الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : والضرب الثاني : أن ينقطع دمها لأقل من يوم وليلة ، فيعتبر ما بعده من الطهر ، فإن اتصل خمسة عشر يوما فهذا الدم لنقصانه عن يوم وليلة دم فساد وما بعده من [ ص: 182 ] الطهر متصل بالذي قبله وهي في عدتها حتى ترى دم الحيض بعد استكمال طهرها ، وإن لم يتصل الطهر الذي بعد هذا الدم خمسة عشر يوما حتى رأت دما آخر روعي حال الدم الأول ، وإن لم يتصل الطهر الذي بعده هذا الدم خمسة عشر يوما حتى رأت دما آخر روعي حال الدم الأول ، فإن كان أسود لفق بينه وبين الدم الثاني ، فإذا استكملا يوما وليلة بالتلفيق صار الدم الأول مع الثاني حيضا ، وانقضت عدتها برؤية الدم الأول ، فإن كان الأول صفرة أو كدرة فعلى قول أبي سعيد الإصطخري ليس بحيض لوجوده في غير أيام العادة ، وتنقضي عدتها برؤية الدم الثاني إذا اتصل يوما وليلة ، وعلى قول سائر أصحابنا في الصفرة والكدرة أنها حيض في أيام العادة وغيرها يعتبرون حال الثاني ، فإن كان الأول صفرة أو كدرة كان الأول مع الثاني حيضا إذا تلفقا يوما وليلة وانقضت عدتها برؤية الأول ، وإن كان الثاني أسود ففي الأول من الصفرة والكدرة لهم وجهان : أحدهما : - وهو قول أبي إسحاق المروزي - يكون حيضا ، ويسوي بين حكم الصفرة والكدرة في تقدمها على الدم وتأخرها عنه ؛ لوجودها في زمان الإمكان ، ويجعل عدتها منقضية برؤية الصفرة والكدرة .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : - وهو قول أبي العباس بن سريج - أن الصفرة والكدرة إذا تقدمت على الدم لم يكن حيضا ، وإنما يكون حيضا إذا تأخرت عنه ، لأن الدم الأسود أقوى ، والصفرة أضعف ، وأول الحيض أقوى ، وآخره أضعف ، فإذا صادفت الصفرة بالتأخير زمان الضعف وافقه فكان حيضا ، فإذا صادف بالتقدم زمان القوة خالفه فلم يكن حيضا ، ويكون انقضاء عدتها بالدم الثاني دون الصفرة الأولى .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية