سورة القمر .
بسم الله الرحمن الرحيم .
قال تعالى : ( وكذبوا واتبعوا أهواءهم وكل أمر مستقر ( 3 ) ) .
قوله تعالى : ( وكل أمر ) : هو مبتدأ ، و ( مستقر ) : خبره . ويقرأ بالجر صفة لأمر ؛ وفي " كل " وجهان ؛ أحدهما : هو مبتدأ ، والخبر محذوف ؛ أي معمول به ، أو أتى . والثاني : هو معطوف على " الساعة " .
قال تعالى : ( حكمة بالغة فما تغن النذر ( 5 ) ) .
[ ص: 429 ] قوله تعالى : ( حكمة ) : هو بدل من " ما " وهو فاعل ( جاءهم ) .
ويجوز أن يكون خبر مبتدأ محذوف .
( فما تغني ) : يجوز أن تكون نافية ، وأن تكون استفهاما في موضع نصب بتغني . و ( النذر ) : جمع نذير .
قال تعالى : ( فتول عنهم يوم يدعو الداع إلى شيء نكر ( 6 ) ) .
قوله تعالى : ( نكر ) : بضم النون والكاف ، وبإسكان الكاف ؛ وهو صفة بمعنى منكر .
ويقرأ بضم النون وكسر الكاف وفتح الراء على أنه فعل لم يسم فاعله .
قال تعالى : ( خشعا أبصارهم يخرجون من الأجداث كأنهم جراد منتشر ( 7 ) مهطعين إلى الداع يقول الكافرون هذا يوم عسر ( 8 ) ) .
قوله تعالى : ( خشعا ) : هو حال ، وفي العامل وجهان :
أحدهما : يدعو ؛ أي يدعوهم الداعي ، وصاحب الحال الضمير المحذوف . و " أبصارهم " مرفوع بخشعا ، وجاز أن يعمل الجمع لأنه مكسر . والثاني : العامل " يخرجون " .
وقرئ : خاشعا ؛ والتقدير : فريقا خاشعا ؛ ولم يؤنث ؛ لأن تأنيث الفاعل تأنيث الجمع ، وليس بحقيقي ؛ ويجوز أن ينتصب خاشعا بيدعو على أنه مفعوله .
و " يخرجون " على هذا حال من أصحاب الأبصار .
و ( كأنهم ) : حال من الضمير في " يخرجون " .
و ( مهطعين ) : حال من الضمير في " منتشر " عند قوم ؛ وهو بعيد ؛ لأن الضمير في " منتشر " للجراد ، وإنما هو حال من " يخرجون " أو من الضمير المحذوف .
و ( يقول ) : حال من الضمير في " مهطعين " .
قال تعالى : ( كذبت قبلهم قوم نوح فكذبوا عبدنا وقالوا مجنون وازدجر ( 9 ) ) .
قوله تعالى : ( وازدجر ) : الدال بدل من التاء ، لأن التاء مهموسة والزاي مجهورة ، فأبدلت حرفا مجهورا يشاركها في المخرج وهو الدال .
[ ص: 430 ] قال تعالى : ( فدعا ربه أني مغلوب فانتصر ( 10 ) ) .
قوله تعالى : ( أني ) : يقرأ بالفتح ؛ أي بأني ، وبالكسر ؛ لأن " دعا " بمعنى قال .
قال تعالى : ( وفجرنا الأرض عيونا فالتقى الماء على أمر قد قدر ( 12 ) وحملناه على ذات ألواح ودسر ( 13 ) تجري بأعيننا جزاء لمن كان كفر ( 14 ) ) .
قوله تعالى : ( فالتقى الماء ) : أراد الماءان ، فاكتفى بالواحد ، لأنه جنس .
و ( على أمر ) : حال ، أو ظرف .
والهاء في " حملناه " لنوح عليه السلام .
و ( تجري ) : صفة في موضع جر . و ( بأعيننا ) : حال من الضمير في " تجري " أي محفوظة .
و ( جزاء ) : مفعول له ، أو بتقدير جازيناهم . و ( كفر ) أي به ، وهو نوح عليه السلام . ويقرأ " كفر " على تسمية الفاعل ؛ أي الكافر .
قال تعالى : ( ولقد تركناها آية فهل من مدكر ( 15 ) فكيف كان عذابي ونذر ( 16 ) ) .
و ( مدكر ) بالدال ، وأصله الذال والتاء ، وقد ذكر في يوسف . ويقرأ بالذال مشددة ، وقد ذكر أيضا .
( ونذر ) : بمعنى إنذار ، وقيل : التقدير : ونذري .
قال تعالى : ( إنا أرسلنا عليهم ريحا صرصرا في يوم نحس مستمر ( 19 ) تنزع الناس كأنهم أعجاز نخل منقعر ( 20 ) ) .
و ( مستمر ) نعت لنحس . وقيل : ليوم .
و ( كأنهم ) : حال . و " منقعر " : نعت لنخل ، ويذكر ويؤنث .
قال تعالى : ( فقالوا أبشرا منا واحدا نتبعه إنا إذا لفي ضلال وسعر ( 24 ) ) .
قوله تعالى : ( أبشرا ) : هو منصوب بفعل يفسره المذكور ؛ أي أنتبع بشرا ، و " منا " : نعت . ويقرأ " أبشر " بالرفع على الابتداء ، و " منا " نعت له . و ( واحدا ) : حال من الهاء في " نتبعه " .
[ ص: 431 ] قال تعالى : ( أؤلقي الذكر عليه من بيننا بل هو كذاب أشر ( 25 ) ) .
قوله تعالى : ( من بيننا ) : حال من الهاء ؛ أي عليه منفردا . و ( أشر ) بكسر الشين وضمها لغتان ؛ مثل فرح وفرح .
ويقرأ بتشديد الراء ، وهو أفعل من الشر ، وهو شاذ .
قال تعالى : ( إنا مرسلو الناقة فتنة لهم فارتقبهم واصطبر ( 27 ) ونبئهم أن الماء قسمة بينهم كل شرب محتضر ( 28 ) ) .
( فتنة ) : مفعول له ، أو حال و ( قسمة ) : بمعنى مقسوم .
قال تعالى : ( إنا أرسلنا عليهم صيحة واحدة فكانوا كهشيم المحتظر ( 31 ) ) .
قوله تعالى : ( كهشيم المحتظر ) : يقرأ بكسر الظاء ؛ أي كهشيم الرجل الذي يجعل الشجر حظيرة . ويقرأ بفتحها ؛ أي كهشيم الشجر المتخذ حظيرة . وقيل : هو بمعنى الاحتظار .
قال تعالى : ( إنا أرسلنا عليهم حاصبا إلا آل لوط نجيناهم بسحر ( 34 ) نعمة من عندنا كذلك نجزي من شكر ( 35 ) ) .
قوله تعالى : ( إلا آل لوط ) : هو استثناء منقطع . وقيل : متصل ؛ لأن الجميع أرسل عليهم الحاصب فهلكوا إلا آل لوط . وعلى الوجه الأول يكون الحاصب لم يرسل على آل لوط . و ( سحر ) : مصروف ، لأنه نكرة . و ( نعمة ) : مفعول له ، أو مصدر .
قال تعالى : ( إنا كل شيء خلقناه بقدر ( 49 ) ) .
قوله تعالى : ( إنا كل شيء ) : الجمهور على النصب ، والعامل فيه فعل محذوف يفسره المذكور . و ( بقدر ) : حال من الهاء ، أو من كل ؛ أي مقدرا .
ويقرأ بالرفع على الابتداء ، و " خلقناه " نعت لكل ، أو لشيء ، و " بقدر " خبره ؛ وإنما كان النصب أقوى لدلالته على عموم الخلق ، والرفع لا يدل على عمومه ، بل يفيد أن كل شيء مخلوق فهو بقدر .
قال تعالى : ( وكل شيء فعلوه في الزبر ( 52 ) ) .
قوله تعالى : ( فعلوه ) : هو نعت لشيء أو كل ، و " في الزبر " : خبر المبتدأ .
[ ص: 432 ] قال تعالى : ( إن المتقين في جنات ونهر ( 54 ) في مقعد صدق عند مليك مقتدر ( 55 ) ) .
قوله تعالى : ( ونهر ) : يقرأ بفتح النون ، وهو واحد في معنى الجمع .
ويقرأ بضم النون والهاء على الجمع مثل سقف وسقف ، ومنهم من يسكن الهاء ، فيكون مثل أسد وأسد . و ( في مقعد صدق ) : هو بدل من قوله : " في جنات " . والله أعلم .