الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                        26196 - قال مالك : والعبد بمنزلة الحر في قذفه ولعانه . يجري مجرى الحر في ملاعنته ، غير أنه ليس على من قذف مملوكة حد .

                                                                                                                        [ ص: 242 ] 26197 - قال مالك : والأمة المسلمة والحرة النصرانية واليهودية تلاعن الحر المسلم إذا تزوج إحداهن فأصابها . وذلك أن الله تبارك وتعالى يقول في كتابه : والذين يرمون أزواجهم [ النور : 6 ] فهن من الأزواج . وعلى هذا الأمر عندنا .

                                                                                                                        26198 - قال مالك : والعبد إذا تزوج المرأة الحرة المسلمة ، أو الأمة المسلمة ، أو الحرة النصرانية ، أو اليهودية ، لاعنها .

                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                        26199 - هذا قوله في موطئه .

                                                                                                                        26200 - وروى ابن القاسم عنه ، أنه قال : ليس بين المسلم والكافرة لعان إذا قذفها ، إلا أن يقول : رأيتها تزني ، فيلاعن ، سواء ظهر الحمل ، أو لم يظهر ; لأنه يقول : أخاف أن أموت ، فيلحق بي نسب ولدها .

                                                                                                                        26201 - قال ابن القاسم : وإنما يلاعن المسلم الكافرة في دفع الحمل ، ولا يلاعنها فيما سوى ذلك .

                                                                                                                        26202 - وكذلك زوجته الأمة لا يلاعنها إلا في نفي الحمل .

                                                                                                                        26203 - ورواه عن مالك ، قال : والمحدود في القذف يلاعن .

                                                                                                                        26204 - قال : وإن كان الزوجان جميعا كافرين ، فلا لعان بينهما يعني إلا أن [ ص: 243 ] يتحاكموا إلينا .

                                                                                                                        26205 - قال : والمملوكان المسلمان بينهما اللعان ، إذا أراد أن ينفيا الولد .

                                                                                                                        26206 - وقال الثوري ، والحسن بن حي : لا يجب لعان إذا كان أحد الزوجين مملوكا أو كافرا ، ويحد إن كان محدودا في قذف .

                                                                                                                        26207 - وقال الحسن : ليس بين المملوكين والمشركين حد في قذف . ولا لعان ، ولا يلاعن المحدود في القذف .

                                                                                                                        26208 - وقال الأوزاعي : لا لعان بين أهل الكتاب ، ولا بين المحدود في القذف ، وامرأته .

                                                                                                                        26209 - وقال أبو حنيفة ، وأصحابه : إذا كان أحد الزوجين مملوكا ، أو ذميا ، أو محدودا في قذف ، أو كانت المرأة ممن لا يجب على قاذفها حد ، فلا لعان بينهما إذا قذفها .

                                                                                                                        26210 - وقال ابن شبرمة : يلاعن المسلم زوجته النصرانية إذا قذفها .

                                                                                                                        26211 - وقال عثمان البتي : كل من قذف زوجته بأمر زعم أنه رآه ، لا يبين لغيره ، فإنه يلاعن .

                                                                                                                        26212 - وقال الليث في العبد إذا قذف امرأته الحرة ، وادعى أنه رأى [ ص: 244 ] عليها رجلا ، لاعنها ; لأنه يحد لها إذا كان أجنبيا ، فإن كانت أمة . أو يهودية ، أو نصرانية ، لاعنها في الولد إذا ظهر بها حمل ، ولا يلاعنها الرؤية ; لأنه لا يحد لها في القذف .

                                                                                                                        26213 - قال : والمحدود في القذف يلاعن امرأته .

                                                                                                                        26214 - وقال الشافعي : كل زوج جاز طلاقه ، ولزمه الفرض ، يلاعن إذا كانت ممن يلزمها الفرض .

                                                                                                                        26215 - وأجمعوا أنه لا حد على من قذف محدودا أو محدودة في الزنا ; إذا رماها بذلك الزنا ، ولكنه يعزر ; لأنه آذى المسلمة .

                                                                                                                        26216 - قال أبو عمر : حجة من لم ير اللعان إلا بين الزوجين الحرين المسلمين البالغين قياسا على إجماعهم أنه ليس على من قذف ذمية أو مملوكة حد ، وجعلوا قوله : والذين يرمون أزواجهم [ النور : 6 ] مثل قوله والذين يرمون المحصنات [ النور : 4 ] ذمية ، ولا أمة .

                                                                                                                        قالوا : وكذلك الزوجان .

                                                                                                                        26217 - وحجة من قال : اللعان بين كل زوجين ما احتج به مالك من عموم [ ص: 245 ] الآية في قوله : والذين يرمون أزواجهم [ النور : 6 ] لم يخص حرة من أمة ، ولا مسلمة من ذمية ، فواجب ألا يخص نفسه إلا بزوج بإجماع ، أو سنة ثابتة ، وذلك معدوم ، فوجب حمل الآية على العموم ، كما حمل قوله - عز وجل - : إذا طلقتم النساء [ البقرة : 231 ، 232 ] و للذين يؤلون من نسائهم [ البقرة : 226 ] على العموم .

                                                                                                                        26218 - ولا معنى لقولهم : إن المحدود في القذف لا يلاعن ; لأنه لا تجوز شهادته ، والله قد قال : فشهادة أحدهم [ النور : 6 ] .

                                                                                                                        26219 - وقد أجابهم الشافعي بأن قال : هذا جهل بلسان العرب ; لأن الشهادة هاهنا يمين ، واليمين تكون ممن تجوز شهادته وممن لا يجوز ، وكيف تكون شهادة من يشهد لنفسه مرة ، ويدرأ الحد أخرى في الحر ! !

                                                                                                                        26220 - وقد أجمعوا في اللعان بين الفاسقين فسقط ما ذكروه من الشهادة فالحر والعبد والأمة أولى بذلك في الفاسقين .

                                                                                                                        26212 - والكلام في هذا طويل .




                                                                                                                        الخدمات العلمية