الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فأما حلول الدين المؤجل بحدوث الفلس فعلى قولين :

                                                                                                                                            أحدهما : أنه يحل بالفلس كما يحل بالموت وهو مذهب مالك ، وهذا على القول الذي يجري حجر الفلس مجرى حجر المرض ، لأن المفلس ينتقل ماله بالفلس إلى غرمائه كما ينتقل مال المريض بالموت إلى ورثته ، فلما كان الموت يوجب حلول الأجل وجب أن يكون الفلس بمثابته يوجب حلول المؤجل ، ويلخص هذا الثلث أن خراب الذمة يوجب التسوية بين الديون الحالة والمؤجلة كالموت .

                                                                                                                                            والقول الثاني : أنها على آجالها - لا تحل بالفلس - وهو مذهب المزني ، وهذا على القول الذي يجري منها حجر المفلس مجرى حجر السفيه ، لأن ديون السفيه لا تحل لبقاء ملكه وجواز استفادته ، فكذلك المفلس لما كان ممن يملك ويجوز أن يحدث له ملك ويبقى له ذمة لم تحل ديونه ، وخالف الميت الذي لا يبقى له ملك ولا يجوز أن يحدث له ملك ولم يبق له ذمة حيث حلت ديونه ، ولأن الحجر على المفلس إنما كان بالديون الحالة دون المؤجلة بدليل أنه لو كانت ديونه مؤجلة لم يجز الحجر عليه بها ، والمفلس إنما يجب صرف ماله فيمن كان الحجر عليه من أجله بدليل أن من حدث دينه بعد الحجر لم يكن مشاركا في ماله الذي وقع عليه الحجر ، فكذلك أرباب الديون المؤجلة .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية