مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " وما قيل فيه الزكاة فلا زكاة فيه حتى يبلغ الذهب منه عشرين مثقالا والورق منه خمس أواق " .
قال الماوردي : وهذا كما قال :
ليس يختلف مذهب أن سواء قيل : إن الواجب فيه ربع العشر كالزكاة ، أو الخمس كالركاز ، فإن كان وزنا فلا زكاة فيه حتى يبلغ خمس أواق ، وإن كان ذهبا فلا زكاة فيه حتى يبلغ عشرين مثقالا ، وقد قال النصاب معتبر في المعادن الشافعي في بعض المواضع : " لو كنت الواجد له لزكيته بالغا ما بلغ " على سبيل الاحتياط لنفسه ، ليكون خارجا من الخلاف كما قال في السفر : " أما أنا فلا أقصر في أقل من ثلاث " فلا وجه فيه لما وهم فيه بعض أصحابنا فخرج له ذلك قولا ثانيا . وقال أبو حنيفة يخرج من قليله وكثيره من غير اعتبار نصاب ، وبناء على أصله في أن المأخوذ منه ليس بزكاة وإنما هو كخمس الفيء والغنيمة المأخوذ من قليل المال وكثيره ، والدلالة على أنه زكاة ، وإن وجب فيه الخمس وكذا الزكاة قوله صلى الله عليه وسلم : فلما نفى النبي صلى الله عليه وسلم ما سوى الزكاة ، وأثبت الزكاة وكان في المعادن والركاز حق ثابت ، علم أنه زكاة لنفيه ما سواها ، ولأن مال الفيء مأخوذ من مشرك على وجه الصغار والذلة ، وهذا مأخوذ من مسلم على وجه القربة والطهرة ، فلم يجز أن يجمع بينهما مع اختلاف أحكامهما وموجبهما ، والدلالة على اعتبار النصاب مع ما سلف في باب زكاة الورق والذهب ، ما روي في ليس في المال حق سوى الزكاة المقداد أنه ذهب لحاجة ، فإذا بجرذ يخرج من أرض دنانير فأخرج سبعة عشر دينارا ثم أخرج خرقة حمراء فيها دينار ، فجاء بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يأخذ زكاتها فدل هذا الحديث على أن ما دون النصاب من المعادن والركاز لا شيء فيه والله أعلم . حديث