الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                [ ص: 10 ] [ ص: 11 ] القسم الأول

                                                                                                                في

                                                                                                                أحكام الفرائض والمواريث

                                                                                                                [ ص: 12 ] [ ص: 13 ] القسم الأول

                                                                                                                في

                                                                                                                الأحكام

                                                                                                                اثنا عشر بابا :

                                                                                                                الباب الأول

                                                                                                                في

                                                                                                                أسباب التوارث

                                                                                                                والفرضيون خلفا وسلفا يقولون : أسباب التوارث ثلاثة ، وهو مشكل ; لأن المراد بالثلاثة إما الأسباب التامة أو أجزاء الأسباب ، والكل غير مستقيم ، وبيانه أنهم يجعلون أحد الأسباب القرابة ، والأم لم ترث الثلث في حالة والسدس في أخرى بمطلق القرابة ، وإلا لكان ذلك ثابتا للابن أو البنت لوجود مطلق القرابة فيهما ، بل بخصوص كونها أما مع مطلق القرابة ، وكذلك للبنت النصف ليس بمطلق القرابة وإلا لثبت ذلك للجدة أو الأخت للأم ، بل لخصوص كونها بنتها مع مطلق القرابة ، فحينئذ يكون لكل واحد من القرابة سبب تام يخصه مركب من جزأين من خصوص كونه بنتا أو غيره وعموم القرابة ، وكذلك للزوج النصف ليس لمطلق النكاح ، وإلا لكان للزوجة لوجود مطلق النكاح فيها ، بل للخصوص والعموم كما تقدم ، فسببه مركب ، وكذلك الزوجة .

                                                                                                                إذا ظهر هذا فإن أرادوا حصر الأسباب التامة في ثلاث فهي أكثر من عشرة لما تقدم ، أو الناقصة التي هي الأجزاء فالخصوصيات كما رأيت كثيرة ، فلا يستقيم الحصر مطلقا لا في التام ولا في الناقص ، فتنبه لهذا فهو حسن لم يتعرض فيما رأيت أحد له ولا لخصه .

                                                                                                                [ ص: 14 ] واعلم أن أسباب القرابة التامة وإن كثرت فهي لا تزيدها ، ولا تزيد الناقصة التي هي الخصوصيات ، بل الناقصة التي هي المشتركات لمطلق القرابات ومطلق النكاح ومطلق الولاء ، والدليل على حصر النواقص في هذه الثلاث أن الأمر العام بين جميع الأسباب التامة إما أن يمكن إبطاله أو لا ، فإن أمكن فهو النكاح يبطل بالطلاق ، وإن لم يمكن فإما أن يقتضي التوارث من الجانبين غالبا وهو القرابة ، أو لا يقتضي إلا من جانب واحد وهو الولاء يرث المولى الأعلى الأسفل ، ولا يرثه الأسفل ، قولنا غالبا احترازا من العمة ، فإنها يرثها ابن أخيها ولا ترثه ، وسيأتي ضابط من يورث ولا يرث .

                                                                                                                فرعان

                                                                                                                الأول : اتفق الناس أن المطلقة الرجعية ترث وتورث في العدة ، وقع الطلاق في المرض أو الصحة ، واتفقوا أن المطلقة في المرض طلاقا بائنا أنها لا تورث ، فإن مات زوجها فورثها مالك وأهل العراق مؤاخذة له بنقيض قصده كالقاتل ، وقال جماعة : لا ترثه ، وورثها مالك بعد العدة وإن تزوجت ، وخصه ( ح ) بالعدة ، وابن أبي ليلى ما لم تتزوج .

                                                                                                                لنا قضاء عثمان في زوجة عبد الرحمن بن عوف لما طلقها في المرض بمحضر الصحابة - رضي الله عنهم - ولم ينكر عليه أحد إلا عبد الرحمن إلا أنه محكوم عليه فلا يعتبر رضاه .

                                                                                                                الثاني : أن الأنبياء - عليهم السلام - لا يورثون خلافا للرافضة ، ورأيت كلاما للعلماء يدل ظاهره على أنهم لا يرثون أيضا .

                                                                                                                لنا قوله - عليه السلام - " نحن معاشر الأنبياء لا نورث ، ما تركناه صدقة " ومن جهة المعنى أن الملك العظيم يعطي عامة رعيته للتمليك لا للصرف على [ ص: 15 ] غيرهم ، ويعطي خاصته للصرف لا للتمليك ، فالأنبياء - عليهم السلام - خزان الله وأمناؤه على خلقه ، والخازن يصرف لغيره وله ما تدعو إليه ضرورة حياته ، وهو المناسب في أمر الله تعالى إياهم بالزهادة والإعراض عن الدنيا ، وإذا كانوا خزانه والخازن لا يورث عنه ما يخزنه ، احتجوا بقوله تعالى : وورث سليمان داود وبالقياس على غيرهم .

                                                                                                                والجواب عن الأول : أن الموروث العلم والنبوءة لقوله - عليه السلام - العلماء ورثة الأنبياء .

                                                                                                                والجواب عن الثاني : أنه فاسد الاعتبار لمقابلة النص .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                في التلقين لا تثبت أنساب الأعاجم بأقوالهم لأنهم يتهمون في إزواء المال عنا .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية