الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
1202 1157 - مالك ، عن نافع ، عن عبد الله بن عمر ; nindex.php?page=hadith&LINKID=954881أن nindex.php?page=treesubj&link=12302_12286رجلا لاعن امرأته في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم . وانتفل من ولدها . ففرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما . وألحق الولد بالمرأة .
[ ص: 216 ] 26072 - قال أبو عمر : هكذا قال يحيى " انتفل من ولدها " ، وقال سائر الرواة ، عن مالك : وانتفى من ولدها ، والمعنى قريب من السواء .
26073 - قال أبو عمر : وأما قوله : فانتفى من ولدها ، فيحتمل أن يكون الولد حيا ظاهرا في حين اللعان ، فانتفى منه ; إما لغيبة غابها ، أو لاستبراء ادعاه لم يعلم بحملها حتى وضعته ، أو ما أشبه هذا مما ينفي عنه أنه أقر به وقتا ما ثم جحده ونفاه بعد ، ويحتمل أن يكون انتفى من ولدها ، هو حمل ظاهر بها .
26074 - وقد اختلف الفقهاء في nindex.php?page=treesubj&link=12306وقت نفي الولد باللعان .
[ ص: 217 ] 26075 - فقال مالك : إذا رأى الحمل ، فلم ينفه حتى وضعته ، لم ينتف عنه بعد ذلك ، وإن نفاه حرة كانت أو أمة ، فإن انتفى منه حين ولدته وقد رآها حاملا فلم ينتف منه ، فإنه يجلد الحد ، إذا كانت حرة مسلمة ; لأنه صار قاذفا لها ، فإن كان غائبا عن الحمل ، فقدم وقد ولدته فله أن ينفيه .
26076 - وقال الليث فيمن nindex.php?page=treesubj&link=12310أقر بحمل امرأته ، ثم قال بعد ذلك : رأيتها تزني ، لاعن في الرؤية ، ولزمه الحمل .
26077 - وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : إذا nindex.php?page=treesubj&link=12306علم الزوج بالحمل ، فأمكنه الحاكم إمكانا بينا ، فترك اللعان لم يكن له أن ينفيه كالشفعة .
26078 - هذا قوله في الجديد ، وقال في القديم : إن لم ينفه في يوم أو يومين ، لم يكن له أن ينفيه .
26079 - وقال بمصر : لو قال قائل : له نفيه مدة ثلاثة أيام من وقت علم به ، يأتي فيها الحاكم أو يشهد كان مذهبا .
26080 - قال : وأي مدة إن قلت ، له نفيه فيها فأشهد على نفسه ، وهو [ ص: 218 ] مشغول بما يخاف فوته بمرض أو كان مسافرا ، فأشهد ولم يسر فهو على نفيه .
26081 - وكذلك الغائب إذا قال : لم أصدق حملها ، أو الحاضر إن قال : لا أعلم .
28082 - وقال : لو رآها حبلى ، فلما ولدت نفاه ، وقال . لم أدر أنه حمل ، كان له نفيه .
26083 - وقال أبو حنيفة : إذا ولدت ، فنفى ولدها من يوم يولد ، أو بعده بيوم ، أو بيومين ، لاعن وانتفى الولد ، فإن لم ينفه حتى مضت سنة أو سنتان ، ثم نفاه ، لاعن ولزمه الولد .
26084 - ولم يؤقت أبو حنيفة لذلك وقتا ، ووقت أبو يوسف ، ومحمد مقدار النفاس : أربعين ليلة .
26085 - قال : وقال أبو يوسف : إن كان غائبا ، فقدم فله أن ينفيه ما بينه وبين مقدار النفاس منذ يوم قدم ، ما كان في الحولين ، فإن قدم بعد الحولين ، لم ينتف عنه أبدا .
26086 - قال أبو عمر : جملة قول مالك وأصحابه أن الحمل لا ينفيه الزوج بما يدعيه من رؤية الزنا ، ولا ينتفي الحمل إلا بدعوى الاستبراء ، وأنه لم يطأ بعد أن استبرأ .
26087 - nindex.php?page=treesubj&link=12821والاستبراء عند مالك ، وابن القاسم حيضة .
[ ص: 219 ] 26088 - وقال nindex.php?page=showalam&ids=13036عبد الملك بن عبد العزيز : nindex.php?page=treesubj&link=12821لا تستبرأ الحرة في ذلك بأقل من ثلاث حيض .
26089 - ورواه عن مالك .
26090 - وقال ابن القاسم : إن لم يكن الحمل ظاهرا بإقراره أو بينة ، يشهد له به لم ينفه لعانه ولحق به .
26091 - وقال ابن القاسم : لو أكذب نفسه في الاستبراء وادعى الولد لحق به ، وهو أدنى اللعان نفيناه عنه ، وصار قاذفا لها بنفيه ولدها .
26093 - وقال المغيرة المخزومي : إن أقر بالحمل وادعى رؤيته لاعن ، فإن وضعته لأقل من ستة أشهر من يوم الرؤية فهو له ، فإن كان لستة أشهر فأكثر فهو اللعان . فإن ادعاه لحق به وحده .
26093 - قال المغيرة : ويلاعن في الرؤية من يدعي الاستبراء .
26094 - وجملة قول nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وأصحابه : أن كل من نفى الحمل ، وقال : ليس مني لاعن ، وانتفى عنه الولد وإلا أن يكون علم ، فسكت على ما مضى من قوله في توقيت المدة في ذلك .
[ ص: 220 ] 26095 - وقال أحمد ، nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور ، وداود نحو قول nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي .
26096 - ولا معنى عند nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي للاستبراء ; لأن المرأة قد تحمل مع رؤية الدم ، وتلد مع الاستبراء .
26097 - وأما أبو حنيفة ، وأصحابه فلا يجوز عندهم اللعان على الحمل .
26098 - وقال أبو حنيفة : إذا قال : ليس هذا الحمل مني ، لم يكن قاذفا لها ، فإن ولدت ولو بعد يوم ، لم يلاعن بالقول الأول حتى ينفيه بعد الولادة .
26099 - وهو قول زفر ، وقول nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري .
26100 - وقال أبو يوسف ، ومحمد : إن جاءت به بعد هذا القول لأقل من ستة أشهر لاعن .
26101 - وقد روي عن أبي يوسف أنه يلاعنها قبل الولادة .
26102 - وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=12526ابن أبي ليلى ، وعبيد الله بن الحسن ، ومالك ، nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ، nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبي ثور ، وأبي عبيد ، كلهم يقول : يلاعن على الحمل الظاهر .
26103 - وقد روى الربيع ، عن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : لا يلاعنها حتى تلد .
26104 - وكذلك قال nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل قال : ولو نفى الحمل في التعانه عن قذفها لم ينتف ولدها عنه حتى ينفيه بعد وضعها ويلاعن .
[ ص: 221 ] 26105 - وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=12873ابن الماجشون في الملاعنة على الحمل .
26106 - قال nindex.php?page=showalam&ids=12873عبد الملك بن الماجشون : لا يلاعن على الحمل ; لأنه قد ينفش ، فيكون قولا على ريح .
26107 - ومن نفى حمل امرأته عند مالك ، وعبيد الله بن الحسن ، nindex.php?page=showalam&ids=12526وابن أبي ليلى ، وقال : ليس مني ، لاعنها ; لأنه قاذف لها .
26108 - وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : لا يلاعنها إلا أن يقذفها ; لأنه لا يقول : لم يصح عندي حملها ، فينتفي قذفها عنه .
26109 - وقال أبو حنيفة : nindex.php?page=treesubj&link=12195إنكار الحمل من أشد القذف .
26110 - قال أبو عمر : لا يصح عند nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي القذف إلا بالتصريح البين .
26111 - قال أبو عمر : ومن لم ير اللعان على الحمل حتى تلد زعم أن الحمل لا يقطع على صحته ; لأنه قد ينفش ويضمحل .
26112 - قال : فلا وجه للعان بغير استيقان .
26113 - ومن رأى اللعان على الحمل إذا نفاه ، فحجته الآثار المتواترة من حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، وحديث nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ، وحديث أنس ، وحديث nindex.php?page=showalam&ids=31سهل بن سعد : nindex.php?page=hadith&LINKID=954882أن النبي صلى الله عليه وسلم لاعن بين المتلاعنين ، وقال : إن جاءت به على صفة كذا ، [ ص: 222 ] فهو لزوجها ، وإن جاءت به على صفة هذا ، فما أراه إلا قد صدق عليها ، وهذا يدل على أنها كانت حاملا .
26114 - وقد ذكرنا كثيرا من هذه الأحاديث في التمهيد ، وهي متكررة في المصنفات ، والمسانيد .
26115 - وأجمعوا على أنه من nindex.php?page=treesubj&link=12310أقر بالحمل وبان له ، ولم ينكره ، ولم ينفه ، ثم نفاه بعد ذلك لم ينفعه ذلك ، ولحق به الولد ، ويجلد الحد ، إلا عند أبي حنيفة ، وأصحابه ، nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري ، فإنه يلاعن ولا يجلد ، على أصلهم .
26116 - وأما قول nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر : فرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما - يعني بين المتلاعنين - فإن العلماء اختلفوا في كيفية وقوع nindex.php?page=treesubj&link=12288_12287الفرقة بين المتلاعنين .
26117 - فقال مالك : والليث : إذا فرغا جميعا من اللعان ، وقعت الفرقة ، وإن لم يفرق بينهما الحاكم .
26118 - وبه قال زفر ، وأبو عبيد ، nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور .
26119 - وهو عندي معنى قول nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي ; لأنه قال : لا تقع الفرقة بلعان الزوج وحده . [ ص: 223 ] 26120 - قال : ولو nindex.php?page=treesubj&link=27999التعن الزوج ثم مات ، فلا لعان ولا حد ، ويتوارثان .
26121 - وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : إذا قال الزوج الشهادة الخامسة والالتعان ، فقد زال فراش امرأته ، ووقعت الفرقة بينهما .
26122 - قال : ولو لم يكمل الخامسة ومات ، ورثه ابنه وزوجته .
26123 - وقال أبو حنيفة ، وأصحابه : لا تقع الفرقة بعد فراغهما من اللعان حتى يفرق الحاكم بينهما .
26124 - وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري ، وأحمد .
26125 - وقال nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري : إذا تلاعنا ، وفرق الحاكم بينهما ، لم يجتمعا أبدا .
26126 - وكذلك قال nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل .
26127 - قال nindex.php?page=showalam&ids=16542عثمان البتي : وطائفة من أهل البصرة ، أخذوا ذلك عنه : إذا تلاعنا ، فلا أرى اللعان ينقص شيئا يعني من العصمة .
26128 - قال : وأحب إلي أن يطلق .
26129 - وقال عبيد الله بن الحسن : اللعان تطليقة بائنة .
[ ص: 224 ] 26130 - وحجة مالك ومن قال بقوله أن اللعان أوجب الفرقة التي قضى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم عند فراغهما من لعانهما ، وقال له : لا سبيل لك عليها ، إعلاما منه بأن اللعان رفع سبيله عنها .
26131 - حدثني nindex.php?page=showalam&ids=16502عبد الوارث بن سفيان ، قال حدثني nindex.php?page=showalam&ids=16802قاسم بن أصبغ ، قال : حدثني بكر بن حماد ، قال : حدثني مسدد ، قال : حدثني موسى بن يونس .
26132 - وحدثني عبد الوارث ، قال : حدثني قاسم ، قال حدثني محمد بن شاذان ، قال : حدثني nindex.php?page=showalam&ids=17122معلى بن منصور ، قال : حدثني nindex.php?page=showalam&ids=17313يحيى بن أبي زائدة ، قال حدثني nindex.php?page=showalam&ids=16486عبد الملك بن أبي سليمان ، قال : سمعت nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير يقول : سئلت عن المتلاعنين زمن nindex.php?page=showalam&ids=17095مصعب بن الزبير ، أيفرق بينهما ؟ قال : فما دريت ما أقول : فمضيت إلى منزل nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر بمكة . فقلت للغلام : استأذن لي . قال : إنه قائل . فسمع صوتي . قال : ابن جبير ؟ قلت : نعم . ادخل . فوالله ! ما جاء بك هذه الساعة إلا حاجة . فدخلت . فإذا هو مفترش برذعة . متوسد وسادة حشوها ليف . قلت : أبا عبد الرحمن ! nindex.php?page=treesubj&link=12286المتلاعنان ، أيفرق بينهما ؟ قال : سبحان الله ! نعم . إن أول من سأل عن ذلك فلان بن فلان . قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=954883يا رسول الله ! أرأيت أن لو وجد أحدنا امرأته على فاحشة ، كيف يصنع ؟ إن تكلم تكلم بأمر عظيم ، وإن سكت سكت على مثل ذلك . قال : فسكت النبي صلى الله عليه وسلم فلم يجبه . فلما كان بعد ذلك أتاه فقال : إن الذي سألتك عنه قد ابتليت به . فأنزل الله عز وجل هؤلاء الآيات في سورة النور : nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=6والذين يرمون أزواجهم [ النور : 6 - 9 ] فتلاهن عليه ووعظه وذكره . وأخبره أن عذاب الدنيا [ ص: 225 ] أهون من عذاب الآخرة . قال : لا ، والذي بعثك بالحق ! ما كذبت عليها . ثم دعاها فوعظها وذكرها وأخبرها أن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة . قالت : لا ، والذي بعثك بالحق ! إنه لكاذب . فبدأ بالرجل فشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين . والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين ، ثم ثنى بالمرأة فشهدت أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين ، والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين . ثم فرق بينهما .
26133 - وحدثني nindex.php?page=showalam&ids=16002سعيد بن نصر ، وعبد الوارث ، قالا : حدثني قاسم ، قالا : حدثني nindex.php?page=showalam&ids=12070محمد بن إسماعيل ، قال : حدثني الحميدي ، قال : حدثني سفيان ، عن عمرو ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=954884فرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المتلاعنين ، وقال : حسابكم على الله ، أحدكما كاذب ، لا سبيل لك عليها . قال : يا رسول الله ! ما لي ؟ قال : ما لك ، إن كنت صادقا ، فهو بما استحللت من فرجها ، وإن كنت كذبت ، فهو أبعد لك .
[ ص: 226 ] 26134 - قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : تفريق النبي صلى الله عليه وسلم بين المتلاعنين تفريق حكم ليس لطلاق الزوج فيه مدخل ، وإنما هو تفريق أوجبه اللعان ، فأخبره به النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : لا سبيل لك عليه .
26135 - قال أبو عمر : هذا كله معنى قول مالك ، ومذهبه .
26136 - وفي قوله عليه السلام : لا سبيل لك عليها دلالة واضحة أن اللعان هو الموجب للفرقة بينهما وأن الحاكم إنما ينفذ في ذلك الواجب من حكم الله تعالى ولم يكن تفريق النبي - عليه السلام - بين المتلاعنين استئنافا من حكم ، وإنما كان تنفيذا لما أوجب الله تعالى من المباعدة بينهما .
26137 - وهو معنى اللعان في اللغة .
26138 - فعلى الحاكم أن يعلمها بأن اللعان فراق بينهما ، وإن قصر عن ذلك ، ولم يقل : فرقت بينهما . فالفرقة واقعة بتمام اللعان ; لقوله صلى الله عليه وسلم : nindex.php?page=hadith&LINKID=954885لا سبيل لك عليها .
[ ص: 227 ] 26139 - وحجة nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في قوله : إذا أكمل الزوج التعانه عليها إلى آخر الخامسة ، وقعت الفرقة بينه وبين امرأته وزال فراشه ، التعنت المرأة أو لم تلتعن ، أنه لما كان التعان الزوج يسقط الحد عنه ، وينفي الولد عن فراشه إن نفاه في التعانه ، كان كذلك قطع العصمة ورفع الفراش ووجوب الفرقة ; لأن المرأة لا مدخل لها في الفراق وقطع العصمة ورفع الفراش وإنما ذلك بيد الزوج ، ولا معنى لالتعان المرأة إلا في درء الحد عنها ، قال الله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=8ويدرأ عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين والخامسة الآية [ النور : 6 - 7 ] .
26140 - ولما اتفقوا أن nindex.php?page=treesubj&link=12302الزوج بالتعانه ينتفي عنه الولد إن نفاه ، كان كذلك برفع عصمة النكاح ، ألا ترى أن معنى التعان الزوج والتعان المرأة متضادان ; لأن الزوج يدعي ما يوجب الفرقة ويحلف عليه ، والمرأة تنفي المعنى الموجب لوقوع الفراق ، فكيف يعتبر في رفع العصمة التعانها وهي مكذبة لزوجها في وقوع النسب الموجب للفراق ، أم كيف يرتفع النسب وينفى النكاح .
26141 - وحجة الكوفيين ، ومن قال بقولهم في أن الفرقة لا تقع بتمام [ ص: 228 ] اللعان حتى يفرق الحاكم بينهما حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، وحديث nindex.php?page=showalam&ids=31سهل بن سعد : nindex.php?page=hadith&LINKID=954886أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرق بين المتلاعنين ، فأضاف الفرقة إليه لا إلى اللعان ، فلا تقع الفرقة حتى يقول الحاكم : قد فرقت بينهما ، ويعلم من حضره بذلك ، ويشهدهم .
26142 - قالوا : ولما كان اللعان مفتقرا إلى حضور الحاكم ، كان مفتقرا إلى تفريقه بخلاف الطلاق وقياسا على العنين ; لأنه لا تقع الفرقة بينه وبين امرأته إلا بحكم الحاكم بذلك .
26143 - واتفق مالك ، nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ، وأبو حنيفة ، وأصحابهم ، nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري ، nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي ، والليث ، وأحمد ، وإسحاق ، nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور ، وأبو عبيد ، وهو مذهب أهل المدينة ، ومكة ، والكوفة ، والشام ، ومصر : أن nindex.php?page=treesubj&link=12286_12289اللعان لا يفتقر إلى طلاق ، وأن حكمه وسنته الفرقة بين المتلاعنين إما باللعان وإما بتفريق الحاكم ، على ما ذكرنا من مذاهبهم .
26144 - وقال nindex.php?page=showalam&ids=16542عثمان البتي ، وطائفة من أهل البصرة : لا ينقص اللعان شيئا من العصمة حتى يطلق الزوج .
