فصل
وهذه المراتب تتناسب كتناسب مراتب العدد ، وتناسب أجزائها في الانحطاط كتناسبها في الارتفاع ، وجزء كل شيء ما إذا ضرب فيه كان واحدا ، والعدد واسطة بين المراتب وبين أجزائها ، فنسبة الواحد للشيء كنسبة الشيء للمال ، وكنسبة المال للكعب ، وكذلك إلى غير نهاية ، وكذلك نسبة الواحد إلى جزء الشيء كنسبة جزء الشيء إلى جزء المال وكنسبة جزء المال إلى جزء الكعب ، وكل ما تقدم في قاعدة الأعداد المتناسبة في ذكر القواعد يأتي هاهنا من الضرب والقسمة واستخراج المجهول من المعلوم ، فضربنا الكعب في الشيء كضربنا الطرفين من أعداد مفردة ، والمتحصل من الضرب مال مال ، وكضرب المال في [ ص: 150 ] نفسه الذي هو المرتبة المتوسطة ، ولو ضربنا المال في نفسه لقلنا مال مال فنقول هاهنا كذلك ، وإذا ضربنا مال مال في الشيء فقد ضربنا الطرفين من مراتب أعداد مزدوجة فيقوم مقامه ضرب الواسطتين ، وهما المال في الكعب ، ولو ضربنا المال في الكعب لقلنا مال كعب ، فنقول هاهنا مال كعب بتقديم لفظ مال ، لما تقدم من بيان سبب التقديم .
ومتى كان الشيء ربع المال بأن يكون أربعة كان المال ربع الكعب والشيء ، وكذلك بقية المراتب ، ومتى كان الشيء ثلث المال بأن يكون ثلاثة فيكون المال تسعة يكون المال ثلث الكعب ، وكذلك سائر النسب تتكرر في المراتب .
قال بعض الفضلاء : إن الاسم في المضروب في الشيء ينشأ من لفظ المال ولفظ المرتبة الكائنة قبل المضروب ، لأنهما المرتبتان المتلاصقتان للطرفين المضروبين ، وقد تقدم في القاعدة أنه لا فرق بين الوسائط والملاصق لها من المراتب إلى أن ينتهي إلى الملاصقين للطرفين ، وأن ضرب جميع ذلك سواء وكذلك اعتمدوا على ذلك ليكتفوا بلفظ المال لسائر المراتب ويستغنوا عن الألفاظ الكثيرة المراتب الكثيرة التي لا تتناهى ، وهو من حسن التصرف والفكرة الجيدة .