الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                الفصل الرابع : فيما ليس من مخصصاته .

                                                                                                                وليس من المخصصات للعموم سببه بل يحمل عندنا على عمومه إذا كان مستقلا خلافا للشافعي والمزني رضي الله عنهما ، وإن كان السبب يندرج في العموم أولى من غيره ، وعلى ذلك أكثر أصحابنا ، وعن مالك : فيه روايتان ، والضمير الخاص لا يخصص عموم ظاهره كقوله تعالى : ( والمطلقات يتربصن بأنفسهن ) ، وهذا عام ، ثم قال : وبعولتهن أحق بردهن ، وهذا خاص بالرجعيات . نقله الباجي منا خلافا للشافعي والمزني ، ومذهب الراوي لا يخصص عند مالك والشافعي رحمهما الله خلافا لبعض أصحابنا وبعض الشافعية . وذكر بعض العموم لا يخصصه خلافا لأبي ثور ، وكونه مخاطبا لا يخصص العام إن كان خبرا ، وإن كان أمرا جعل جزاء . قال الإمام يشبه أن يكون مخصصا ، وذكر العام في معرض المدح أو الذم لا يخصص خلافا لبعض الفقهاء ، وعطف الخاص على العام يقتضي تخصيصه خلافا للحنفية كقوله صلى الله عليه وسلم : لا يقتل مؤمن بكافر ، ولا ذو عهد [ ص: 92 ] في عهده . فإن الثاني خاص بالحربي ، فيكون الأول كذلك عندهم ، ولا يخصص العام بتعقيبه باستثناء أو صفة أو حكم لا يأتي إلا في البعض لا يخصصه عند القاضي عبد الجبار ، وقيل يخصصه ، وقيل بالوقف ، واختاره الإمام فخر الدين ، فالاستثناء كقوله تعالى : ( لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ) . إلى قوله تعالى : ( إلا أن يعفون ) . فإنه خاص بالرشيدات ، والصفة كقوله تعالى : ( يا أيها النبي إذا طلقتم النساء ) . إلى قوله تعالى : ( لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا ) . أي الرغبة في الرجعة ، والحكم كقوله تعالى : ( والمطلقات يتربصن بأنفسهن ) إلى قوله : ( وبعولتهن أحق بردهن ) . فإنه خاص بالرجعيات ، فتبقى العمومات على عمومها ، وتختص هذه الأمور بمن تصلح له ، ولنا في سياقها صور النزاع أن الأصل بقاء العموم على عمومه ، فمهما أمكن ذلك لا يعدل عنه تغليبا للأصل .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية