الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                القسم الثالث : الماء الذي لا يطهر ، ولا ينجس ، وهو ما تغير أحد أوصافه بطاهر غير لازم له ، وخالف عبد الملك في الرائحة ، وكذلك مياه النبات كماء الورد ، ونحوه .

                                                                                                                فرعان :

                                                                                                                الأول : الماء المستعمل في الحدث إذا لم يكن على الأعضاء نجاسة ولا وسخ قال مالك - رحمه الله - في الكتاب : لا يتوضأ بماء توضئ به مرة قال ابن القاسم : إن لم يجد غيره توضأ .

                                                                                                                من التنبيهات : حمل قول مالك غير واحد من شيوخنا على وجود غيره ، فإذا لم يجد غيره ، فما قاله ابن القاسم ، فهما متفقان ، وعلى ذلك أكثر المختصرين ، وقال ابن رشد : هما مختلفان ، وقال في كتاب ابن القصار : يتيمم من لم يجد سواه قال ابن بشير : المشهور أنه مطهر مكروه للخلاف فيه ، وقيل : طاهر غير مطهر لثلاثة أوجه ؛ الأول : عدم سلامته من الأوساخ ، ودهنية البدن . الثاني : أنه أديت به عبادة ، فلا تؤدى به عبادة كالرقبة في الكفارة ، ولا يلزم الثوب الذي صلى به ، فإن مصلحته ستر العورة ، وهي باقية . الثالث : أن الأولين لم يجمعوا ما سقط عن أعضائهم في أسفارهم مع شدة ضروراتهم لقلة الماء ، وذلك يدل على عدم جواز استعماله .

                                                                                                                القول الثالث : أنه مشكوك فيه يجمع بينه وبين التيمم قال ابن شاس : ويصلي صلاة واحدة .

                                                                                                                [ ص: 175 ] واعلم أن المتنازع فيه إنما هو المجموع عن الأعضاء لا الذي يفضل في الإناء بعد الطهارة ، ولا المستعمل في بعض العضو إذا جرى للبعض الآخر .

                                                                                                                تحرير : إذا قلنا بسقوط الطهورية قال بعض العلماء سببه أمران : أحدهما : كونه أديت به عبادة ، والثاني : إزالته المانع ، فإن انتفيا معا كالرابعة في الوضوء ، فلا منع ، وإن وجد أحدهما دون الآخر احتمل الخلاف كالمستعمل في المرة الثانية ، والثالثة ، أو في التجديد ، فإنه لم يزل مانعا ، وإن أديت به عبادة ، وغسل الذمية من الحيض أزال مانع وطئها لزوجها المسلم ، ولم تؤد به عبادة ، وفي قول مالك - رحمه الله - نص صريح بهذا المعنى في قوله : ولا يتوضأ بما توضئ به مرة إشارة للعبادة وإزالة المانع معا ، ونقل صاحب الطراز عند التفرقة بين الحدث والتجديد قال : وسوى أبو حنيفة في المنع ، ويرد على من قال بنجاسته أن السلف الصالح كانوا يتوضئون ، والغالب تطاير البلل على ثيابهم ، والتصاق ثيابهم بأعضائهم وهي مبلولة ، وما نقل عنهم التحرز عنه ، فدل ذلك على طهارته .

                                                                                                                الفرع الثاني من التبصرة : قال مالك في البئر يقع فيها سعف النخل ، وورق الزيتون ، فيتغير لون الماء : إن توضأ به أعاد في الوقت لأنه لا يتغير إلا وقد تغير طعمه ، وكذلك قال في الغدير ترده الماشية ، فتغيره بروثها : ما يعجبني ، ولا أحرمه ، والمعروف من المذهب أنه غير مطهر .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية