[ ص: 256 ] " باب صدقة الورق "
قال الشافعي رحمه الله تعالى : " أخبرنا مالك عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه قال سمعت أبا سعيد الخدري يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( قال ) وبهذا نأخذ ، فإذا بلغ الورق خمس أواق وذلك مائتا درهم بدراهم الإسلام ، وكل عشرة دراهم من دراهم الإسلام وزن سبعة مثاقيل ذهب بمثقال الإسلام ففي الورق صدقة " . ليس فيما دون خمس أواق من الورق صدقة
قال الماوردي : أما وهي الفضة فواجبة بالكتاب والسنة وإجماع الأمة . فأما الكتاب فقوله تعالى : زكاة الورق خذ من أموالهم صدقة تطهرهم ، [ التوبة : 103 ] ، وقوله تعالى : في أموالهم حق معلوم ، [ المعارج : 24 ] وقوله تعالى : والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم ، [ التوبة : 34 ] ، والكنز المراد بالآية ما لم يؤد زكاته ظاهرا كان أو مدفونا وما أديت زكاته فليس بكنز ظاهرا كان أو مدفونا ، وقد دللنا عليه في أول الكتاب ، وذكرنا خلاف ابن داود وابن جرير .
وأما السنة : فما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضى بين الناس ، فيرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار ما من صاحب فضة ولا ذهب ، لا يؤدي حقها إلا جعلت له يوم القيامة صفائح ثم أحمي عليها في نار جهنم ، تكوى بها جباهه وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال وفي الرقة تأويلان : في الرقة ربع العشر
أحدهما : أنها اسم للفضة قاله ابن قتيبة واستشهد بقول العرب : إن الرقين يعطي أفن الأفين قال : والرقين جمع رقة وهي الفضة .
والتأويل الثاني : أن الرقة اسم جامع للذهب والفضة ، قال ثعلب : وهو أصح التأويلين لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال نحو من نبراس ذهب وفضة وما ذكره ابن قتيبة لا شاهد فيه وأما الإجماع فشائع في خاصة أهل العلم وعامة أهل الملة لا يختلفون فيه كإجماعهم
على الصلوات الخمس .
[ ص: 257 ]