[ ص: 223 ] باب في عدة الأمة
قال الشافعي رحمه الله " ، فقال في الإماء فرق الله بين الأحرار والعبيد في حد الزنا فإذا أحصن فإن أتين بفاحشة الآية ، وقال تعالى وأشهدوا ذوي عدل منكم وذكر المواريث فلم يختلف أحد لقيته أن ذلك في الأحرار دون العبيد ، وفرض الله وسن صلى الله عليه وسلم أن تستبرأ الأمة بحيضة وكانت العدة في الحرائر استبراء وتعبدا ولم أعلم مخالفا ممن حفظت عنه من أهل العلم في أن العدة ثلاثة أشهر وفي الموت أربعة أشهر وعشرا فلم يجز إذا وجدنا ما وصفنا من الدلائل على الفرق فيما ذكرنا وغيره إلا أن نجعل عدة الأمة نصف عدة الحرة فيما له نصف ، فأما الحيضة فلا يعرف لها نصف فتكون عدتها فيه أقرب الأشياء من النصف إذا لم يسقط من النصف شيء ، وذلك حيضتان . وأما الحمل فلا نصف له كما لم يكن للقطع نصف فقطع العبد والحر ، قال عدة الأمة نصف عدة الحرة فيما له نصف معدود عمر رضي الله عنه : يطلق العبد تطليقتين وتعتد الأمة حيضتين ، فإن لم تحض فشهرين أو شهرا ونصفا " .
قال الماوردي : إذا طلقت الأمة فعليها العدة ، والعدة على ثلاثة أقسام : عدة بالحمل ، وعدة بالأقراء ، وعدة بالشهور . فأما ، فلا تنقضي عدتها إلا بوضع الحمل لقول الله : العدة بالحمل فتستوي فيه الحرة والأمة وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن [ الطلاق : 4 ] ولقول النبي صلى الله عليه وسلم : عدة كل ذات حمل أن تضع حملها ولأن ، ولا يبرأ رحم الحامل إلا بالولادة فاستوت فيه الحرة والأمة ، وأما العدة بالأقراء ، موضع العدة لاستبراء الرحم بخلاف الحرة . وبه قال فعدة الأمة قرآن مالك ، وأبو حنيفة وهو قول جمهور الصحابة والتابعين . وقال داود وأهل الظاهر : عدتها ثلاثة أقراء كالحرة استدلالا بقول الله تعالى : والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء [ البقرة : 228 ] ولم يفرق بين حرة وأمة ، كما لم يفرق بين مسلمة وذمية ؛ ولأن الأمة لما ساوت الحرة في العدة بالحمل وجب [ ص: 224 ] أن تساويها في العدة بالأقراء ؛ لأنها عندنا فرقة واحدة : ولأن الأمة مساوية للحرة في أحكام النكاح من المهر والنفقة ، والكسوة ، والسكنى فوجب أن تساويها في عدة النكاح . ودليلنا رواية نافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : يطلق العبد تطليقتين وتعتد الأمة حيضتين . وروى مظاهر بن أسلم عن القاسم بن مفيد عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : وحديث طلاق الأمة طلقتان ، وعدتها حيضتان ابن عمر أثبت : لأن في حديث مظاهر بن أسلم التواء ؛ ولأنه إجماع الصحابة . وروي عن عمر قال : يطلق العبد تطليقتين وتعتد الأمة حيضتين ، ووافقه علي ، وابن عمر رضي الله تعالى عنهم وليس لهم في الصحابة مخالف فكان إجماعا ؛ ولأن الاستبراء موضوع على التفاضل فيما عدا بحسب التفاضل في المستبرأ : لأن استبراء الأمة في الملك بحيضة واحدة لنقصها بالرق وعدم العقد ، واستبراء الحرة بثلاثة أقراء لكمالها بالحرية والعقد ، ونكاح الأمة منزل منها : لأنها قد ساوت الحرة في العقد ، وشاركت الأمة في الرق فصارت مقتصرة عن الحرة بالرق ومتقدمة على الأمة بالعقد ، فوجب أن يكون بين منزلتيهما في الحرمة فتزيد على الأمة قرءا بالعقد ، وتنقص عن الحرة قرءا بالرق فيكون عليها قرآن . فأما الآية فمخصوصة العموم بما ذكرنا . وأما الحمل فإنما ساوت الأمة فيه الحرة لأنه لا يتجزأ . وأما أحكام النكاح فهي في أكثرها مخالفة للحرة ، وكذلك في أكثر العدة .