مسألة : قال الشافعي رحمه الله : " وقد ذهب بعض المفتين إلى أن تحل حلولها على الميت ، وقد يحتمل أن يؤخر المؤخر عنه لأن له ذمة وقد يملك ، والميت بطلت ذمته ولا يملك بعد الموت ( قال ديون المفلس إلى أجل المزني ) قلت أنا : هذا أصح ، وبه قال في الإملاء " .
قال الماوردي : أما فإنها تحل بالموت ، وهو قول فقهاء الأمصار . الديون المؤجلة
وقال الحسن البصري وابن أبي ليلى : الديون المؤجلة لا تحل بالموت وتكون على آجالها ، لأن مدة الأجل حق ثبت للميت مثل مدة الخيار ، فلما لم تبطل مدة الخيار بالموت لم تبطل مدة الأجل بالموت ، والدلالة على حلول ديونه بالموت أن ماله قد ينتقل بعد موته إلى الغرماء [ ص: 323 ] بديونهم وإلى الورثة بإرثهم ، فلما كان حق الورثة ينتقل إليهم حالا : لأنه لا يبقى للميت ملك بعد موته فوجب أن يكون حق الغرماء ينتقل إليهم حالا : لأنه لا يبقى له أيضا ملك بعد موته ، ولأنه لا يخلو حال التركة في الديون المؤجلة من أحوال ثلاثة :
إما أن تكون موقوفة إلى حلول الدين ، وهذا لا يجوز لما فيه من الإضرار بالورثة في تأخير إرثهم والإضرار بالميت في تأخير دينه مع قول النبي صلى الله عليه وسلم : . نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى
وإما أن يدفع إلى الورثة وهذا لا يجوز ، لأن الله تعالى قضى لهم بالتركة بعد قضاء الدين فقال تعالى : من بعد وصية يوصي بها أو دين [ النساء : 11 ] ، ولأنه لا يخلو أن يقسموا قدر الدين ليكون في ذمتهم أو يعزلوه إلى وقت المحل فلم يجز إقسامهم به ، لأنهم لم يملكوه ، ولأن أرباب الديون لم يرضوا بذممهم ، ولم يجز أن يعزلوه ، لأن فيه تعزيرا به وتعليقا لنفس الميت بدينه وعدم فائدة لهم وللميت بعزله لهم ، فلم يبق وجه إلا أن يتعجلوه ليبرأ ذمة الميت منه ويقتسم الورثة ما فضل عنه .