في الكتاب : يمسح الرجل ، والمرأة على الرأس كله ، ودلاليهما ، ولا يحل المعقوص خلافا ش في اقتصاره على أقل ما يسمى مسحا ، ولأبي ح في اقتصاره على الناصية .
وحده من منبت الشعر المعتاد إلى القفا ، وقال : إلى منتهى منبت الشعر محتجا بما في ابن شعبان أبي داود أنه عليه السلام مسح رأسه حتى أخرج يديه من تحت أذنيه . وهو ضعيف لا حجة فيه ، والأحاديث الثابتة أنه عليه السلام بلغ إلى القفا .
ومن الأذنين إلى الأذنين ، وجوز ترك الثلث ، والقاضي ابن مسلمة أبو الفرج ترك الثلثين ، وأوجب أشهب الناصية ، وعنه أيضا بعض غير محدود .
حجة المشهور الكتاب والسنة والقياس :
أما الكتاب ، فقوله تعالى : ( وامسحوا برءوسكم ) وجه التمسك به من وجوه : أحدها أن هذه الصيغة تؤكد بما يقتضي العموم ، فوجب القول بالعموم لقولهم امسح برأسك كله ، والتأكيد تقوية لما كان ثابتا في الأصل .
وثانيها : أنها صيغة يدخلها الاستثناء فيقال : امسح برأسك إلا نصفه ، أو إلا ثلثه ، والاستثناء عبارة عما لولاه لاندرج المستثنى تحت الحكم ، وما من جزء إلا يصح استثناؤه من هذه الصيغة ، فوجب اندراج جملة الأجزاء تحت وجوب المسح ، وهو المطلوب .
وثالثها : أن الله تعالى أفرده بذكره ، ولو كان المراد أقل جزء من الرأس لاكتفى بذكر الوجه لأنه لا بد معه من ملامسة جزء من الرأس .
وأما السنة : فما ، ولو كان الاقتصار على مسح بعض الرأس جائزا لما جمع بينهما لحصول المقصود بالناصية . روي عنه عليه السلام أنه مسح بناصيته ، وعمامته
[ ص: 260 ] وأما القياس فنقول : عضو شرع المسح فيه بالماء ، فوجب أن يعمه حكمه قياسا على الوجه في التيمم ، أو نقول : لو لم يجب الكل لوجب البعض ، ولو وجب البعض لوجب البعض الآخر قياسا عليه ، وهذا قياس يتعذر معه الفارق لعدم تعين المقيس عليه .
وأما قول الشافعية : إن الفعل في الآية متعد فيستغنى عن الباء ، فتكون للتبعيض صونا لكلام الله تعالى عن اللغو .
قلنا : الجواب عنه من وجوه : أحدها لا نسلم أنه مستغن عن الباء ، وتقريره أن فعل المسح يتعدى إلى مفعولين أحدهما : بنفسه ، والثاني : بالباء إجماعا كقولنا : مسحت يدي بالمنديل ، فالمنديل المزيل عن اليد ، وإذا قلنا : مسحت المنديل بيدي ، فاليد المزيلة ، والمنديل المزال عنه ، والرطوبة في الوضوء إنما هي في اليد ، فتزال عنها بالرأس فيكون معنى الآية : فامسحوا أيديكم برءوسكم ، فالمفعول الأول هو المحذوف ، وهو المزال عنه ، والرأس المفعول الثاني المزال به ، فالباء على بابها للتعدية .
الثاني : سلمنا أنها ليست للتعدية ، فلم لا يجوز أن تكون للمصاحبة كقوله : تعالى ( تنبت بالدهن ) بضم التاء يدل على أنه عدي بالهمزة ، فتتعين الباء للمصاحبة لأنه لا يجتمع على الفعل معديان ، وكقولنا : جاء زيد بمائة دينار ، والباء في هذا القول للمصاحبة دون التعدية لأنها لو كانت للتعدية لحسن أن تقوم الهمزة مقامها فيقال : أجاء زيد مائة دينار ، وليس كذلك .
الثالث : سلمنا أنها ليست للمصاحبة ، فلم لا يجوز أن تكون زائدة للتأكيد ، فإن كل حرف يزاد في كلام العرب ، فهو للتأكيد قائم مقام إعادة الجملة مرة أخرى ، والتأكيد أرجح مما ذكرتموه من التبعيض ، فإنه مجمع عليه ، والتبعيض منكر عند أئمة العربية حتى إن شنع عليه ، وقال : لا يعرف العرب الباء للتبعيض [ ص: 261 ] فضلا عن كونه مجازا مرجوحا ، وحمل كتاب الله تبارك وتعالى على المجمع عليه أولى من المختلف فيه ، فضلا عن المنكر . ابن جني
وأما قولهم : تعميم الوجه في التيمم إنما ثبت بالسنة ، وكان مقتضى الباء فيه التبعيض ، فنقول على ما ذكرتموه تكون السنة معارضة للكتاب ، وعلى ما ذكرناه لا تكون معارضة بل مبينة مؤكدة ، وعدم التعارض أولى .
وأما وجه القول بالثلثين ، فلأنه عضو مختلف فيه ، والثلث في حيز القلة ، بدليل إباحته للمريض ، والمرأة المتزوجة مع الحجر عليهما .
ووجه الربع : مسحه عليه السلام بالناصية ، والعمامة ، والناصية نحو الربع .
ووجه الاقتصار على أقل ما يسمى مسحا أن الباء للتبعيض ، وليس البعض أولى من البعض فيقتصر على أقل ما يسمى مسحا ، وقد عرفت ما على هذا الوجه .
فروع أحد عشر :
الأول : حكي في تعاليق المذهب أن رجلا جاء لسحنون ، فقال : ، فقال توضأت للصبح وصليت به الصبح ، والظهر ، والعصر ، والمغرب ، ثم أحدثت ، وتوضأت ، فصليت العشاء ، ثم تذكرت أني نسيت مسح رأسي من أحد الوضوءين لا أدري أيهما هو : امسح برأسك ، وأعد الصلوات الخمس ، فذهب ، فأعاد الصلوات الخمس ، ونسي مسح رأسه ، فجاء إليه ، فقال : أعدت الصلوات ، ونسيت مسح رأسي ، فقال له : امسح برأسك ، وأعد العشاء وحدها ، ففرق سحنون بين الجوابين مع أن السائل نسي في الحالتين . سحنون
ووجه الفقه في المسألة : أنه أمره أولا بإعادة الصلوات كلها لتطرق الشك للجميع ، والذمة معمرة بالصلوات حتى يتحقق المبرئ ، فلما أعادها بوضوء العشاء صارت الصلوات الأربع كل واحدة منها قد صليت بوضوءين : الوضوء الأول [ ص: 262 ] والثاني ، وأما العشاء ، فصليت بوضوئها أولا ، وأعيدت بوضوئها أيضا ، فلم يوجد فيها إلا وضوء واحد ، فجاز أن يكون هو الذي نسي منه مسح الرأس ، فلم تتحقق براءة الذمة منها ، فتجب إعادتها ، وأحد الوضوءين في الصلوات الأول صحيح جزما بأنه ما نسي المسح إلا من أحدهما .
وإذا وقعت بوضوءين : صحيح ، وفاسد صحت بالوضوء الصحيح ، فلا تعاد ، ولا فرق في هذه المسألة بين أن تكون الصلوات الأول كل واحدة بوضوء ، أو كلها بوضوء ، وهذا فرع لا يكاد تختلف العلماء فيه .
الثاني : من قال نسي مسح رأسه ، وذكره في الصلاة ، وفي لحيته بلل مالك رحمة الله عليه في الكتاب : لا يجزئه مسحه بذلك البلل ، ويعيد الصلاة بعد مسح رأسه . قال صاحب الطراز : يحتمل قوله الوجوب ، والندب ، وقال عبد الملك : يجزئه إن لم يجد ماء قريبا ، وكان في البلل فضل بين .
قال المازري : المسألة تتخرج على القولين في الماء المستعمل .
وحجة عبد الملك ما روي عنه عليه السلام أنه لم يستأنف لرأسه ماء .
الثالث : في الجلاب : لا يستحب فيه التكرار ، وهي إحدى خمس مسائل لا يستحب فيها التكرار : هذه ، والوجه ، واليدان في التيمم ، والجبائر ، والخفان ; لأن حكمة المسح التخفيف إذ لولا ذلك لشرعه الله عز وجل غسلا ، فلو كرر لخرج بتكراره عن التخفيف ، فتبطل حكمته .
الرابع : في الجواهر : فيه عند يجزئ الغسل عن المسح ; لأن الغسل إنما سقط لطفا بالمكلف ، فإذا عدل إليه أجزأه كالصوم في السفر . ابن شعبان
وقال غيره : لا يصح ; لأن الله تعالى أوجب عليه المسح ، وحقيقته مباينة للغسل ، ولم يأت به ، وكرهه آخرون لتعارض المآخذ .
الخامس : ما . قال انسدل من الشعر من محل الفرض المازري : فيه قولان كالمنسدل من اللحية نظرا إلى مبادئه فيجب ، أو محاذيه ، فلا يجب .
[ ص: 263 ] قال ابن يونس : روى ابن وهب أن عائشة ، زوجتي النبي - صلى الله عليه وسلم - وجويرية وصفية زوج ابن عمر كن إذا توضأن أدخلن أيديهن تحت الوقاية فيمسحن جميع رءوسهن ، وقال مالك : تمسح المرأة على ما استرخى من دلاليها ، وإن كان شعرها معقوصا مسحت على ضفرها .
وكذلك الطويل الشعر من الرجال إذا ضفره ، وقال في العتبية : يمر بيديه على قفاه ، ثم يعيدهما من تحت شعره إلى مقدم رأسه .
قال ابن حبيب : إذا كان في شعرها خيط ، أو شعر لم يجز مسحها حتى تنزعه إذا لم يصل الماء إلى شعرها بشيء للعنه عليه السلام الواصلة ، والمستوصلة .
السادس : قال في الكتاب : إذا ليس عليه إعادة مسحه ، وكذلك قال فيمن قلم أظفاره . قال توضأ ، وحلق رأسه ابن القاسم : وبلغني عن أنه قال : هذا من لحن الفقه . عبد العزيز بن أبي سلمة
قال صاحب الطراز : لا يعرف في هذه المسألة مخالف إلا ; لأن الفرض قد سقط أولا ، فزوال الشعر لا يوجبه كما إذا غسل وجهه ، أو تيمم ، ثم قطع أنفه ، ولأن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يحلقون ابن جرير الطبري بمنى ، ثم ينزلون لطواف الإفاضة ، ولم ينقل عن أحد منهم إعادة مسح رأسه ، ولأنه لا يعاد الغسل للجنابة ، وهي أولى ; لأن منابت الشعر لم تغسل قبل الحلق ، وهي من البشرة المأمور بغسلها ، وأما كلام عبد العزيز ، وهذا من لحن الفقه ، فكلام محتمل .
قال : اللحن الفطنة ، ومنه قوله عليه السلام : ابن دريد ؛ أي : أفطن لها . ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض
وأصل اللحن : أن تريد الشيء ، فتوري عنه ، واستشهد بقول : الفرزدق
[ ص: 264 ]
وحديث ألذه ، وهو مما يشتهي الناعتون يوزن وزنا .
منطق صائب وتلحن أحيا
نا وأحلى الحديث ما كان لحنا
قال ابن يونس : ذكر أهل اللغة أن اللحن بإسكان الحاء الخطأ ، وبفتحها الصواب ، فمن رواها بالإسكان ، فمعناه أن القول ينقض الوضوء خطأ ، وبالتحريك معناه أن القول بعدم النقض صواب ، وقال القاضي عبد الوهاب : معناه أنه عاب قول مالك ، ووافقه القاضي عياض في التنبيهات ، وقال : لا يلتفت إلى قول من يقول إنه أراد تخطئة غيرنا .
وقال عبد الحق في النكت : يحتمل كلامه التصويب ، والتخطئة ، فلأن اللحن من أسماء الأضداد .
والفرق بين الخفين ، ومسح الرأس : أن الشعر أصل ، والخف فرع ، فإذا زال رجع إلى الأصل ، وفرق صاحب الطراز بأن ماسح الرأس مقصوده الرأس لا الشعر ، فإن كان الرأس من التراوس ، فقد صادف الواجب ، وإن كان الرأس العضو ، فهو المقصود بالمسح ، والشعر تبع بخلاف الخف ، فإنه المقصود ، وكذلك القول في الأظفار هي تبع أيضا .
قال : وقد فرع أصحابنا على القول بأن المراد باللحن الخطأ إذا قطعت بضعة منه بعد الوضوء أنه يغسل موضع القطع ، أو يمسح إن تعذر الغسل ، وهو تخريج فاسد ، فإنه لا يعرف لأحد ، فإنا نعلم أن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يجرحون ، ويصلون بجراحهم من غير إعادة ، وفي في غزوة ذات الرقاع أن رجلا رمي بسهم وهو يصلي ، ونزفه الدم ، فركع ، وسجد ، ومضى في صلاته . البخاري
السابع : قال في الكتاب : الأذنان من الرأس ، ، فإن نسي حتى صلى ، فلا إعادة عليه ، ويمسحهما للمستقبل ، وكذلك إن نسي داخلهما . ويستأنف لهما الماء
قال صاحب الطراز : اختلف في معنى قوله هما في الرأس ، قيل : في وجوب المسح ، وقيل : في المسح دون الوجوب ، واعتذر بهذا عن عدم الإعادة ، والقولان للأصحاب .
[ ص: 265 ] وقال ، الشعبي : يغسل باطنهما مع الوجه ، ويمسح ظاهرهما مع الرأس ، وقال والحسن بن صالح : يغسلان مع الوجه . الزهري
حجة الأول : أن ، ابن عباس والمقداد ، والربيع رضي الله عنهم ذكروا وضوءه عليه السلام ، وكلهم مسح أذنيه ظاهرهما ، وباطنهما أخرجه أبو داود ، ، وفيهما عنه عليه السلام قال : ( والترمذي ) إلا أنه يرويه الأذنان من الرأس ، وقد تكلم فيه . شهر بن حوشب
حجة الثاني : قال المازري : إن الأمة مجمعة على أن مسحهما لا يجزئه عن الرأس مع أن أكثر العلماء على أن بعض الرأس يجزئ مسحه .
حجة الثالث : قوله عليه السلام في سجوده : ( ) فأضافهما للوجه ، وهذا الحديث لا حجة فيه ; لأن الوجه يراد به هنا الجملة لأنه اللائق بالنسبة إلى الخضوع إلى الله تعالى ، وهذا المجاز جائز ؛ كما قال تبارك وتعالى : ( سجد وجهي للذي خلقه ، وصوره ، وشق سمعه ، وبصره ويبقى وجه ربك ) أي ذاته وصفاته .
وهو معارض بقوله عليه السلام : ) فأضافهما إلى الرأس كما أضاف العينين إلى الوجه . فإذا غسل وجهه خرجت الخطايا من وجهه حتى تخرج من أشفار عينيه ، فإذا مسح برأسه خرجت الخطايا من رأسه حتى تخرج من أذنيه
وأما تجديد الماء ، فقد احتج به بعض الأصحاب على أن مسحهما سنة ، وإلا لمسحا مع الرأس بمائه كالصدغ ، وغيره من أجزاء الرأس ، وهذا قول : إنهما سنة ، ويجدد الماء لهما . الشافعي
وقال أبو حنيفة رحمة الله عليه : لا يجدد ، محتجا بأن كل من وصف وضوء رسول الله لم ينقل التجديد بل الذي في الصحيحين لم يذكر الأذن أصلا لاعتقاد أنهما من الرأس .
[ ص: 266 ] حجتنا أنهما مباينان للرأس حقيقة ، وحكما ؛ أما الحقيقة فبالمشاهدة ، فإنهما غضاريف منفردة عن الرأس بحاجز خال من الشعر ، وأما حكمهما ، فلا خلاف أن مسحهما بعد مسح الرأس ، والمحرم لا يؤمر بحلق شعرهما ، وجنايتهما منفردة بأرشها ، وإذا تحقق التباين وجب تجديد الماء لهما .
وفي الموطأ : كان رضي الله عنهما يجدد لهما الماء ، وهو شديد الاتباع جدا ، ولم ينكره أحد من الصحابة رضي الله عنهم . ابن عمر
فروع مرتبة :
الأول : قال صاحب الطراز : إذا قلنا مسحهما سنة ، فلا يمسحهما بماء الرأس ، قال مالك : فإن فعل أعاد ، وقال محمد بن مسلمة : إن شاء جدد ، وإن شاء لم يجدد ، ويمسح بماء الرأس ، وإن قلنا إن مسحهما واجب ، فتركهما سهوا وصلى ، فلا يختلف في صحة صلاته ، والذي صرف المتأخرين عن الإعادة إجماع المتقدمين على الصحة .
واختلف في التعليل ، فقيل : هو استحسان ، وليس بقياس ، وقال الأبهري : السبب اجتماع خلافين في كونهما من الرأس ، ووجوب مسحهما .
فإن تركهما عمدا اختلف القائلون بالوجوب ، فتعليل الأبهري يقتضي صحة الصلاة ، وقال بعض أصحابنا : يعيد الوضوء ، وحمل قول مالك على السهو استحسان .
