باب الوطء الذي يوجب الحد والذي لا يوجبه قال : ( هو الزنا ) وأنه في عرف الشرع واللسان : وطء الرجل المرأة في القبل في غير الملك وشبهة الملك ، لأنه فعل محظور ، والحرمة على الإطلاق عند التعري عن الملك وشبهته ، يؤيد ذلك قوله عليه الصلاة والسلام " { الوطء الموجب للحد }. ادرءوا الحدود بالشبهات
ثم الشبهة نوعان : شبهة في الفعل وتسمى شبهة اشتباه ، وشبهة في المحل [ ص: 130 ] وتسمى شبهة حكمية .
فالأولى : تتحقق في حق من اشتبه عليه ; لأن معناه أن يظن غير الدليل دليلا ، ولا بد من الظن ليتحقق الاشتباه .
والثانية :
تتحقق بقيام الدليل النافي للحرمة في ذاته ، ولا تتوقف على ظن الجاني واعتقاده ، والحد يسقط بالنوعين لإطلاق الحديث ، والنسب يثبت في الثانية إذا ادعى الولد ، ولا يثبت في الأولى وإن ادعاه ، لأن الفعل تمحض زنا في الأولى ، وإنما يسقط الحد لأمر راجع إليه ، وهو اشتباه الأمر عليه ، ولم يتمحض في الثانية .
فشبهة الفعل في ثمانية مواضع : جارية أبيه وأمه وزوجته والمطلقة ثلاثا وهي في العدة وبائنا بالطلاق على مال وهي في العدة ، وأم ولد أعتقها مولاها وهي في العدة وجارية المولى في حق العبد والجارية المرهونة في حق المرتهن في رواية كتاب الحدود ، ففي هذه المواضع لا حد عليه إذ قال ظننت أنها تحل لي ، ولو قال : علمت أنها علي حرام وجب الحد ، والشبهة في المحل في ستة مواضع : جارية ابنه ، والمطلقة طلاقا بائنا بالكنايات ، والجارية المبيعة في حق البائع قبل التسليم ، والممهورة في حق الزوج قبل القبض .
والمشتركة بينه وبين غيره ، والمرهونة في حق المرتهن في رواية كتاب الرهن ففي هذه المواضع لا يجب الحد وإن قال علمت أنها علي حرام .
ثم الشبهة عند رحمه الله تثبت بالعقد ، وإن كان متفقا على تحريمه وهو عالم به ، وعند الباقين لا تثبت إذا علم بتحريمه ، ويظهر ذلك في نكاح المحارم على ما يأتيك إن شاء الله تعالى إذا عرفنا هذا . أبي حنيفة