26145 - وهذا قول لم يتقدم nindex.php?page=showalam&ids=16542البتي إليه أحد فيما علمت ، ولا له من الآثار الواردة بالسنن ما يدل عليه ; لأن طلاق عويمر العجلاني بعد تمام التعانها ، [ ص: 229 ] لم يكن بأمر النبي - عليه السلام - ولا قال له النبي - عليه السلام - : أحسنت ، ولا فعلت ما كان يجب عليك ، ولو كان الطلاق واجبا ومحتاجا إليه ، لبينه صلى الله عليه وسلم ; لأنه بعث إلى الناس معلما ، وهم لا يعلمون شيئا وقد قال له ، أو أخبره : لا سبيل لك عليها عند تمام اللعان بينهما ، فبان بذلك أن طلاق العجلاني ، لم يكن له معنى إلا قوله : nindex.php?page=hadith&LINKID=954887كذبت عليها يا رسول الله ، إن أمسكتها ، فطلقها ; ليدل بذلك عند نفسه على صدقه ، ولم يكن ذلك يدخل داخله في حكمه ، فلم يقل له النبي صلى الله عليه وسلم شيئا ، ولا نهاه ، ولا أمره ; لأن طلاقه كان لا معنى له ، وقد بان في حديث ابن وهب ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16736عياض بن عبد الله الفهري ، عن nindex.php?page=showalam&ids=13283ابن شهاب ، أن قوله في آخر حديث مالك بإثر ذكر الطلاق ، فكان ذلك سنة المتلاعنين ، إنما أراد الفرقة ، وألا يجتمعا أبدا .
26146 - كذلك ذكره ابن وهب ، عن عياض ، عن nindex.php?page=showalam&ids=13283ابن شهاب في آخر حديثه في اللعان ، وساقه كنحو سياقة مالك له ، وقال في آخره : ومضت سنة المتلاعنين أن يفرق بينهما ، لا يجتمعان أبدا .
26147 - ذكره ابن وهب في موطئه ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16736عياض بن عبد الله الفهري ، عن nindex.php?page=showalam&ids=13283ابن شهاب في حديثه ، عن nindex.php?page=showalam&ids=31سهل بن سعد في اللعان .
[ ص: 230 ] 26148 - وعياض هذا قد روى عنه الليث ، وغيره ، وهو من شيوخ أهل مصر .
26149 - وقد احتج من قال : إن nindex.php?page=treesubj&link=11754طلاق الثلاث المجتمعات تقع السنة بحديث nindex.php?page=showalam&ids=31سهل بن سعد في طلاق عويمر العجلاني زوجته ثلاثا ، ولم ينكر ذلك عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالوا : لو كان وقوع طلاق الثلاث المجتمعات لا يجوز ، لبينه صلى الله عليه وسلم ، وأنكره عليه ، وقال له : كيف تطلق ثلاثا في مرة واحدة ، وذلك لا يجوز في ديننا وشريعتنا ونحو ذلك ، فلما لم ينكر عليه شيئا من ذلك دل على جوازه .
26150 - وأما من قال : لا تقع السنة ، وإنما هي بدعة لازمة لموقعها ، فإنه قال : لما لم يكن موضع طلاق ; لأن فرقة اللعان أقوى من فرقة الطلاق لم يحتج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى إنكار ذلك عليه ; لأنه فعل فعلا لا معنى له .
[ ص: 231 ] 26151 - وقد أوضحنا هذه المسألة . واجتلبنا أقوال القائلين فيها في أول كتاب الطلاق .
26152 - وأما قول nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر في حديثه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب nindex.php?page=hadith&LINKID=954888وألحق الولد بالمرأة ومنهم من يرويه : nindex.php?page=hadith&LINKID=954889وألحق الولد بأمه ، فمعلوم أن nindex.php?page=treesubj&link=12338الأم لا ينتفي عنها ولدها أبدا ، وأنه لاحق بها على كل حال ; لولادتها له ، لكن معناه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قضى بانتفاء الولد عن أبيه بلعانه ألحقه بأمه خاصة ، كأنه لا أب له فلا يرث أباه ، ولا يرثه أبوه ، ولا أحد بسببه .
وقيل : بل ألحقه بأمه ، فجعل أمه له كأبيه وأمه .
26153 - ولهذا الحديث اختلف العلماء - والله أعلم - في nindex.php?page=treesubj&link=12339ميراث ولد الملاعنة ، وسنورد هذا في بابه بعد هذا ، إن شاء الله تعالى .