الثاني : في . قال صاحب الطراز : قال كيفية مسحهما : يقبض أصابع يده إلا السبابتين يبلهما ، ويمسح بهما أذنيه من داخل وخارج ; لأن عيسى بن دينار كان يفعل ذلك ، رواه ابن عمر مالك في الموطأ ، والأمكن أن يبل إبهاميه ، وسبابتيه فيمسح بإبهاميه ظهورهما ، وبسبابتيه بطونهما ، قال مالك في المختصر : ويدخل أصبعيه : [ ص: 267 ] لأنه عليه السلام كان يدخل أصبعيه في صماخيه لأنه عليه السلام كان يدخل أصبعيه في جحري أذنيه . خرجه أبو داود ، . والترمذي
قال ابن حبيب : وليس عليه أن يتتبع غضونهما اعتبارا بغضون الوجه في التيمم ، والخفين .
الثالث : قال صاحب الطراز : إذا قلنا إن مسحهما سنة ، وهو الصحيح فيفارق الغسل ، والوضوء على ظاهر الكتاب ، فإنه قال في تاركهما في الوضوء : لا إعادة عليه ، وتارك داخلهما في الغسل : لا إعادة عليه فيكون ظاهرهما ، وباطنهما مستويين في الوضوء ، وداخلهما في الجنابة مسنون فقط ، وعلى القول الآخر يكون ظاهرهما في الوضوء واجبا ، وداخلهما سنة فيستوي المسنون منهما في الطهارتين . الثامن : قال في الكتاب : لا يمسح على . قال صاحب الطراز : إن كان للضرورة جاز من حر ، وشبهه ، أو يكون في باطن الشعر لتغييره وقتل دوابه ، فالأول لا يمنع كالقرطاس على الصدغ ، وكما مسح عليه السلام على ناصيته ، وعمامته ، وإن كانت لغير ضرورة ، - وهي مسألة الكتاب - منع المسح خلافا الحناء لابن حنبل ، وجماعة معه ، فإن الماسح عليه ليس ماسحا .
فرعان مرتبان :
الأول : قال صاحب الطراز : إن كانت الحناء ليس على ظاهر الشعر منها شيء لا يمنع ; لأن مسح الباطن لا يجب ، وقد أجاز الشرع التلبيد في الحج ، وفي أبي داود أنه عليه السلام لبد رأسه لئلا يدخله الغبار ، والشعث ، والتلبيد يكون بالصمغ ، وغيره .
الثاني : قال : إذا خرج الحناء من بعض تعاريج الشعر يخرج على الخلاف في قدر الواجب من الرأس .
التاسع : قال في الكتاب : لا . قال صاحب الطراز : يريد إذا أمكنها المسح على رأسها ، وهو قول تمسح المرأة على خمارها ، ولا غيره ، الشافعي وأبي حنيفة .
[ ص: 268 ] وقال : يجوز ابن حنبل كالخفين ، واشترط اللبس على طهارة ؛ لما في المسح على الخمار ، والعمامة مسلم ، وفي أنه عليه السلام مسح على الخفين ، والعمامة أبي داود مسح على عمامته ، ومفرقه .
ومستندنا قوله تعالى : ( وامسحوا برءوسكم ) قال : بالباء للتأكيد ، معناه رءوسكم أنفسها ، وقوله عليه السلام بعد الوضوء : لا يقبل الله الصلاة إلا به ، وكان قد مسح رأسه فيه ، ولأنه لو مسح على غيره لكان ذلك الغير شرطا ، وهو خلاف الإجماع . سيبويه
ولنا أيضا : القياس على الوجه ، واليدين .
العاشر : قال في الكتاب : . قال صاحب الطراز : فلو رفعت الضفائر من أجناب الرأس ، وعقصت الشعر في وسط الرأس ، فالظاهر عدم الإجزاء لأنه حائل كالعمامة . تمسح المرأة على شعرها المعقوص ، والضفائر من غير نقض
الحادي عشر : ، والعنق لا يستحب خلافا ش لعدم ذكره في وضوئه عليه السلام . مسح الرقبة
إيضاح قوله تعالى : ( وامسحوا برءوسكم ) إن راعينا الاشتقاق من التراوس ، وهو كل ما علا فيتناول اللفظ الشعر لعلوه ، والبشرة عند عدمه لعلوها من غير توسع ولا رخصة ، وإن قلنا : إن الرأس العضو فيكون ثم مضاف محذوف تقديره امسحوا شعر رءوسكم ، فعلى هذا يكون المسح على البشرة لم يتناوله النص فيكون المسح عليها عند عدم الشعر بالإجماع لا بالنص ، وعلى كل تقدير يكون الشعر أصلا في الرأس ، فرعا في اللحية ، والأصل الوجه .