مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " ولو أخذ من نصيب الأول نصف شاة لحوله الأول ، فإذا حال حوله الثاني أخذ منه نصف شاة لحوله " . كانت له أربعون شاة فأقامت في يده ستة أشهر ثم باع نصفها ، ثم حال الحول عليها
قال الماوردي : وصورة هذه المسألة في رجل معه أربعون شاة ستة أشهر باع نصفها فهذا على ضربين :
أحدهما : أن يكون المبيع مشاعا في الجملة غير متميز .
والثاني : أن يكون المبيع متميزا عن الباقي غير شائع في الجملة ، فإن كان النصف المبيع مشاعا ، فالكلام فيه يشتمل على فصلين :
أحدهما : في زكاة البائع ، والثاني : في زكاة المشتري ، فنبدأ أولا بزكاة البائع ؛ لأن حوله أسبق فنقول : قد مضى من حوله قبل المبيع ستة أشهر ، فإذا مضت ستة أشهر أخرى والمال على حاله مشاع ، فقد تم حول البائع ولزمه إخراج نصف شاة ، ولا يكون بيع النصف مبطلا لحول الباقي ، هذا منصوص الشافعي وقول جمهور أصحابه كأبي إسحاق وغيره ؛ لأن نصيبه لم ينفك عن النصاب في حوله كله ، لأنه في نصف الحول كان خليطا لنفسه ، وفي النصف الآخر كان خليطا لغيره ، فكان نصيبه في جميع الحول شائعا في نصاب ؛ فلذلك وجبت عليه الزكاة ، وكان أبو العباس وأبو علي بن أبي هريرة وابن خيران يخرجان قولا ثانيا : أن البيع مبطل لما مضى من حوله ، وجعل ذلك مبنيا على اختلاف قول الشافعي في الخلطة ، هل تعتبر في جميع الحول أو في آخره ، فعلى قوله في القديم ، تعتبر في آخره ، وعلى قوله في الجديد تعتبر في جميعه ، فعلى هذا القول أبطلا ما مضى من الحول وأوجبا استئنافه ؛ لتكون الخلطة في جميع الحول ، وهذا التخريج غلط من وجهين .
أحدهما : ما تقدم من التعليل بوجود الخلطة في الحول كله .
والثاني : أنه نص على جواب هذه المسألة في الجديد ، حيث اعتبر الخلطة في جميع الحول ، فعلم أنها لا تبتنى عليه فهذا الكلام في زكاة البائع .