الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " فمن قال فيه الزكاة زكى خاتمه وحلية سيفه ومنطقته ومصحفه ، ومن قال لا زكاة فيه قال لا زكاة في خاتمه ولا حلية سيفه ولا منطقته إذا كانت من ورق ، فإن اتخذه من ذهب أو اتخذ لنفسه حلي امرأة ففيه الزكاة ، وللمرأة أن تحلى ذهبا أو ورقا ولا أجعل في حليها زكاة " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : قد ذكرنا أن ما كان من الحلي محظورا فزكاته واجبة ، وما كان منه مباحا ففي وجوب زكاته قولان ، ونحن الآن نذكر المباح من المحظور ، والمباح على ثلاثة أقسام :

                                                                                                                                            أحدهما : ما أبيح للرجال دون النساء .

                                                                                                                                            والثاني : ما أبيح للنساء دون الرجال .

                                                                                                                                            والثالث : ما أبيح لهما ، فأما المباح للرجال دون النساء فحلية السيف والمنطقة بالفضة دون الذهب : لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لسيفه قبيعة من فضة ولأن في ذلك غيظا للمشركين وإعزازا للمسلمين ، وكذا حلية الدرع والجوشن بالفضة دون الذهب ، فهذا كله مباح وفي زكاته قولان : فإن كان من ذهب كان محظورا وزكاته واجبة ، فأما حلية اللجام بالفضة فقد ذكرنا فيه وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : محظور وفيه الزكاة ، وبه قال أبو العباس وأبو إسحاق : لأنه حلية لفرسه لا لنفسه .

                                                                                                                                            والثاني : مباح كالسيف والمنطقة ، وبه قال أبو الطيب بن سلمة لما روي أنه كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم جمل في أنفه برة من ذهب ، وقيل من فضة ، وكان الجمل لأبي جهل ، ولأن في ذلك غيظا للمشركين ، فهذا كله مباح للرجال دون النساء فإن اتخذه النساء كان محظورا ووجبت فيه الزكاة .

                                                                                                                                            [ ص: 275 ]

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية