[ ص: 158 ] الباب الثالث
في
القسمة
فنذكر قوانينها وقواعدها سردا لتبقى على الخاطر ، ثم نثني بمسائلها ، وهي عكس الضرب ، فالمقسوم هو المرتفع من الضرب ، والمقسوم عليه أحد المضروبين ، والخارج من القسمة المقسوم المضروب الآخر ، والخارج من القسمة إذا ضرب في المقسوم عليه يعود المقسوم ، وكل شيء قسم على العدد فالخارج من جنس المقسوم ، فقسمة العدد على الأشياء أجزاء أشياء ، وعلى الأموال أجزاء الأموال ، وعلى الكعاب أجزاء كعب ، وجزء كل مقدار إذا ضرب فيه يكون واحدا ، وقسمة الأشياء على الأشياء عدد ، وعلى الأموال أجزاء شيء ، وعلى الكعاب أجزاء مال ، وقسمة الأموال على الأشياء أشياء ، وعلى الأموال عدد ، وعلى الكعاب أجزاء شيء ، وقسمة الكعاب على الأشياء أموال ، وعلى الأموال أشياء ، وعلى الكعاب عدد ، وقسمة المركب على المفرد أن تجمع كل قسم على انفراده وتجمع الحاصل ، وقسمة المركب على المركب فمنه ما يمكن التلفظ بالخارج من قسمته ، ومنه ما لا يمكن . وضابطه طلب مقدار إذا ضربته في المقسوم عليه عاد المقسوم ، فإن وجدته فهو الخارج ، وإلا قلت هذا مقسوم على كذا .
والقسمة لها حدان ، أحدهما أنها طلب ما في المقسوم من أمثال المقسوم عليه ، وثانيهما أنها طلب نصيب الواحد التام من المقسوم عليه من المقسوم ، فإذا قسمنا عشرة على اثنين خرج بالقسمة خمسة فعلى الأول نقول الاثنان نصفان متماثلان متقابلان فنفعل بالعشرة كذلك لأنا قسمنا في الاثنين على النصف ، ومثل النصف نصف ، وعلى الثاني من الحدين : نصيب الواحد التام من المقسوم عليه من المقسوم [ ص: 159 ] خمسة ، وإذا قسمنا المجهول على نفسه يخرج آحادا بناء على قاعدتين : إحداهما أن المجهولات إذا اجتمعت وهي جنس واحد في مسألة فهي متماثلة ، وثانيتهما أن القسمة إنما تقع على أفراد المقسوم عليه البسيطة دون الملفوظ بها ، كما إذا قيل اقسم مائة على مائتين فإنك تقول الخارج نصف واحد بناء منك على أنك قسمت على الأفراد التي في المائتين من الآحاد ، ولو قسمت على أفراد المائتين لقلت خمسين ، لأن القسمة على اثنين ، فعلى هذه قسمة عشرين مالا على أربعة أموال خمسة آحاد ، ولا تقول خمسة أموال ، كما لو قسمت عشرين ألفا على أربعة آلاف فإنك تقول خمسة آحاد ولا تقول خمسة آلاف ، ومتى كانت الأموال المقسومة آلافا فالمقسوم عليه من الأموال آلافا أو مئتين فالأخرى كذلك فلا يختلفان كيف فرضنا ، فإذا زاد في المقسوم أفراد زاد في المقسوم عليه ما يقابلها ، هذا إن قسمنا المجهول على خمسة في جنسه ، فإن قسمناه على غير جنسه فتارة نقسمه على ما تحته وتارة نقسمه على ما فوقه ، والأول إن كان ثلاثة كقسمة الكعب على المال كان كقسمة الشيء على العدد تخرج أشياء هنالك ، وكذلك هاهنا يكون الخارج أشياء ، وإن كان بينهما مرتبة كقسمة مال المال على المال كان كقسمة المال على العدد ، وقسمة المال على العدد تخرج أموالا فهاهنا أموال .
والضابط مهما كان بين المقسوم والمقسوم عليه من المراتب يكون بين العدد وما فوقه إذا قسم عليه ، وهذه الأحكام مبنية على قاعدة التناسب ، وهي أن نسبة الآحاد إلى الأشياء كنسبة الأشياء إلى الأموال ، والأشياء إلى الأموال كالأموال إلى الكعوب ، وكذلك إلى غير النهاية ، وقد تقدم بسطها في القاعدة وفي ألفاظ المجهولات ، ولما كان الخارج من قسمة الألف على المائة عشرة مثل قسمة العشرة على الواحد عشرة قلنا : قسمة أي مرتبة شيئا من المجهولات على ما تحته كقسمة الأشياء على العدد ، ولما كان التناسب تحت انعكاسه قلنا إن قسمة المجهول على ما فوقه بغير واسطة كقسمة العدد على الأشياء ، كما أن قسمة العشرة [ ص: 160 ] على المائة يخرج عشر واحد ، كقسمة الواحد على العشرة يخرج عشر واحد ، وبهذا التقدير تظهر الوسائط كلها .
مسألة
إن قسمنا ستة أموال على مالين خرج ثلاثة دراهم ، وستة أكعب على شيئين يخرج ثلاثة أموال ، وستة أشياء على كعبين يخرج ثلاثة أجزاء مال ، وأربعة أموال على جزء شيء يخرج كعبان ، وأربعة أجزاء شيء على مالين يخرج جزء كعب .
مسألة
إن قسمت مركبا قسمت كل مفرد منه على المقسوم عليه وجمعت الجميع وهو الخارج من القسمة ، نحو أربعة أموال وأربعة أشياء على شيئين الخارج شيئان ودرهمان .
مسألة
إن كان في المقسوم مستثنى ( كان الخارج منه مستثنى ) في الخارج من القسمة .
مسألة
وإن كان المقسوم عليه مركبا لم يقسم عليه إلا مقدار يشاركه ، أي يؤخذ مقدار يعدهما فيكون الخارج من القسمة في ذلك عدد ، نحو ثلاثة أشياء وثلاثة دراهم على شيئين ودرهمين بشيء ودرهم بعد المقادير والخارج درهم ونصف ، وهو ما يخرج من قسمة كل مفرد على نظيره أو مقدار إذا رفعت مفرداته في المراتب ارتفاعا واحدا أو حططته انحطاطا واحدا صار منه مقدار يشارك المقسوم عليه ، أو يجوز أن يقسم أقساما كل قسم منها بهذه المثابة ، نحو : مالان وشيئان أو ثلاثة أموال وثلاثة أشياء وثلاثة دراهم وثلاثة أجزاء شيء على شيء ودرهم ، فإن [ ص: 161 ] مالين وشيئين إذا حططتهما مرتبة صارت شيئين ودرهمين ، فتقسمهما على شيء ودرهم ، ويكون الخارج من المرتبة التي بينها وبين العدد مثل ما بين مراتبه أولا والمراتب التي رد إليها .
مسألة
إن كان المقسوم والمقسوم عليه أصمين أو أحدهما فالعمل فيه كالضرب ، فإذا أردت قسمة جذر عشرة على جذر خمسة قسمت عشرة على خمسة يخرج اثنان جذر ها هو الجواب ، وكذلك ضلع عشرة على ضلع خمسة الجواب ضلع اثنين ، وكذلك ما تباعدت رتبته من الأصم ، وجذر عشرة على ضلع عشرين ، كعب العشرة يكون ألفا ، وربع العشرين يكون أربعمائة ، واقسم عليها يخرج اثنان ونصف جذر ضلعها هو الجواب ، أو خمسة على جذر عشرة ربعت الخمسة وقسمت المبلغ على العشرة فما خرج الجواب في جذره ، وإن شئت قسمت خمسة على عشرة وضربت الخارج في جذر عشرة يكون الجواب ، ولا يصح الثاني إلا إذا كان المقسوم عليه جذرا ، فإن قيل اقسم جذر ثلاثين على خمسة ، ربعت خمسة فما بلغ قسمت عليه ثلاثين فالخارج الجواب جذر ه ، وإن شئت نسبت الواحد من المقسوم عليه ، فما كان ضربته في المقسوم يكون الجواب .
وإن أردت ألن تقسم على مركب من جذر أصم ومنطق أو من جذرين أصمين غير مشتركين ، وهذا المقدار هو المسمى ذا الأصمين ، ضرب في منفصله وهو أحد قسميه مستثنى منه الآخر ، يخرج من ذلك مقدار منطق تقسم عليه المقسوم ، فما خرج تضربه فيما ضربت فيه المقسوم عليه فالخارج الجواب ، وكذلك تفعل لو كانت القسمة على المنفصل ، مثاله تقسم ثلاثين مالا على خمسة أشياء وجذر عشرة أموال ، ضربت ذلك في خمسة أشياء إلا جذر عشرة أموال تكون خمسة عشر مالا ، اقسم عليها ثلاثين مالا يخرج اثنان ، اضربها في خمسة أشياء إلا جذر عشرة أموال تكن عشرة أشياء إلا [ ص: 162 ] جذر أربعين مالا وهو الجواب ، فإن كانت القسمة على خمسة أشياء إلا جذر عشرة أموال كان الخارج عشرة أشياء وجذرا أربعين مالا ، وكذلك لو قيل اقسم جذر عشرة على جذر خمسة ضربته في [ . . . . . ] يكون خمسة تقسم عليها العشرة خرج اثنان تضربها في جذر عشرة إلا جذر خمسة يخرج جذر أربعين إلا جذر عشرين وهو الجواب .