فصل : فأما السيد فإن أوجبنا زكاة فطرها على الزوج ، وهو أن يكون حرا موسرا ممكنا
فليس على السيد زكاة فطرها : لأن الفطرة تجب مرة والزوج يحملها فسقطت عن السيد ، وإن لم نوجب زكاة فطرها على الزوج ، فذلك على ضربين :
أحدهما : أن يكون السيد مانعا منها غير ممكن للزوج من الاستمتاع بها فزكاة فطرها [ ص: 376 ] على السيد مع نفقتها : لأن السيد لما وجبت عليه نفقتها لمنع الزوج منها ، وجبت عليه زكاة فطرها : لأن الفطرة تبع للنفقة .
والضرب الثاني : أن يكون السيد غير مانع منها ممكنا للزوج من الاستمتاع بها ، وإنما سقطت عن الزوج زكاة فطرها إما لرقه أو إعساره ، فالذي نص عليه الشافعي هاهنا أن على السيد زكاة فطرها ، وقال في أنه لا يجب عليها إخراج زكاة الفطر عن نفسها ، لأنها مفروضة على غيرها فاختلف أصحابنا فكان أكثرهم ينقل جواب كل واحدة من المسألتين إلى الأخرى ، ويخرجها على قولين : الحرة إذا أعسر الزوج بزكاة فطرها
أحدهما : أن على السيد أن يزكي عن أمته ، وعن الحرة أن تزكي عن نفسها .
والقول الثاني : أنه لا يلزم السيد أن يزكي عن أمته ، ولا يلزم الحرة أن تزكي عن نفسها ، وكان أبو إسحاق المروزي يحمل جواب كل واحدة من المسألتين على ظاهره ، فيقول : على السيد أن يزكي عن أمته ، وليس على الحرة أن تزكي عن نفسها .
والفرق بينهما : أن الحرة مستحقة التسليم والتمكين بالعقد ، من غير أن يكون موقوفا على اختيارها ، وليس لها صنع في نقل فرض الزكاة إلى زوجها ، وإذا لم يكن وجوب الزكاة على الزوج باختيارها لم ينتقل وجوب الزكاة إليها ، وليس كذلك الأمة : لأن تسليمها غير مستحق على السيد ، وهو موقوف على اختياره فإن سلمها إلى من يخلفه في تحمل زكاتها سقطت عنه ، وإن سلمها إلى من لا يخلفه في تحملها لم تسقط عنه ، فلم يكن تطوعه بتسليمها سقطا لما وجب عليه من فرض زكاتها والله أعلم .