الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                                        نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

                                                                                                        الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        [ ص: 537 ] قال : ( ولا يصح السلم عند أبي حنيفة رحمه الله إلا بسبع شرائط : جنس معلوم ) كقولنا حنطة أو شعير ( ونوع معلوم ) كقولنا سقية أو بخسية ( وصفة معلومة ) كقولنا جيد أو رديء ( ومقدار معلوم ) كقولنا كذا كيلا بمكيال معروف وكذا وزنا ( وأجل معلوم ) والأصل فيه ما روينا والفقه فيه ما بينا ( ومعرفة مقدار رأس المال إذا كان يتعلق العقد على مقداره ) كالمكيل والموزون والمعدود ( وتسمية المكان الذي يوفيه فيه إذا كان له حمل ومؤنة ) وقالا : لا يحتاج إلى تسمية رأس المال إذا كان معينا ولا إلى مكان التسليم ويسلمه في موضع العقد فهاتان مسألتان . ولهما في الأول أن المقصود يحصل بالإشارة فأشبه الثمن والأجرة وصار كثوب . وله أنه ربما يوجد بعضها زيوفا ولا يستبدل في المجلس ، فلو لم يعلم قدره لا يدري في كم بقي أو ربما لا يقدر على تحصيل المسلم فيه فيحتاج إلى رد رأس المال ، والموهوم في هذا العقد كالمتحقق لشرعه مع المنافي ، بخلاف ما إذا كان رأس المال ثوبا لأن الذرع وصف فيه لا يتعلق العقد على مقداره . ومن فروعه إذا أسلم في جنسين ولم يبين رأس مال كل واحد منهما أو أسلم جنسين ولم يبين مقدار أحدهما . ولهما في الثانية أن مكان العقد يتعين لوجود العقد الموجب للتسليم فيه ولأنه لا يزاحمه مكان آخر فيه ، فيصير نظير أول أوقات الإمكان في الأوامر وصار كالقرض والغصب . ولأبي حنيفة رحمه الله أن التسليم غير واجب في الحال فلا يتعين بخلاف القرض والغصب ، وإذا لم يتعين فالجهالة فيه تفضي إلى المنازعة لأن قيم الأشياء تختلف باختلاف المكان فلا بد من البيان وصار كجهالة الصفة ، وعن هذا قال من قال من المشايخ إن الاختلاف فيه عنده يوجب التخالف كما في الصفة ، وقيل على عكسه لأن تعين المكان قضية العقد عندهما وعلى هذا الخلاف والثمن والأجرة والقسمة . [ ص: 538 ] وصورتها : إذا اقتسما دارا وجعلا مع نصيب أحدهما شيئا له حمل ومؤنة ، وقيل لا يشترط ذلك في الثمن . والصحيح أنه يشترط إذا كان مؤجلا وهو اختيار شمس الأئمة السرخسي . وعندهما يتعين مكان الدار ومكان تسليم الدابة للإيفاء .

                                                                                                        قال : ( وما لم يكن له حمل ومؤنة لا يحتاج فيه إلى بيان مكان الإيفاء بالإجماع ) لأنه لا تختلف قيمته ( ويوفيه في المكان الذي أسلم فيه ) قال رضي الله عنه : وهذه رواية الجامع الصغير والبيوع ، وذكر في الإجارات أنه يوفيه في أي مكان شاء وهو الأصح لأن الأماكن كلها سواء ولا وجوب في الحال ولو عينا مكانا ، قيل لا يتعين لأنه لا يفيد ، وقيل يتعين لأنه يفيد سقوط خطر الطريق ، ولو عين المصر فيما له حمل ومؤنة يكتفى به لأنه مع تباين أطرافه كبقعة واحدة فيما ذكرنا .

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        الخدمات العلمية