الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإذا تقرر ما وصفنا من أن أقل زمان الاحتلام عشر سنين فمتى وضعت زوجة الغلام ولدا نظرنا ، فإن كان له عند ولادتها أقل من عشر سنين لم يلحق به الولد وكان منتفيا عنه بغير لعان لاستحالة أن يكون مخلوقا من مائه ، وإذا استحال لحوق النسب بالفراش انتفى عنه ، كمن وضعت لأقل من ستة أشهر من وقت العقد وإن ولدته [ ص: 20 ] لأكثر من عشر سنين لستة أشهر فصاعدا ألحق به الولد ، لأن العشر سنين أقل زمان الاحتلام ، والستة أشهر أقل مدة الحمل ، فصار لحوقه ممكنا ، والأنساب تلحق بالإمكان ، وإن ولدته لأكثر من عشر سنين ، وأقل من ستة أشهر بعدها لم يلحق به ؛ لأن العلوق يصير لأقل من عشر سنين . فلذلك انتفى عنه ، كمن ولدته لأقل من عشر سنين ، وهذا وإن لم يصرح به الشافعي فهو معلوم من أصول مذهبه فلذلك أطلقه ، فلو مات الزوج لم تنقض عدتها بوضعه لنفيه عنه ، واعتدت بأربعة أشهر وعشر . وإذا لحق به الولد لعشر سنين وستة أشهر لم يكن له أن يلاعن لنفيه حتى يبلغ ، فإن قيل : فكيف جعلتموه في حكم البلوغ في لحوق الولد به ، ولم تجعلوه في حكم البلوغ في اللعان ؟ ومن الممتنع أن يجري عليه حكم البلوغ في شيء دون شيء . قيل : الفرق بين لحوق الولد ونفيه من وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن لحوق الولد معتبر بالإمكان ، وقد يمكن أن يكون بالغا فألحقناه ، ونفي الولد معتبر باليقين ، ولسنا على يقين من بلوغه فمنعناه من نفيه .

                                                                                                                                            والثاني : أن لحوق الولد به حق عليه فألحقناه به مع الإمكان ، ونفي النسب حق له . فلم يستبح نفيه بالإمكان .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية