مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " وبهذا أقول في الماشية كلها ، والزرع والحائط ، أرأيت لو أن حائطا صدقته مجزأة على مائة إنسان ليس فيه إلا عشرة أوسق ، أما كانت فيه صدقة الواحد ، وما قلت في الخلطاء معنى الحديث نفسه ، ثم قول عطاء وغيره من أهل العلم . وروي عن ابن جريج قال : سألت عطاء عن الاثنين أو النفر يكون لهم أربعون شاة فقال عليهم شاة . الشافعي الذي شك قال : ومعنى قوله " " لا يفرق بين ثلاثة خلطاء في عشرين ومائة شاة ، وإنما عليهم شاة ؛ لأنها إذا فرقت كان فيها ثلاث شياه ولا يجمع بين مفترق ، رجل له مائة شاة وشاة ورجل له مائة شاة ، فإذا تركا مفترقين فعليهما شاتان وإذا جمعتا ففيها ثلاث شياه ، والخشية خشية الراعي أن تقل الصدقة وخشية رب المال أن تكثر الصدقة ، فأمر أن يقر كل على حاله " . لا يفرق بين مجتمع ولا يجمع بين متفرق خشية الصدقة
قال الماوردي : أما الخلطة في المواشي فلا يختلف مذهب الشافعي في جوازها ، وتصح من وجهين خلطة وصف ، وخلطة عين ، فأما ففي صحة الخلطة فيها قولان : الخلطة فيما عدا المواشي من الزروع والثمار والدراهم والدنانير
أحدهما : وهو قوله في القديم ، أن الخلطة فيها لا تصح ، وبه قال مالك وأكثر الفقهاء ، ووجه ذلك قوله صلى الله عليه وسلم والخليطان ما اجتمعا في الرعي والسقي والفحول فلما جعل هذا شرطا في صحة الخلطة ، وهو معدوم في غير المواشي ، دل على أن الخلطة لا تصح في غير المواشي ، ولأن الخلطة إنما جازت في المواشي لما يعود من رفقها على المساكين تارة وعلى رب المال أخرى ، ورفق الخلطة فيما سوى المواشي عائد على المساكين ، والاستدرار بها عائد على أرباب الأموال ؛ فلذلك صحت الخلطة في المواشي لارتفاق الفريقين بها ، ولم تصح فيما عدا المواشي ؛ لاختصاص المساكين بالارتفاق بها ، وأرباب الأموال بالاستضرار بها . والقول الثاني : قاله في الجديد : إن الخلطة تصح في جميع الأموال المزكاة كما تصح في المواشي ، ووجه ذلك عموم قوله صلى الله عليه وسلم " " ولأن الشروط المعتبرة في زكاة المواشي معتبرة في زكاة الدراهم والدنانير والزروع والثمار ، فوجب أن تكون الخلطة الجائزة في المواشي ، جائزة في الدراهم والدنانير والزروع والثمار ، فإن قيل : يبطل بالسوم هو معتبر في المواشي دون غيرها ، قيل : قد يعتبر مثله في الدراهم والدنانير ، وهو أن يتخذها حليا فلا تجب زكاتها . لا يفرق بين مجتمع ولا يجمع بين مفرق
[ ص: 143 ]