فرع
قال
ابن أبي زيد : يجب أن يعتقد أن الله تعالى أسمع
موسى - عليه السلام - كلامه القائم بذاته لا كلاما قام بغيره ، وتقرير هذه المسألة ، وأدلتها ذكرته مبسوطا سهلا في كتاب " الإنقاد في الاعتقاد " . مسألة
قال : يجب أن يعتقد أن يديه سبحانه وتعالى مبسوطتان ، وأن يده غير نعمته .
قلت : في هذه المسألة مذاهب لأهل الحق مع جميع النصوص الواردة في الجوارح كالوجه ، والجنب ، والقدم ، قيل : يتوقف عن تأويلها ، ويعتقد أن ظاهرها غير مراد ، ويحكي أنه مذهب السلف ، فإنه تهجم على جهة الله تعالى بالظن
[ ص: 236 ] والتخمين ، وقيل : يجب تأويلها لقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=82أفلا يتدبرون القرآن ) ، وقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=29ليدبروا آياته ) ، وغير ذلك من النصوص الدالة على النظر ، والاعتبار ، وتدبر الكلام هو رده إلى دبره ، وهو المعنى الخفي بدليل مرشد له ، والقولان للشيخ
أبي الحسن .
وإذا قلنا بالتأويل فيحمل مذهب السلف - رضي الله عنهم - على مواطن استواء الأدلة ، وعدم الترجيح ، وهذا هو المشهور
للأشعرية ، وعلى أي شيء تأول ؟ فقيل على صفات مجهولة غير الصفات السبعة المتقدم ذكرها استأثر الله تعالى بعلمها ، وقيل : بل الصفات السبعة ونحوها مما يناسب كل آية ، فاليد للقدرة ، والعين للعلم ، والقدم ونحوه للقدرة ، والوجه للذات ، والجنب للطاعة ; لأن هذه المحامل المناسبة من المجازات لهذه الحقائق ، ومتى تعذر حمل اللفظ على حقيقته تعين صرفه لأقرب المجازات إليه لغة .
فَرْعٌ
قَالَ
ابْنُ أَبِي زَيْدٍ : يَجِبُ أَنْ يُعْتَقَدَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَسْمَعَ
مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كَلَامَهُ الْقَائِمَ بِذَاتِهِ لَا كَلَامًا قَامَ بِغَيْرِهِ ، وَتَقْرِيرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ، وَأَدِلَّتُهَا ذَكَرْتُهُ مَبْسُوطًا سَهْلًا فِي كِتَابِ " الْإِنْقَادِ فِي الِاعْتِقَادِ " . مَسْأَلَةٌ
قَالَ : يَجِبُ أَنْ يُعْتَقَدَ أَنَّ يَدَيْهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مَبْسُوطَتَانِ ، وَأَنَّ يَدَهُ غَيْرُ نِعْمَتِهِ .
قُلْتُ : فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَذَاهِبُ لِأَهْلِ الْحَقِّ مَعَ جَمِيعِ النُّصُوصِ الْوَارِدَةِ فِي الْجَوَارِحِ كَالْوَجْهِ ، وَالْجَنْبِ ، وَالْقَدَمِ ، قِيلَ : يُتَوَقَّفُ عَنْ تَأْوِيلِهَا ، وَيُعْتَقَدُ أَنَّ ظَاهِرَهَا غَيْرُ مُرَادٍ ، وَيَحْكِي أَنَّهُ مَذْهَبُ السَّلَفِ ، فَإِنَّهُ تَهَجَّمَ عَلَى جِهَةِ اللَّهِ تَعَالَى بِالظَّنِّ
[ ص: 236 ] وَالتَّخْمِينِ ، وَقِيلَ : يَجِبُ تَأْوِيلُهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=82أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ) ، وَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=29لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ ) ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ النُّصُوصِ الدَّالَّةِ عَلَى النَّظَرِ ، وَالِاعْتِبَارِ ، وَتَدَبُّرُ الْكَلَامِ هُوَ رَدُّهُ إِلَى دُبُرِهِ ، وَهُوَ الْمَعْنَى الْخَفِيُّ بِدَلِيلٍ مُرْشِدٍ لَهُ ، وَالْقَوْلَانِ لِلشَّيْخِ
أَبِي الْحَسَنِ .
وَإِذَا قُلْنَا بِالتَّأْوِيلِ فَيُحْمَلُ مَذْهَبُ السَّلَفِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - عَلَى مَوَاطِنِ اسْتِوَاءِ الْأَدِلَّةِ ، وَعَدَمِ التَّرْجِيحِ ، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ
لِلْأَشْعَرِيَّةِ ، وَعَلَى أَيِّ شَيْءٍ تَأَوَّلَ ؟ فَقِيلَ عَلَى صِفَاتٍ مَجْهُولَةٍ غَيْرِ الصِّفَاتِ السَّبْعَةِ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهَا اسْتَأْثَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِعِلْمِهَا ، وَقِيلَ : بَلِ الصِّفَاتِ السَّبْعَةِ وَنَحْوِهَا مِمَّا يُنَاسِبُ كُلَّ آيَةٍ ، فَالْيَدُ لِلْقُدْرَةِ ، وَالْعَيْنُ لِلْعِلْمِ ، وَالْقَدَمُ وَنَحْوُهُ لِلْقُدْرَةِ ، وَالْوَجْهُ لِلذَّاتِ ، وَالْجَنْبُ لِلطَّاعَةِ ; لِأَنَّ هَذِهِ الْمَحَامِلَ الْمُنَاسِبَةَ مِنَ الْمَجَازَاتِ لِهَذِهِ الْحَقَائِقِ ، وَمَتَى تَعَذَّرَ حَمْلُ اللَّفْظِ عَلَى حَقِيقَتِهِ تَعَيَّنَ صَرْفُهُ لِأَقْرَبِ الْمَجَازَاتِ إِلَيْهِ لُغَةً .