هو الاتصاف بمحاسن الشريعة ، أو التسبب إليها ، وسوء الخلق هو ارتكاب مناهي الشريعة ، أو التوسل إليها ، وتحت هذه الجملة أمور لا يحصيها الضبط ، قال حسن الخلق ابن يونس : ينبغي للقاضي أو الأمير أن لا يكون من شأنه حب المدح وأن يعرف الناس منه ذلك فيقتحمون عليه منه ، فيضحكون منه به ، ويغتابونه به ، بل تكون همته في ثلاث خصال : في رضا ربه ، ورضا سلطانه إن كان فوق الأمير ، أو القاضي سلطان ، ورضا صالح من يلي عليه .
وكان رضي الله عنه يقول : لما رأيت الناس لا يجتمعون على حالة أخذت لنفسي بالذي أولى بها ، ونظم هذا المعنى الشيخ الشافعي الحافظ زين الدين بن عبد العظيم المحدث في مدرسة الكامل :
اعمل لنفسك صالحا لا تحتفل بكبير قيل في الأنام وقال فالناس لا يرجى اجتماع قلوبهم
لا بد من مثن عليك وقال
: تمني القلب زوال النعمة عن المحسود ، واتصالها بك ، وهو أخف الحسدين ، وشرهما تمني زوالها وإن لم تصل إليك ، وأصل تحريمه الكتاب [ ص: 250 ] والسنة ، والإجماع ، فالكتاب قوله تعالى : ( الحسد ومن شر حاسد ) ، ( أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله ) ، وقوله تعالى : ( ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض ) ، والسنة قوله عليه السلام : " ، ولا تباغضوا ، وكونوا عباد الله إخوانا لا تحاسدوا ، ولا تدابروا " . وأجمعت الأمة على تحريمه ، تمني مثل ما لغيرك لا عين ما لغيرك ، وقد يعبر عنها بالحسد لما بينهما من المشابهة ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " والفرق بينه وبين الغبطة " أي : لا غبطة إلا في هاتين على وجه المبالغة ، وهي لا حسد إلا في اثنين : رجل آتاه الله القرآن يقوم به آناء الليل وأطراف النهار ، ورجل آتاه الله مالا فهو ينفقه آناء الليل وأطراف النهار ، حسد إبليس أول معصية عصي الله بها في الأرض آدم .