الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " وإن كان يرى الفجر لم يجب وقد وجب أو يرى أن الليل قد وجب ولم يجب أعاد " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا صحيح أما إن اشتبه عليه دخول الليل ، فظن أن الشمس قد غربت ، وأن الليل قد دخل فأفطر فله ثلاثة أحوال :

                                                                                                                                            أحدهما : أن يتبين له أنه كان نهارا ، وأن الشمس لم تكن غربت فعليه الإعادة ، وهو قول عامة الفقهاء . [ ص: 416 ] وحكي عن داود بن علي وبه قال الحسن وعطاء أنه لا قضاء عليه ؛ تعلقا بقوله صلى الله عليه وسلم : " رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه " وبما روي عن عمر رضي الله عنه أنه أتي بسويق ، وهو صائم فأكل ، وعنده أن الليل قد وجب وأكل الناس معه ثم طلعت الشمس ، فقال : والله ما نقضي ما جانفنا إثما .

                                                                                                                                            والدلالة على وجوب الإعادة ما روت أم سلمة قالت : جاء قوم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : إنا ظننا أن الليل قد دخل فأكلنا ثم علمنا أنه كان نهارا ، فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بإعادة يوم مكانه . وروي أن الناس أفطروا على عهد عمر رضي الله عنه ثم بان لهم ظهور الشمس ، فقال عمر رضي الله عنه الخطب يسير نقضي يوما مكانه وهذا صحيح قال الشافعي : يعني إن فيه قضاء يوم ؛ لأنه مما لا يشق ، ولأن الاشتباه لا يسقط حكم الوقت كما إذا اشتبه عليه زوال الشمس فصلى ، ثم بان له الخطأ لزمه الإعادة فكذلك في الصيام .

                                                                                                                                            والحالة الثانية : أن يتبين له أنه أكل بعد غروب الشمس ودخول الليل ، فلا قضاء عليه

                                                                                                                                            فإن قيل : فما الفرق بين هذا وبين من صلى شاكا في دخول الوقت ، ثم بان له أنه كان قد دخل ، في وجوب الإعادة على المصلي ، وسقوطها عن الصائم قلنا : إن الفرق بينهما هو أن الصائم يكون مفطرا بدخول الليل ، وإن لم يأكل ولا يكون بدخول الوقت مصليا حتى يفعل الصلاة . والحالة الثالثة : أن يبقى على جملة الاشتباه ، ولا يتبين له اليقين فهذا يلزمه الإعادة ؛ لأن الأصل بقاء النهار ، فلا ينتقل عن حكمه إلا بيقين خروجه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية