فائدة جليلة
تقدم استنباط الصواب من الخطأين ، وهو عجب كيف يستلزم الخطأ الصواب ، وقد ذكر قسطا بن لوقا برهانا شافيا كافيا بينا سهلا على تحقيق ذلك ، وذكر غيره طرقا ، وآثرت طريقه لسهولتها أضعها في كتابي هذا تكميلا للفائدة ورغبة في الفضيلة ينتفع بها أهل الفضل ، والتحصيل الذين الحكمة ضالتهم ، حيث وجدوها عقلوها ، فأقول مثالا قبل البرهان ، وهو مال زيد عليه مثل نصفه ، وربعه مضروبا في نفسه بلغ خمسة وخمسين ، فنفرض مالين أي مالين كانا ، فإن أصبنا في الأول فلا خطأ ، أو في الثاني فهو الخطأ الأصغر عندهم ، أو بعد الخطأين فهو الخطأ الأكبر ويجب الصواب من غير حاجة لثالث بالضرورة ، فنفرض المال اثني عشر ، زدنا عليه نصفه ستة ، بلغ ثمانية عشر ، وربعه ثلاثة في ثلاث بتسعة ، بلغ الجميع سبعة وعشرين ، فقد أخطأنا بثمانية وعشرين ، ثم نفرضه ستة عشر نزيد عليها نصفها ثمانية ، تبلغ أربعة وعشرين ، وربعها أربعة في أربعة مضروبة في نفسها بستة عشر تبلغ أربعين ، فقد أخطأنا بخمسة عشر ، نسقط أحد الخطأين من [ ص: 220 ] الآخر يفضل ثلاثة عشر احفظها ، ثم اضرب الخطأ الأول في المال الثاني بثلاثمائة وثمانية وأربعين ، وتضرب الخطأ الثاني في المال الأول بثمانية وثمانين ، فتسقط المتحصل الأقل من الأكثر يفضل من الأكثر مائة وثمانية وستون تقسمها على الباقي من أحد الخطأين وهو ثلاثة عشر ( يخرج لكل واحد ثلاثة عشر ) إلا كسرا ، مع أن أصل هذا المال المجهول ينبغي أن يكون عشرين ، فهذا التمثيل فاسد ، مع أنه هو الطريقة المتقدمة في العمل ، فينبغي أن يعلم لذلك أن لهذا العمل شرطا ، وهو أن يكون المالان المأخوذان لهما نسبة خاصة متى لم تحصل بطل العمل ، وتلك النسبة أن تكون نسبة فضل ما بين العددين المأخوذين للامتحان إلى فضل ما بين الحاصلين منهما كنسبة فضل ما بين أحد العددين المأخوذين ، والمال المطلوب إلى خطأ العدد المأخوذ مع المال المطلوب .
مثاله : مال زدت عليه مثل نصفه ، وثلاثة دراهم ، ثم على المبلغ مثل ثلثه وستة دراهم ، فصار ثلاثة ، كم أصل المال ؟ فتضعه ستة ، وتزيد عليه نصفه ثلاثة دراهم ، ثم على المبلغ ثلثه وستة دراهم يبلغ اثنين وعشرين ، فقد أخطأنا بثمانية ناقصة ، ثم تضعه ثمانية ، وتفعل بها ما فعلت بالستة تبلغ ستة وعشرين ، فأخطأنا بأربعة ناقصة ، فاضرب الموضوع الأول وهو ستة في الخطأ الثاني ، وهو أربعة تبلغ أربعة وعشرين ، ثم اضرب الموضوع الثاني وهو ثمانية في الخطأ الأول ، وهو ثمانية تبلغ أربعة وستين ، الخطآن ناقصان معا عن السؤال ، فأسقط أحد المرتفعين من الآخر يبقى أربعون ، اقسمها على الباقي من أحد الخطأين بعد إسقاط الآخر منه وهو أربعة ( يخرج عشرة ) وهو الجواب .
