الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وأما الممسوح فهو المقطوع الذكر المسلوب الأنثيين فهذا على ضربين : أحدهما : أن يكون مخرج المني ملتحما ، فهذا غير قادر على الإيلاج لجب ذكره وغير قادر على الإنزال لالتحام مخرجه فلا يلحق به الولد لعدم مائه ، وقد قال الله تعالى : وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا [ الفرقان : 54 ] . فإذا عدم الماء استحال الولد ، فإن طلق لم تعتد منه لعدم دخوله ، وإن مات اعتدت منه بالشهور دون الحمل كالصبي . والضرب الثاني : أن يكون مخرج المني مفتوحا ، فقد اختلف أصحابنا في لحوق الولد به على وجهين : أحدهما : وهو قول أكثر أصحابنا أنه لا يلحق به ، لأن المني بسل الأنثيين قد بعد ولده بجب الذكر وقد قعد . والوجه الثاني : وهو قول أبي سعيد الإصطخري ، وأبي بكر الصيرفي ، وأبي عبيدة بن حربويه أنه يلحق به الولد ، لأن إنزاله من الظهور مجوز ، وإن كان مستبعدا والولد يلحق بالإمكان والجواز ، وقد حكي أن أبا عبيدة بن حربويه من أصحابنا قلد قضاء مصر فقضى في مثل هذا بلحوق الولد فحمله الخصي على كتفه ، وطاف به في الأسواق وقال : انظروا هذا القاضي يلحق أولاد الزنا بالخدم . فأما إن بقي إحدى أنثيي المجبوب لحق به الولد وجها واحدا سواء كانت يمنى أو يسرى . وقال بعض أصحابنا : إن بقيت اليسرى لحق به الولد ، وإن بقيت اليمنى لم يلحق به ، لأن اليسرى للمني ، واليمنى لشعر اللحية وهذا خطأ ؛ لأنه من قول الطب ولا يعول عليهم في أحكام الشرع ، وقد وجد في إنسان ذو خصية واحدة وكان ذا لحية وأولاد ، فإن كانت يمنى فقد ولد له ، وإن كانت يسرى فقد نبتت له لحية فعلم فساد هذا القول . فإن قلنا : إن الولد لا يلحق به لم تنقض به العدة ولم يلزم إلا في الوفاة دون الطلاق بأربعة أشهر وعشر . وإن قلنا : إنه يلحق به انقضت عدتها في الوفاة بوضعه ولم يلزمها في الطلاق عدة إلا أن تكون حاملا فيجري عليها حكم العدة في المنع من الأزواج حتى تضع - والله أعلم - .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية