثاني : العامل فيه ما دل عليه " عسير " أي تعسير ، ولا يعمل فيه نفس عسير ؛ لأن الصفة لا تعمل فيما قبلها . والثالث : يخرج على قول الأخفش ، وهو أن يكون " إذا " مبتدأ ، والخبر فذلك ، والفاء زائدة . فأما " يومئذ " فظرف ذلك .
وقيل : هو في موضع رفع بدل من " ذلك " . أو مبتدأ و " يوم عسير " : خبره ، والجملة خبر " ذلك " و ( على ) : يتعلق بعسير ، أو هي نعت له ، أو حال من الضمير الذي فيه ، أو متعلق بـ " يسير " أو لما دل عليه .
قال تعالى : ( ذرني ومن خلقت وحيدا ( 11 ) ) .
قوله تعالى : ( ومن خلقت ) : هو مفعول معه ، أو معطوف .
و ( وحيدا ) : حال من التاء في " خلقت " أو من الهاء المحذوفة ، أو من " من " أو من الياء في ذرني .
قال تعالى : ( لا تبقي ولا تذر ( 28 ) لواحة للبشر ( 29 ) ) .
[ ص: 475 ] قوله تعالى : ( لا تبقي ) : يجوز أن يكون حالا من " سقر " والعامل فيها معنى التعظيم ، وأن يكون مستأنفا ؛ أي هي لا تبقي .
و ( لواحة ) بالرفع ؛ أي هي لواحة . وبالنصب مثل " لا تبقي " أو حال من الضمير في أي الفعلين شئت .
قال تعالى : ( وما جعلنا عدتهم إلا فتنة للذين كفروا ليستيقن الذين أوتوا الكتاب ويزداد الذين آمنوا إيمانا ولا يرتاب الذين أوتوا الكتاب والمؤمنون وليقول الذين في قلوبهم مرض والكافرون ماذا أراد الله بهذا مثلا كذلك يضل الله من يشاء ويهدي من يشاء وما يعلم جنود ربك إلا هو وما هي إلا ذكرى للبشر وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة ( 31 ) كلا والقمر ( 32 ) والليل إذ أدبر ( 33 ) ) .
قوله تعالى : ( جنود ربك ) : هو مفعول يلزم تقديمه ليعود الضمير إلى مذكور .
و ( أدبر ) ودبر ، لغتان . ويقرأ إذ ، وإذا .
قال تعالى : ( نذيرا للبشر ( 36 ) ) قوله تعالى : ( نذيرا ) : في نصبه أوجه :
أحدها : هو حال من الفاعل في قم ، في أول السورة . والثاني : من الضمير في " فأنذر " - حال مؤكدة . والثالث : هو حال من الضمير في " إحدى " . والرابع : هو حال من نفس " إحدى " . والخامس : حال من الكبر ، أو من الضمير فيها . والسادس : حال من اسم إن . والسابع : أن نذيرا في معنى إنذار ؛ أي فأنذر إنذارا ؛ أو إنها لإحدى الكبر لإنذار البشر . وفي هذه الأقوال ما لا نرتضيه ولكن حكيناها . والمختار أن يكون حالا مما دلت عليه الجملة ، تقديره : عظمت عليه نذيرا .
قال تعالى : ( لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر ( 37 ) ) .
قوله تعالى : ( لمن شاء ) : هو بدل بإعادة الجار .
قال تعالى : ( إلا أصحاب اليمين ( 39 ) في جنات يتساءلون ( 40 ) ) .
قوله تعالى : ( في جنات ) : يجوز أن يكون حالا من أصحاب اليمين ، وأن يكون حالا من الضمير في " يتساءلون " .
قال تعالى : ( ما سلككم في سقر ( 42 ) قالوا لم نك من المصلين ( 43 ) ) .
[ ص: 476 ] قوله تعالى : ( لم نك من المصلين ) : هذه الجملة سدت مسد الفاعل ، وهو جواب ما سلككم .
قال تعالى : ( فما لهم عن التذكرة معرضين ( 49 ) كأنهم حمر مستنفرة ( 50 ) فرت من قسورة ( 51 ) ) .
و ( معرضين ) : حال من الضمير في الجار . و ( كأنهم ) : حال هي بدل من " معرضين " أو من الضمير فيه .
و ( مستنفرة ) بالكسر : نافرة ، وبالفتح : منفرة . ( فرت ) : حال ، و " قد " معها مقدرة ، أو خبر آخر .
قال تعالى : ( بل يريد كل امرئ منهم أن يؤتى صحفا منشرة ( 52 ) ) .
و ( منشرة ) بالتشديد على التكثير ، وبالتخفيف وسكون النون من أنشرت ، إما بمعنى أمر بنشرها ومكن منه ؛ مثل ألحمتك عرض فلان ؛ أو بمعنى منشورة ، مثل أحمدت الرجل ؛ أو بمعنى أنشر الله الميت ؛ أي أحياه فكأنه أحيا ما فيها بذكره .
قال تعالى : ( كلا إنه تذكرة ( 54 ) ) .
والهاء في " إنه " للقرآن ، أو للوعيد .
قال تعالى : ( وما يذكرون إلا أن يشاء . . . ( 56 ) ) .
قوله تعالى : ( إلا أن يشاء الله ) أي إلا وقت مشيئة الله عز وجل