وبيان تحقيق النسبة المتقدمة أن فضل ما بين العددين المأخوذين اثنان ; لأنهما ستة وثمانية ، وفضل ما بين المتحصلين منهما أربعة ; لأنهما اثنان وعشرون وستة وعشرون ، واثنان نصف أربعة ، فهذه النسبة نسبة النصف ، وإذا أخذت أحد [ ص: 221 ] المالين وهو ستة مثلا مع العشرة ، وهو المال المطلوب وجدت الفضل بينهما أربعة ، ونسبة هذا الفضل لخطأ النسبة التي أخذتها نسبة النصف أيضا ; لأنه ثمانية ، فقد تحققت النسبة ، فلا جرم صح العمل ، وكذلك إذا أخذت الثمانية مع المال المطلوب وهو المثال الأول ، يفضل ما بين المالين أربعة ; لأنها اثنا عشر وستة عشر ، وفضل ما بين الحاصلين من المالين ثلاثة عشر ; لأنها سبعة وعشرون ، والآخر أربعون ، ونسبة أربعة إلى ثلاثة عشر نسبة الثلث إلا ثلث ربع ثلث ، وفضل ما بين أحد المالين - وهو الاثنا عشر - والمال المطلوب ، وهو عشرون في ذلك المثال ثمانية ، فإذا نسبتها إلى خطأ الاثنا عشر ، وهو ثمانية وعشرون ، وجدت النسبة نسبة الثلث وثمن الثلث وثلث ثمن الثلث ، فقد اختلفت النسبة فلذلك بطل العمل .
إذا تقرر تمييز الصواب عن الخطأ فيما يوجد من الأعداد في العمل ، فأذكر كلام قسطا بن لوقا ، فأقول : قال قسطا بن لوقا : تخط خطا مستقيما مجهول القدر ، وهو العدد المطلوب عليه " أ د " ، ونتيجته المفروضة خط " د ع " ، وقد أخرج من نقطة " د " على زاوية قائمة ، وفضل خط " أ ع " ، فإذا أردنا معرفة العدد المطلوب الذي هو " أ د " ، ونتيجته " د ع " ، فإنما نمتحنه بعددين مختلفين ، فإما أن يكونا زائدين ، أو ناقصين ، أو أحدهما زائد والآخر ناقص ، فليكن أولا كل واحد منهما ناقصا وهما " أب " ، ويخرج من نقطتي " ب د " عمود " ب ح " خط على " أ د " ، فنسبة خط " أ د " إلى " د ع " كنسبة " أ ب " إلى " ب ح " ، فنتيجة خط " أ ب " هي " ب ح " ونتيجة " أ ج " هي خط وتتمم سطح " د م " ، وتخرج من نقطتي " ط ح " خطين موازيين [ ص: 222 ] لخط " أ د " عليهما " ز ص ي " ويخرج خط " ب ح " خط على استقامة ، فيقعان على خط " م ع " على نقطة " ز س " ، فالعدد الأول خط " أ ب " معلوم ، ونتيجة خط " ب ح " معلومة أيضا ، وخطؤه عن النتيجة الأولى التي هي خط " د ع " وهي خط " ج ز " معلوم أيضا ، والعدد الثاني خط " أ ج " معلوم ، ونتيجته خط " ج ظ " معلوم أيضا ، وخطؤه معلوم وهو " ط س " ، فإذا ضربنا خطأ العدد الأول وهو " ز ح " في العدد الثاني وهو " أ ج " كان من ذلك سطح " ز س " ، وإذا ضربنا خطأ العدد الثاني وهو " لا ن " في العدد الأول وهو " أ ب " كان من ذلك سطح " لا م " ، فإذا نقصناه من سطح " ز س " بقي علم " ص ح ط س " ، وسطح " ظ ر " مساو لسطح " ي ط " ; لأنهما المتممان ، فالعلم مساو لسطح " ر ك " ، فمسطح " ر ك " معلوم ، وعرضه " ر ص " معلوم ; لأنه فصل ما بين الخطأين ، فطوله معلوم وهو " ز ي " مثل " أ د " المطلوب .
فصل
فإن كان كل واحد من العددين أكثر من المطلوب ( فإنا نجعله في هذه الصورة خطي " أ هـ " " أ و " ، وكل واحد منهما معلوم ، وهم أكثر من " أ د " ) ويخرج أولا خط " أ ع " على استقامة إلى نقطة " ت " ، وتتمم سطح " و ش " ، فالعدد الأول خط " أ هـ " معلوم ، ونتيجته خط " هـ ق " معلومة أيضا ، وخطؤه زائد ، وهو خط " ف ق " ، والعدد الثاني خط " أ و " معلوم ، ونتيجته " و ت " معلومة ، وخطؤه " ص ت " معلوم ، فضرب خط المال الأول في المال الثاني هو سطح " ض ع " ، وضرب خط المال الثاني في المال الأول هو سطح " و س " ، وإذا نقص الأقل من الأكثر بقي سطح " ج ع " ; لأن سطح " ح ف " مثل سطح " و ض " ; لأنهما المتممان ، وإذا قسم سطح " ج ع " المعلوم على خط " ع ث " الذي هو فضل أحد الخطأين على الآخر خرج من ذلك خط " ح ش " معلوما ، وهو مساو لخط " أ د " فخط " أ د " معلوم .
مثاله : رجل اتجر في مال فربح مثله وأخرج منه عشرة دراهم ، ثم اتجر في [ ص: 223 ] الباقي ، فربح مثله ، وأخرج عشرة دراهم ، فلم يبق شيء ، قياسه أن تجعل أصل المال تسعة ونصفا فتزيد عليه مثله وتنقص من المبلغ عشرة دراهم تبقى ( تسعة ، تزيد عليها مثلا ، وتنقص من المبلغ عشرة تبقى ) ثمانية تزيد عليها مثلها ، وتنقص من المبلغ عشرة تبقى ستة ، وكان ينبغي أن لا يبقى شيء ، فقد أخطأنا بستة زائدة ، فنقول : أصل المال تسعة ، وتفعل به كذلك فتخطئ بدرهمين زائدين ، فالخطآن زائدان ، فتأخذ الفضل بين الموضعين ، وهو نصف ، فتنسبه إلى الفضل بين الخطأين ، وهو أربعة يكون ثمنا ، فإن أخذت بذلك النسبة من الستة كان ثلاثة أرباع ، تسقطها من تسعة ونصف تبقى ثمانية ونصف وربع وهو الجواب ، وإن أخذت بها من اثنين كان ربعا ، تسقطه من تسعة تبقى ثمانية ونصف وربع وهو الجواب .
فصل
فإن كان أحد المالين زائدا والآخر ناقصا فإنا نجعلهما في هذه الصورة خطي " أ ج " " أ هـ " ، كل واحد منهما معلوم ، فالمال الأول خط " أ ج " معلوم ، ونتيجته خط " و ق " وخطؤه " ط س " ، والمال الثاني خط " أ هـ " معلوم ، ونتيجته خط " و ق " ، وخطؤه خط " و ق " ، فإذا ضرب خط المال الأول في المال الثاني كان من ذلك سطح " ف ص " ، وإذا ضرب خط المال الثاني في المال الأول كان من ذلك سطح " س ع " ، وإذا جمعناهما كان من ذلك سطح " ك ع " ; لأن سطح " ر ع " مثل سطح " ف ك " ; لأنهما المتممان ، فسطح " ك ع " معلوم ، وعرضه معلوم ; لأنه مساو لمجموع الخطأين ، فطوله معلوم ، وهو " ك ص " ، وهو مساو لـ " أ د " المطلوب وذلك ما أردنا بيانه .
مثاله : عشرة قسمتها بقسمين ، ثم زدت على أحد القسمين مثله ، ثم على المبلغ مثل ربعه ، ثم على المبلغ مثل خمسيه ، فكان المبلغ يزيد على القسم الثاني عشرة ، فقياسه أن تجعل أحد القسمين أربعة ، وتزيد عليه مثله ، وعلى المبلغ ربعه ، وعلى المبلغ خمسيه تصير أربعة عشر ، وذلك يزيد على القسم الآخر [ ص: 224 ] ثمانية ، فقد أخطأنا بدرهمين ناقصة ، فنقول : أحد القسمين خمسة ، وتفعل بها مثل ما فعلت بالأربعة ، فتبلغ سبعة عشر ونصفا ، وذلك يزيد على القسم الآخر اثني عشر ونصفا ، فقد أخطأنا بدرهمين ونصف زائدة ، فضرب الموضوع الأول وهو أربعة في الخطأ الثاني وهو اثنان ونصف تبلغ عشرة ، وضرب الموضوع الثاني وهو خمسة في الخطأ الأول وهو اثنان تبلغ عشرة ، وأحد الخطأين زائد والآخر ناقص ، فتقسم مجموع المرتفعين وهو عشرون على مجموع الخطأين ، وهو أربعة ونصف يخرج أربعة وأربعة أتساع ( وهو أحد القسمين ، والثاني خمسة وخمسة أتساع ) واعلم أن هاهنا قواعد يتعين التنبيه عليها في هذا الشكل .