الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                        26170 - قال مالك : وإذا فارق الرجل امرأته فراقا باتا ليس له عليها فيه رجعة ثم أنكر حملها ، لاعنها إذا كانت حاملا وكان حملها يشبه أن يكون منه ، إذا ادعته ما لم يأت دون ذلك من الزمان الذي يشك فيه . فلا يعرف أنه منه .

                                                                                                                        قال : فهذا الأمر عندنا . والذي سمعت من أهل العلم .

                                                                                                                        26171 - قال مالك : وإذا قذف الرجل امرأته ، بعد أن يطلقها ثلاثا وهي حامل يقر بحملها . ثم يزعم أنه رآها تزني قبل أن يفارقها ، جلد الحد ، ولم يلاعنها . وإن أنكر حملها بعد أن يطلقها ثلاثا لاعنها .

                                                                                                                        قال : وهذا الذي سمعت .

                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                        26172 - قال أبو عمر : إنما قال ذلك في المسألتين ; لأنه إذا قذفها بعد أن [ ص: 238 ] طلقها ثلاثا ، فقد قذف أجنبية ، ولا لعان بين أجنبيين ، ويلزمه حد القذف ، وإن لم يأت بأربعة شهداء يشهدون له بما رماها به ، كما يلزم الأجنبي .

                                                                                                                        26173 - وأما إذا أنكر حملها بعد أن بت طلاقها ، وكان إنكاره لحملها في عدتها ، أو في مدة بعد العدة يلحق فيها الولد بصاحب الفراش فإنه يلاعنها ; لأنها في حكم الزوجة في المدة التي يلحق به فيها ولدها . وذلك خمس سنين عندهم ، على اختلاف في ذلك سنذكره عنهم ، وعن سائر العلماء في موضعه ، إن شاء الله عز وجل .

                                                                                                                        26174 - وقد روى يحيى عن ابن القاسم في الذي يطلق امرأته ثلاثا ثم يقذفها في عدتها ، ويقول رأيتها تزني في عدتها ; أنه لا يلاعن .

                                                                                                                        26175 - وهذا خلاف مالك في الموطإ .

                                                                                                                        26176 - وقال سحنون : إن رماها في وقت إن قد بقي من العدة ما لو أتت فيه بولد من يوم رماها ، لزمه الولد فإنه يلاعن ، وإن كان وقتا لو أتت فيه بولد لم يلحقه ، فإنه يحد ولا يلاعن .

                                                                                                                        26177 - وقال يحيى : قال ابن القاسم : إن أتت المرأة بولد بعد انقضاء العدة [ ص: 239 ] إلى أقصى ما تلد له النساء فإنه يلزم الزوج ، إلا أن ينفيه بلعان .

                                                                                                                        26178 - قال أبو عمر : هذا لا شك ، ولا خلاف عندهم فيه - أعني مالكا وأصحابه .

                                                                                                                        26179 - ولم يختلف في المبتوتة تنقضي عدتها ، ثم يقذفها الزوج المطلق لها ، ويقول رأيتها تزني أنها تحد ولا يلاعن .

                                                                                                                        26180 وأما قول سائر الفقهاء في هذا الباب :

                                                                                                                        26181 - فقال ابن شبرمة : إذا ادعت المرأة حملا في عدتها ، فأنكر ذلك الذي تعتد منه لاعنها ، وإن كانت في غير عدة جلد الحد ، ولحق به الولد .

                                                                                                                        26182 - وقال محمد بن الحسن ، عنه ، وعن أصحابه في رجل طلق امرأته تطليقة يملك الرجعة ، فجاءت بولد بعد سنة ، فنفاه ، أنه يلزمه ويضرب الحد ; لأنه قذفها .

                                                                                                                        26183 - وقال الطحاوي : يثبت الحد والنسب ; لأن الحمل كان وهي زوجته ، ويحد ; لأن القذف وقع وهي غير زوجة .

                                                                                                                        26184 - وقال الحسن بن حي في الطلاق البائن : يحد ، ويلزمه الولد .

                                                                                                                        [ ص: 240 ] 26185 - وعند الشافعي : إذا نفى ولدا ، أو حملا ، التعن في العدة ، وبعدها ، وكذلك لو نفى الولد بعد موتها التعن ، وإذا لم ينف حملا ولا ولدا وقذفها وهي مبتوتة حد .

                                                                                                                        26186 - وأما اختلافهم فيمن قذف امرأته فطلقها ثلاثا :

                                                                                                                        26187 - فقال الثوري ، وأبو حنيفة ، وأصحابه : لا حد ولا لعان وحجتهم أن الله - عز وجل - أوجب على الزوج اللعان ، وعلى الأجنبي الحد ، إن لم يأتوا بالشهداء ، واعتبروا ذلك برجوع الشهود ، فقالوا : ألا ترى أن شهودا لو شهدوا بزنا ، فحكم الحاكم بهم ، ثم رجعوا ، لكان رجوع الشهود يسقط الحد عن الأجنبي ، وكذلك حدوث الفرقة قبل اللعان مسقطا .

                                                                                                                        26188 - وقال مالك ، والأوزاعي ، والشافعي ، والليث : يلاعن ; لأن القذف كان وهي زوجة .

                                                                                                                        26189 - وبه قال الليث ، وأحمد ، وإسحاق ، وأبو ثور ، وأبو عبيد .

                                                                                                                        [ ص: 241 ] 26190 - وهو قول الحسن ، والشعبي ، والقاسم بن محمد .

                                                                                                                        26191 - قال أبو عمر : لما أجمعوا أنه قذفها وهي أجنبية ثم تزوجها ، ولم يلاعنها ، كان كذلك إذا قذفها وهي زوجة ، ثم بانت ، لم يبطل اللعان .

                                                                                                                        26192 - وقالوا : لو قذفها بعد أن بانت منه بزنا نسبه إليها ، إلا أنه كان وهي زوجة حد ، ولا لعان إلا أن ينفي ولدا .

                                                                                                                        26193 - وفي المسألة قول ثالث ، فيمن طلق امرأته ثلاثا بعد القذف : أنه يحد ، ولا يلاعن .

                                                                                                                        26194 - قاله مكحول ، والحكم ، وجابر بن زيد ، والحارث العكلي ، وقتادة .

                                                                                                                        26195 - قال أبو عمر : لأنه قاذف غير زوجه في حين المطالبة بالقذف .




                                                                                                                        الخدمات العلمية