النوع الرابع : دخول الحمام
وفي " المقدمات " : يجوز دخول الحمام ، إذا كان خاليا لا كراهة ، وأما مستتر مع مستترين ، فعن ابن القاسم : تركه أحسن خشية الاطلاع على العورة إذ لا يكاد يسلم من ذلك ، وأما غير مستتر أو مع من لا يستتر فحرام ; لأن فرض ، وفاعل ذلك جرحة في حقه ، ستر العورة ، قال : هذا هو الذي يقتضيه النظر ; لأن والنساء كالرجال ، لقوله عليه السلام : " المرأة يجوز لها أن تنظر من المرأة ما يجوز للرجل أن ينظر من الرجل " ، في لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل ولا المرأة ، ولا يفض الرجل إلى الرجل في ثوب ، ولا تفض المرأة إلى المرأة في ثوب أبي داود ، فجعل عليه السلام المرأة مع المرأة كالرجل مع الرجل ، ولأن النساء يغسلن المرأة كما يغسل الرجال الرجل اتفاقا ، وقال ابن أبي زيد في " الرسالة " : لا تدخل المرأة الحمام إلا من علة ، لما روي أنه محرم عليهن ، ففي الحديث : " ستفتح لكم بلاد فيها الحمام ، لا يدخله الرجل إلا بمئزر ، ولا تدخله المرأة بمئزر ولا غيره " ، وعلى القول أيضا بأن جميع جسدها عورة للنساء ، لما روي أن رضي الله عنه كتب إلى عمر بن الخطاب أبي عبيدة أنه بلغني أن نساء من نساء المسلمين يدخلن الحمامات مع نساء المشركين ، فانه عن ذلك أشد النهي ، فإنه لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن يرى عورتها غير أهل دينها ، قال وأرى أن دخولهن مكروه، وهو الذي [ ص: 269 ] تحمل عليه الأحاديث سدا لذريعة دخولهن بغير مئزر ، وورد نهيهن عاما ، وحمل على وقت لم يكن لهن حمام مفرد ، فقد قالت أم كلثوم : أمرتني عائشة - رضي الله عنها - فطليتها بالنورة ، ثم طليتها بالحنا ما بين قرنها إلى قدمها في الحمام من حصب أصابها ، فقلت لها : ألم تكوني تنهين النساء عن الحمامات ؟ فقالت : إني سقيمة .
وفي " الجواهر " : لا خلاف في تحريم ، قال دخول الحمام مع من لا يستتر القاضي أبو بكر : فإن استتر دخل بعشرة شروط : أن لا يدخل إلا بنية التداوي ، أو بنية التطهير ; وأن يعتمد أوقات الخلوة ، أو قلة الناس ; وأن تكون سترته صفيقة ; وأن يطرح بصره إلى الأرض ويستقبل الحائط لئلا يرى محرما ; وأن يغير ما رأى من منكر برفق ، يقول : استر سترك الله ; وأن لا يمكن أحدا من عورته إن دلكه من سرته إلى ركبته إلا امرأته ، أو جاريته ; وأن يدخل بأجرة معلومة بشرط أو عادة ; وأن يصب الماء على قدر الحاجة ; التاسع : وإن لم يقدر على دخوله وحده اتفق مع قوم يحفظون أديانهم على كراهية ; العاشر : أن يتذكر عذاب جهنم ، فإن لم يمكنه ذلك كله فليجتهد في غض البصر .