مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " وإن كانت عليه شهادة فعليه أن يجيب ، فإن فعل خرج من اعتكافه " .
قال الماوردي : وهذه المسألة ونظائرها مصورة في اعتكاف وجب متتابعا ، فإذا فله حالان : اعتكف الشاهد ، ثم دعي لإقامة الشهادة
أحدهما : أن لا يتعين عليه إقامتها لوجود غيره من الشهود فهذا ممنوع من الخروج ، فإن خرج بطل اعتكافه ولزمه استئنافه .
والحالة الثانية : أن يتعين عليه إقامة الشهادة لعدم غيره من الشهود ، فهذا مأمور بالخروج ، لإقامتها لقوله تعالى : وأقيموا الشهادة لله [ الطلاق : 12 ] فإذا خرج لم يخل حاله من أحد أمرين ، إما أن يكون قد تحمل الشهادة مضطرا ، أو مختارا ، فإن تحملها مختارا بطل اعتكافه بخروجه ؛ لأن في اختياره للتحمل اختيارا للخروج وقت الأداء وإن تحملها مضطرا لعدم غيره لم يبطل اعتكافه بخروجه فإذا أعاد بنى عليه ؛ لأنه خرج لأمر تعين عليه في الطرفين ، بلا اختيار منه ، فصار كالخارج للغائط والبول ، وقال أصحابنا البصريون فيها وجهان :
[ ص: 497 ] أحدهما : اعتكافه جائز لما ذكرنا .
والثاني : باطل ؛ لأنه وإن تعين عليه الأداء ، فليس يتعين عليه الخروج ؛ لأن القاضي قد يجيء إليه ويسمع شهادته .