قاعدة : كل محرم إما لأجل وصفه كالخمر ، أو سببه كالبر المغصوب ، وكل ما حرم بوصفه فلا يحل إلا بسببه كالميتة مع الضرورة ، وكل ما حل بوصفه فلا يحرم إلا بسببه ، وقد يقع التعارض في الوصف كالضبع من جهة أن لها نابا ، وأنها كانت تباع في الحرم من غير نكير ، وقد يقع في السبب كالعقد المختلف فيه ، ، ثم وتعارض الأدلة فيكون ذلك موجبا للورع : قسم يجوز الإقدام معه كشبهة الورع ، وشبهة يحرم الإقدام معها كشبهة درء الحد كالأمة المشتركة . الشبهة على قسمين
تنبيه : أجمعت الأمة على أن المفسدة المرجوحة مغتفرة مع المصلحة الراجحة ، فكيف وقع الخلاف إذا خالط يسير حرام كثيرا حلالا ؟ والجواب أن الجمع هاهنا متيسر بالإبراء من ذلك اليسير ، أو الانتظار للقسمة ، أو الإقرار عند الحاكم ، وموضع الإجماع حيث يتعذر الجمع .
[ ص: 323 ] مسألة
في " الجواهر " : قال أبو عبد الله : عماد الدين وقوامه هو المطعم وطيبه ، فمن طيب مطعمه زكى عمله ، وإلا خيف عليه عدم القبول لقوله تعالى : ( إنما يتقبل الله من المتقين ) ، وسألت عائشة رضي الله عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالت : " من المؤمن ؟ قال : الذي إذا أمسى سأل : من أين قرصه ؟ قالت : يا رسول الله ، من المؤمن ؟ قال الذي إذا أصبح سأل : من أين قرصه ؟ قالت : يا رسول الله ، لو علم الناس لتكلفوه ، قال : قد علموا ذلك ، ولكنهم غشموا المعيشة غشما " أي تعسفوا تعسفا ، ونظر عليه السلام إلى المصلين ، فقال : " لا يغرني كثرة رفع أحدكم رأسه وخفضه ، ، والكف عن محارم الله ، والعمل بحلال الله وحرامه الدين الورع في دين الله " ، وقال الحسن : : ذكر اللسان ، فذلك حسن ، وأفضل منه ذكر الله عند أمره ، ونهيه . الذكر ذكران
تنبيه : الدين أن يتكيف القلب حتى يكون بحيث يشق عليه مشقة عظيمة أن يجده الله تعالى حيث نهاه ، أو يفقده حيث اقتضاه ، فهذا هو الرجل الدين ، ليس بكثرة الأعمال الظاهرة ، ولكن هذه الحالة قد يجعلها الله ثمرة الأعمال الظاهرة . بخوف الله ، وإجلاله
تنبيه : إذا وقعت العبادة بشروطها ، وأركانها فقد أجزأت إجماعا ، وبرئت الذمة ، فما معنى القبول الذي يشك فيه بعد ذلك ؟ قال العلماء : القبول الذي يختص بالمتقين هو ترتيب الثواب ، ورفع الدرجات بها ، وفيض الإحسان ، وهو غير الإجزاء ; لأن الإجزاء معناه أنه صار غير مكلف بتلك العبادة ، وهذا عدم المؤاخذة ، ولا يلزم من عدم المؤاخذة حصول الدرجات والمثوبة .
فرع
في " الجواهر " : فإن فواته بالبيع [ ص: 324 ] إنما هو يمنع بعضه ، والشبهة قائمة فيه للخلاف في تقرر الملك بين العلماء ، وكذلك يكره شراء طعام ممن أكرى الطعام بالطعام ، وإن كان الطعام له لفساد العقد ، ويتحرى أبدا الأشبه ، وإذا أخبر البائع أن طعامه حلال ، وهو ثقة يعلم حدود الشرع صدق ، وإلا لم يتحقق الورع ، لكنه خير ممن يقول : لا أدري ، وما غلب عليه الريبة في الأسواق اجتنب حتى يظهر صحة أصله ، وإذا لم يوجد ما يتحرى به إلا سؤال الباعة اعتمد على أصدقهم ، ومنع ليس من الورع شراء ما اشتري شراء فاسدا رجلا كسبه من بلاد السودان أن يعمل قنطرة يعبر الناس عليها ، وليس في كسب بلاد السودان إلا السفر إليها ، فيجتهد الإنسان بحسب الإمكان . سحنون