فصل :  يستحب للفقير أن يتعفف عن السؤال   لما روي عن بعض الصحابة أنه قال  بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة ، وأن لا يسأل أحد أحدا شيئا  وروى  أبو سعيد الخدري   أن أناسا من  الأنصار   سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاهم ، حتى إذا نفد ما عنده قال : ما يكون عندي من خير فلن أدخره عنكم ، ومن يستعفف يعفه الله ، ومن يستغن يغنه الله ، ومن      [ ص: 393 ] يتصبر يصبره الله ، وما أعطي أحد من عطاء أوسع من الصبر  ، وروى  طارق   عن  ابن مسعود   قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم  من أصابته فاقة فأنزلها بالناس لم يسد الله فاقته ، ومن أنزلها بالله أوشك له بالغنى أو بموت عاجل  فلذلك كرهنا له السؤال مع قوله تعالى :  لا يسألون الناس إلحافا      [ البقرة : 273 ] فإن سأل لم يحرم السؤال عليه إذا كان محتاجا ويقصد بسؤاله أهل الخير والصلاح فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم :  إن كنت لا بد سائلا فاسأل الصالحين  وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :  يد الله العلياء ويد المعطي الوسطى ويد المستعطي السفلى  فأما من سأل وهو غني عن المسألة ، بمال أو بصناعة فهو بسؤاله آثم ، وما يأخذه عليه محرم قال النبي صلى الله عليه وسلم :  من سأل وهو غني ، جاءت مسألته يوم القيامة خدوشا أو خموشا أو كدوحا في وجهه ، قيل : وما غناه ؟ قال خمسون درهما أو عدلها من الذهب  وقال صلى الله عليه وسلم  من سأل وله أوقية فقد سأل الناس إلحافا  وليس الغنى بالمال وحده بل قد يكون الرجل غنيا بماله ، وقد يكون غنيا بنفسه وصنعته ، فإذا استغنى بمادة من مال أو صنعة ، كان غنيا تحرم المسألة عليه ، ونحن نسأل الله المعونة وحسن الكفاية بتوفيقه ومنه إن شاء الله .  
				
						
						
